منتدى كلية الاداب جامعة عين شمس في حالة وجود اي شكوي anwer_ihab@yahoo.com
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا
ادارة المنتدي
في حالة وجود اي شكوي يمكنك مراسلة الادارة عبر البريد الالكتروني
anwer_ihab@yahoo.com
منتدى كلية الاداب جامعة عين شمس في حالة وجود اي شكوي anwer_ihab@yahoo.com
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا
ادارة المنتدي
في حالة وجود اي شكوي يمكنك مراسلة الادارة عبر البريد الالكتروني
anwer_ihab@yahoo.com
منتدى كلية الاداب جامعة عين شمس في حالة وجود اي شكوي anwer_ihab@yahoo.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى كلية الاداب جامعة عين شمس في حالة وجود اي شكوي anwer_ihab@yahoo.com

يقوم المنتدى بمناقشة جميع اقتراحات الطلاب فى جميع اقسام الكلية وايضا كل مواضيع الضحك واللعب كمان وتابعونا علي صفحتنا علي الفيس بوك ( اداب عين شمس https://www.facebook.com/groups/198810466953202/)
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حد يساعدنى

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
dmx
عضو نشيط
عضو نشيط
dmx


عدد الرسائل : 26
تاريخ التسجيل : 09/11/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالخميس أبريل 29, 2010 6:22 pm

من فضلكم ياجماعه حد يعرف حاجه عن التحليل الماركسى للذه عند إبيقور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: ابيقور   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:37 am

حد يساعدنى Image006

ولد أبيقور حوالي سنة 341 ق م
وتوفٌي حوالي
270 ق م (أي أنٌه يأتي بعد سقراط وأفلاطون وأرسطو
في التٌرتيب الزٌمني)
وهو فيلسوف يوناني أسٌس المدرسة الأبيقوريٌة. هاجر إلى أثينا
حوالي سنة
311 ق م واستقرٌ فيها ودرٌس الفلسفة. لم يبقى من الكتب التي
ألٌفها سوى
شذرات من الحكم وثلاث رسائل.


أهمٌ ما
وصلنا من فلسفته يدور حول المسألة الخلقيٌة. وأطروحته الأساسيٌة تتمثٌل
في أنٌ
اللذٌة هيٌ الخير الأسمى وهي "غاية الحياة السٌعيدة". ويتأسٌس تصوٌر
أبيقور للسٌعادة على تصوٌره للإنسان فباعتبار أنٌ الإنسان جسد و نفس فإنٌ
سعادته
تكمن في تحقيق الخير الملائم لطبيعة كليهما. والخير الملائم لطبيعة الجسد
هو
اللٌذٌة أماٌ الخير الملائم لطبيعة النٌفس فهي الطٌمأنينة . وبالتٌالي
سيكون على
الفلسفة الأبيقوريٌة أن تجيب عن السٌؤالين التٌاليين : كيف السٌبيل إلى
تحقيق
أكبر قدر ممكن من اللٌذٌة؟ وكيف السٌبيل إلى تحقيق الطٌمأنينة؟


أمٌا عن
السٌؤال الأوٌل فيجيب أبيقور أنٌ ذلك يتحقٌق بالإعتدال. إذ خلافا لما
يعتقده
البعض، ليست الأبيقوريٌة دعوة إلى التٌمتٌع باللٌذٌة في كلٌ الحالات ودون
أيٌ
شروط، ذلك أنٌ اللٌذٌة التي تحصل بإشباع الرٌغبات هيٌ لذٌة يخالطها
الكثير من
الألم والإفراط في طلبها لا يمكن أن يؤدٌي إلاٌ إلى التٌعاسة والهلاك.
وفي
الحقيقة يقدٌم أبيقور معنى جديدا للٌذٌة إذ اللٌذٌة عنده لا تكمن في
إشباع
الرٌغبة وإنٌما في غياب الرٌغبة وهي عندئذ غياب للألم الذي يصحبها.


أمٌ عن
السٌؤال الثٌاني فيجيب أبيقور إنٌ ذلك يتحقٌق بالتٌخلٌص ممٌا يسبٌب
اضطراب
النٌفس والنٌفس تضطرب من الخوف من أمرين أساسيين : الآلهة والموت. ولا
يستطيع
الإنسان أن يتخلٌص من هذا الخوف إلاٌ بالوعي بلا مشروعيٌته في كلتا
الحالتين.
فبالنٌسبة للموت ليس هنالك ما يدعو إلى الخوف منه إذ الموت في الحقيقة
أمر لا
يهمٌ الأحياء. إذ بناء على أنٌ الموت هو نهاية فعلية للإنسان فلا يمكن
للإنسان
أن يواجهه "فعندما أوجد لايوجد الموت وعندما يكون الموت لن أكون
موجودا" فلم الخوف إذا؟ أمٌا الآلهة فأبيقور لاينفي وجودها لكنٌه يعتبر
أنٌ
الكائن الكامل لا يهتمٌ إلاٌ بنفسه وبالتٌالي فالإلاه لاتهمٌه شؤون البشر
ومن
ثمٌة فليس هنالك ما يدعونا إلى الخوف من عقابه.


عدل سابقا من قبل تغريد مصطفى ابراهيم في الثلاثاء أغسطس 17, 2010 1:51 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:38 am

حد يساعدنى Image007



أمٌا أنٌ
الٌلذٌة خير فذلك أمر بديهيٌ يشعر به الإنسان كما يشعر أنٌ النٌار حارٌة
وانٌ
الثٌلج أبيض.


إنٌ
اللٌذٌة هيٌ بداية الحياة السٌعيدة وغايتها.


بالنٌسبة
لي لا يمكنني أن أتصوٌر ماهو خير إذا استبعدنا ملذٌات الطٌعام والحبٌ
وكلٌ ما
يمتٌع العين والأذن.


إنٌنا لا
نبحث عن أيٌة لذٌة... ولا ينبغي أن نتجنٌب كلٌ ألم.


اللٌذٌة
التي نقصدها هي التي تتميٌز بانعدام الألم في الجسد والإضطراب في الجسد.


وبمجرٌد
أن تتحقٌق لنا هذه الحالة حتٌى تهدأ كلٌ عواصف النٌفس ولن يكون على
الكائن الحيٌ
أن يسعى إلى شيء ينقصه.


عندما
أوجد لايوجد الموت وعندما يكون الموت لن أكون موجودا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:39 am

إبيقور

إبيقور (341-270 ق.م) وُلِدَ في جزيرة ساموس، قام بإدارة مدرسة للفلسفة في
أثينا منذ عام 306 قبل الميلاد وحتى وفاته. كان أبيقور
وافر الكتابة، منها ثلاث رسائل تلخص تعاليمه، ومن أهم المراجع المؤرخة
لفلسفته قصيدة طويلة للشاعر الروماني لوكريشيس عنوانها: في
طبيعة الأشياء
. ومما يميزه جعله اللذة في مرتبة الحكمة..
أبيقور (341-270 ق.م.)
Epicurus / Epicure

فيلسوف مادي وإلحادي من العصر الهليني. كان
أبيقور ينكر تدخل الآلهة في شؤون العالم، وينطلق من الاعتراف بخلود
المادة، التي تملك مصدرا داخليا للحركة. وقد أحي أبيقور المذهب الذري
عند ليوكيبوس وديمقريطس مضيفا تغييراته الخاصة. فقد أدخل فكرة
'الانحرافات" الآني (المشروط بظروف داخلية) للذرات عن مسارها، لكي يفسر
إمكان تصادم الذرات المتحركة في الفضاء الحاوي بسرعة متساوية. وهذا هو
أساس نظرة أعمق للتداخل بين الضرورة والصدفة، وخطوة للأمام بالمقارنة
بالحتمية الآلية عند ديمقريطس. وأبيقور حسي في نظرية المعرفة،
فالأحاسيس صادقة بذاتها لأنها تنطلق من الواقع الموضوعي: أما الأخطاء
فتنشأ عن تفسير الأحاسيس. ويشرح أبيقور أصل الأحاسيس بطريقة مادية
ساذجة: تدفق مستمر للجزئيات الدقيقة يزاح من سطح الأجسام ليخترق الحواس
ويحدث فيها صورا للأشياء. وهدف المعرفة تحرير الإنسان من الجهل
والخرافات، من الخوف من الآلهة والموت، الذي بدونه تكون السعادة
مستحيلة. وفي مجال الأخلاق، يبرر أبيقور المتع العقلية القائمة على
المثل الأعلى الفردي للافلات من الألم وتحقيق حالة هدوء ومتعة للروح.
وأكثر حالات الإنسان عقلانية ليست هي النشاط وإنما السلام الكامل،
السكينة. وقد شوهت الفلسفة المثالية (هيجل مثلا) المذهب المادي
لأبيقور.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:41 am

الماركسية والايكولوجيا ماركس-دارون-ابيقور

[b]ابيقور
ولد الفيلسوف الاثيني ابيقور في جزيرة
ساموس عام 341 قبل الميلاد، بعد ستة سنوات على وفاة افلاطون عام 347 قبل
الميلاد، وقبل ستة سنوات من قيام ارسطو بفتح مدرسته في مدينة لاكيوم. وفي
عام 306 قبل الميلاد فتح ابيقور " حديقته " التي كانت في الواقع مدرسة يعلم
فيها مريديه والتي ذاع صيتها في جميع انحاء العالم اليوناني القديم عند
وفاته عام 270 قبل الميلاد. وقد سميت بالحديقة لان ابيقور كان يفضل اعطاء
الدروس في حديقة المدرسة بدلا من الصفوف المغلقة. وقد عاش ابيقور النتائج
التراجيدية للامبراطورية المقدونية، بعد ان نشب الصراع الدموي بين من خلف
الاسكندر المقدوني لتقسيم امبراطوريته، وهي مرحلة كان السيف هو الفاصل بين
الفرقاء بدلا من النشاط السياسي. ومع ذلك اصر ابيقور على تزويد مريديه
بفلسفته المادية التأملية. وامتد أثر الفلسفة الابيقورية ليصل عهد
الرومان، لكن العصور الوسطى وكنيستها المهيمنة حاربت تعاليمه واعتبرته
هرطقيا معاديا للمسيحية وحكمت باتلاف كل نتاجه الفكري. ولهذا السبب لم يصل
الينا الى النزر القليل، وما وصل الينا كان عبر مصادر غير مباشرة، ومن
اهمها، خصوصا المعروف منها ايام ماركس، الملحمة الشعرية للشاعر الروماني
لوكريتيوس ( حوالي 99-55 قبل الميلاد) والتي حملت عنوان " حول طبيعة
الاشياء" (De Rerum Natura) [35] ، حيث اجمع الكثير من الباحثين على امانة
لوكريتوس في نقل تعاليم استاذه الى درجة استخدامه التعابير الاصلية
لابيقور. وكان لوكريتيوس قد عاش هو الاخر مرحلة تراجيدية تمثلت في سقوط
الجمهورية الرومانية.

ثلاثة مصادر جديدة

لابد من الاشارة
هنا، وقبل الخوض في الفلسفة الابيقورية، ان المرحلة التي اعقبت وفاة ماركس
قد شهدت اكتشاف ثلاثة مصادر جديدة للارث الابيقوري. ففي عام 1884، اي بعد
عام واحد على وفاة ماركس، اكتشفت مجموعة من منقبي الاثار، فرنسيين
ونمساويين، بقايا ما يعرف بالجدار الصخري العظيم لمدينة اوينواندا التي تقع
جنوب غرب تركيا، حيث عاش فيها الفيلسوف ديوجينس (حوالي 200 ميلادية)،
المتأثر بالفلسفة الابيقورية، وقد قام بنقش تعاليم ابيقور على الجدار
الصخري لمسافة اربعين مترا. اما الاكتشاف الثاني فقد تمثل في اكتشاف مكتبة
الفيلسوف فيلوديموس، وهو من ابرز اتباع الابيقورية، وكانت مكتبته الواقعة
في مدينة هرقيلانيوم على الساحل الغربي لايطاليا، قد دفنت تحت التراب بفعل
ثورة بركان جبل فيسيوفيوس عام 79 ميلادية، ووجد المنقبون في القرن الثامن
عشر عشرات الملفوفات الورقية التي ضمت الفسم الاكبر من تعاليم ابيقور عن
الطبيعة، ولا يزال العمل جاريا لترميم هذه الملفوفات الورقية. [36]. وتمثل
الاكتشاف الثالث في وجود اجزاء من تعاليم ابيقور الاصلية في مكتبة
الفاتيكان. وتعرف هذه الاجزاء اليوم باسم " اقوال ابيقور" وجرى اكتشافها
عام1888 .[37]

المذهب الذري

لقد احيى ابيقور المذهب الذري
عند ليوكيبوس (حوالي 430 قبل الميلاد) وديموقريطس (حوالي 420 قبل الميلاد).
وكان الاخير يرى ان الواقع كله يتألف من عدد لانهائي من ذرات لا تتغير،
صغيرة جدا لايمكن رؤيتها، ذات اشكال واحجام مختلفة، تتواجد في الفراغ.
ولهذه الذرات، حسب ديموقريطس، خاصية الحركة، وهي تتحد وتنفصل عن بعضها
البعض بطرق مختلفة لتشكل لنا مواضيع الاحاسيس. وللذرات، عند ديموقريطس،
خاصيتان اساسيتان: الشكل والحجم. ويقول بعض الباحثين بانه قد الحق خاصية
ثالثة بالذرات وهي الوزن، وحجتهم في ذلك قوله بان الذرات تهبط من الاعلى
الى الاسفل، ولابد ان يكون بذلك واعيا لموضوع الوزن، في حين تؤكد الاكثرية
بان خاصية الوزن هي من اضافات ابيقور. هذه الاضافات التي كان جوهرها قول
ابيقور بان الذرات لا تتحرك وفقا لمخطط سابق، قبلي، محتوم، بل ان بعضها "
تزوغ" او " تنحرف" عن مسارها صانعة بذلك عنصر الصدفة واللاحتمية، وبالتالي
تفسح المجال لارادة حرة، وتمثل اساسا لنظرة اعمق للعلاقة بين الضرورة
والصدفة، وتعتبر خطوة الى الامام بالمقارنة مع الحتمية الميكانيكية
لديموقريطس. وفي هذا الصدد قال هيغل، في محاضراته عن تاريخ الفلسفة " لقد
احس العلم ، ولاول مرة، في نظرية الذرات، بخلاصه من الشعور بان لا اساس له
في العالم".

نظام محكم
كانت الفلسفة الابيقورية نظاما منطقيا
محكما، فبعد بضعة فرضيات اولية يمكن بسهولة استنباط معظم احكامها. ومن اهم
هذه الاستنباطات التصور عن الفضاء اللامحدود ( والعدد اللامحدود من
العوالم) والزمان اللامتناهي. كما تطرقت تعاليم ابيقور الى مسألة انقراض
الانواع وارتقاء البشر من اصول متوحشة. وبدى واضحا اليوم ان فلسفته المادية
قد توقعت، الى درجة كبيرة، العديد من الاكتشافات العلمية التي جرت حديثا،
كما يتفق جميع الباحثين على تأثيره الكبير على رواد العلم وعلى الثورة
العلمية للقرن السابع عشر وعلى حركة الانوار في اوربا. ومثال بسيط على ذلك
نذكر ان من اوئل الفرضيات الابيقورية هي قوله " لاشيء خلق من لا شيء بفعل
قدرة إلهية" و ان " الطبيعة...لايمكن ان ترتد الى العدم"، وهما، اي
القولان، اساس ما يعرف اليوم بـ " قانون الحفظ" . ولكن لا بد من التنويه
الى ان الباحث بنجامين فارنغتون يصر على ان قانون الحفظ يعود في الاصل الى
ديموقريطس " الذي وضعه لاول مرة في مكانه الصحيح باعتباره اول مبدأ في
الفكر العلمي حول العالم الفيزيائي" [38].

لقد سعى ابيقور الى تخليص
الطبيعة من الغائية والقدرات الخارقة للآلهة، التي برغم اعترافه بوجودها
الى انها موجودة فقط في الفراغات الكائنة بين العوالم. كما رفض ابيقور
الحتمية المطلقة في التعامل مع الطبيعة، فغرض العلم هو " تخليص البشر من
خوف الظواهر والموت" ، فعند محاولتنا لفهم ظاهرة كسوف القمر مثلا، فان على
العلم ان يقدم تفسيرا او عدة تفسيرات لها، كالقول بان السبب هو توسط القمر،
او توسط جسم غير منظور، او انطفاء الشمس مؤقتا، وليس من الضروري، حسب
ابيقور، تفضيل اي من التفسيرات، طالما ان كل واحد منها يكفي لتبديد الخوف
من الكسوف. بمعنى آخر انه كان مؤمنا بالنسبية كما هو حال العديد من علمائنا
اليوم الذين يرون ان القوانين العلمية هي قوانين نسبية.[39]

وابيقور
حسي في نظرية المعرفة. فالاحاسيس صادقة بذاتها لانها تنطلق من العالم
الموضوعي، اما الاخطاء فتنشأ عن تفسير الاحاسيس. وعند تكرار الاحاسيس فانها
تحدث في العقل معنا كليا نثبته في لفظ محدد، ويبقى في الذاكرة باعتباره "
تصور قبلي" (Preconception) ( Prolepsis) يمثل اساسا لتنظيم المعلومات
المعرفية في مقولات. وكان ماركس قد اولى المفهوم الابيقوري عن " التصور
القبلي" اهتماما كبيرا في بداية دفاتر ملاحظاته عن الفلسفة الابيقورية.
[40]

الاخلاق محور الفلسفة
والاخلاق عند ابيقور هي محور الفلسفة
وغايتها. ونقطة انطلاقها هي التغلب على الخوف من الموت الذي تفاقم بتأثير
الدين والخرافات. فحسب ابيقور ان الموت لا يهم الاحياء " فعندما اوجد لا
يوجد الموت وعندما يكون الموت لن اكون موجودا" فلم الخوف اذا؟. ويقول ايضا
" ان اي منا لن يكون متحررا من جميع الافكار المزعجة والمخيفة اذا لم يكن
لديه معرفة علمية للطبيعة فبدونها سيكون تحت سيطرة الخرافات والاساطير"
[41].

وبرغم ان اللذة هي احدى الطروحات الاساسية لابيقور الا انها
استغلت من قبل الكثيرين لتشويه الفلسفة الابيقورية واتهامها بانها " مذهب
متهافت وسخيف" [42]. فابيقور لا يدعو الى الى التمتع باللذة في كل الحالات
ودون اي شروط، ذلك ان اللذة التي تحصل باشباع الرغبات هي لذة يخالطها
الكثير من الالم، والافراط في طلبها سيؤدي الى التعاسة والهلاك. وبهذا
المعنى فان ابيقور يقدم معنى جديدا للذة، فهي عنده لا تكمن في اشباع الرغبة
بل في غياب الرغبة وهي عندئذ غياب للالم الذي يصحبها. ونقرأ له " اما ان
اللذة خير فذلك امر بديهي يشعر به الانسان كما يشعر ان النار حارة وان
الثلج ابيض" ولكن " اللذة التي نقصدها هي التي تتميز بانعدام الالم في
الجسد والاضطراب في النفس" ، وكذلك " ليس هناك لذة او متعة هي سيئة بحد
ذاتها او لذاتها، ما هو سيء هو ان لا تستخدم عقلك عندما تختار اي من المتع
التي تقبل عليها او تلك التي تتجنبها"[43].

مبدأ الصداقة
ومن اهم
متطلبات الحياة السعيدة عند ابيقور هي الصداقة التي تمثل المبدء الذي ينظم
الحياة والمجتمع، وبهذا المعنى فان الصداقة عند ابيقور تنطوي على اسقاطات
سياسية كبيرة. يشير الباحثان لونغ وسادلي " ان تعبير الصداقة عند
اليونانيين والرومان له صدا سياسيا يغيب في مفهومنا المعاصر، فالمقطع الاول
في الكلمة اليونانية للصداقة هي philia وكانت تعني عندهم اساس التماسك
الاجتماعي". وفي حديقة ابيقور كانت المرأة مرحبا بها وتحظى بالاحترام
وتشارك في السجالات الفلسفية. ومن بين اهم الاسهامات الابيقورية يمكن
الاشارة الى مفهومه عن العدالة التي اثر في ماركس تأثيرا بالغا. فموضوع
العدالة عند ابيقور هو ان لا يضر الناس بعضهم بعضا فهي " لا تعني شيئا بحد
ذاتها، بل في تعامل البشر فيما بينهم في اي مكان واي زمان، فهي تعاقد قائم
فيما بينهم يقضي بان لا ينضر احد منهم ولا يضر هو الاخرين" واذا " لم يكن
للقانون منفعة في تعامل البشر فيما بينهم، لم يعد يحمل السمة الجوهرية
للعدالة". هنا نجد تصورا ماديا ، بالضد من التصور المثالي عن القانون، يرفض
فكرة ان للقانون جانبا متعاليا وبعيدا عن الحاجات الاجتماعية الانسانية.
وقد ذكر ماركس ان ابيقور كان الرائد في وضع تصور عن العقد الاجتماعي [44].

لقد
ذكرنا سابقا ان نقطة انطلاق الفلسفة الابيقورية عن الطبيعة كانت " قانون
الحفظ" وبالتالي فقد نزعت الى رؤية ايكولوجية للعالم. وتتجلى هذه النظرة
الايكولوجية، بصورة اوضح، في تلميحات لوكريتيوس عن تلوث الهواء بفعل حفر
المناجم بحثا عن المعادن، وعن لوعة المحاصيل الزراعية بسبب ضعف التربة، وعن
اختفاء الغابات، وفي محاججته بان البشر لا يختلفون ، جذريا، عن باقي
الحيوانات [45].

نظرة تدرجية
وبفعل رفضه للغائية في نظرته الى
الكون فقد تبنى ابيقور رؤية تدرجية evolutionist او رؤية تجريبية عن اصل
الانسان وتطوره [46]. اي ان مادية ابيقور اوصلته الى تصور او مفهوم عن تقدم
الانسان. ففي رسالته الى هيريدوتس كتب ابيقور " علينا ان نفترض بان
الطبيعة الانسانية... قد تعلمت القيام بالعديد من الامور المتنوعة بفعل
الظروف التي تحيطها، ثم بقليل من التفكير، لاحقا، تمكنت من تطوير ما قدمته
لها الطبيعة لتخترع اشياء جديدة، بشكل سريع احيانا، وبشكل بطيء في احيان
اخر، حيث تقدمت في حقب زمنية معينة وتأخرت في حقب زمنية اخرى" . لقد تحولت
الطبيعة الانسانية ذاتها بتدرج او تطور المجتمع الانساني، فالصداقة
والاجتماعوية هي نتاج للتفاعل الاجتماعي الذي ينشأ في عملية الاكتفاء في
الوسائل المادية للبقاء. بمعنى ان التقدم الحضاري مرتبط بتوفر واشباع
الحاجات المادية للمجتمع في حين يرتبط التخلف بعدم توفرها. لاحظوا هنا مدى
التشابه مع ماركس وانجلز!.

كما نجد عند ابيقور من خلال ما نقله
الينا لوكريتيوس العديد من الاراء التدرجية الصريحة تتضمن تكيف الانواع
وبقاءها. ولابد من التأكيد ان هذه الافكار مأخوذة اصلا من الفيلسوف
امبيدوقلس (حوالي 445 قبل الميلاد) وايضا عن الفيلسوف أناكساغورس ( 500 –
428 قبل الميلاد) حيث نجد ان ارسطو قد هاجمهما في مؤلفه الطبيعة. فابيقور
يقول بان الحيوانات التي تمكنت من البقاء هي التي طورت وسائل لحماية نفسها
اما التي لم تتمكن من ذلك فقد اصبحت ضحية سهلة عند الاخرين حتى تنتهي من
الوجود ، تنقرض. وهكذا فان ما تضمنته نظرية دارون كان في الاصل من
امبيدوقلس ثم ابيقور فلوكريتيوس.[47].

ومن بين الافكار الاساسية عند
ابيقور كانت فكرة ان الحياة قد نشأت على الارض ولم تهبط من السماء. ومنها
نشأت فكرة وصف الارض بالام لانها ولدت كل ما فوقها. ونجد ان ثوماس هال
يؤكد في مؤلفه " افكار عن الحياة والمادة: دراسات في تاريخ الفيزيولوجيا
العامة من 600 قبل الميلاد الى 1900 ميلادية" ان ابيقور كان المصدر الاساس
لفكرة ان الحياة هي " تحصيل حاصل" لعملية تنظيم المادة لنفسها.

وللموضوع
بقية

[35] يمكن الاطلاع على النص الانجليزي للملحمة الشعرية على
الرابط التالي:
www.vroma.org/abarker/lucretius.html
[36] من افضل
المصادر حول هذ الملفوفات هو عمل الباحث ديفيد سادلي، لوكريتيوس وانتقال
الحكمة اليونانية، نيويورك: جامعة كمبردج 1998، ص 94-133. حيث اثبت من خلال
مطابقته بين النصوص الاصلية لابيقور والملحمة الشعرية للوكريتيوس، ما كان
يفترضه معظم الباحثين بان لوكريتيوس كان امينا لمعلمه ونقل بجدارة تامة
معظم تعاليمه بصورة دقيقة.
[37] يمكن الاطلاع على النص على الرابط
التالي:
www.epicurus.info/etexts/vs.html
[38] بنجامين فارنغتون،
علم القدماء، نيويورك: جامعة اكسفورد 1969، ص 46.
[39] يوسف كرم، تاريخ
الفلسفة اليونانية، بيروت، دار القلم، الطبعة الثالثة، ص 216-217.
[40]
انظر ماركس وانجلز، المؤلفات، المجلد 1، ص 405-406.
[41] سيريل بيلي،
الذريون اليونانيون وابيقور، جامعة اكسفورد 1928.
[42] يوسف كرم، مصدر
سابق، ص 219.
[43] جورج بانيجاس، ابيقور، نيويورك 1967، ص 83.
[44]
بانيجاس، مصدر سابق، ص 116-17، وكذلك لونغ وسادلي، الفلاسفة الهيليون، ص
137، وايضا ماركس وانجلز، المؤلفات، المجلد 5، ص 141. لابد من التنويه
الى تشويه يوسف كرم لهذه الموضوعة في كتابه " تاريخ الفلسفة اليونانية"
وخصوصا ما اورده في صفحة 222 حيث نقرأ " اما العدالة فموضوعها ان لا يضر
بعضنا بعضا مخافة رد الفعل، وهي في الاصل تعاقد قائم على المنفعة، بحيث لو
انتفى التعاقد، او تعارضت معه المنفعة، اصبحنا في حل من هذه العدلة.
وبعبارة اخرى اننا نقبل القانون لنحتمي من العدوان لا اكثر، فاذا رأينا في
الخروج على القانون منفعة لنا، وامكننا ان نخرج عليه دون ان ينالنا اذى،
فلنا ذلك ونحن بمأمن من حكم الضمير" فاين هذا من ابيقور؟
[45] دونالد
هوفز، المسائل البيئية عند اليونانيين والرومان القدماء، جامعة جون هوكنز
1994، الصفحات 60، 123-124، 130-131، 144، 196.
[46] لونغ وسادلي ،
الفلاسفة الهيليون، مصدر سابق، ص 134.
[47] ديفيد سادلي، لوكريتيوس
وانتقال الحكمة اليونانية، مصدر سابق، ص 19-20.
[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:42 am

ودا كتاب
أبيقور مؤسس المدرسة الأبيقورية
تأليف:كامل محمد محمد عويضةتاريخ
النشر:
/
1994

حد يساعدنى 77812
اكتبة فى فيش
لناشر: دار الكتب العلمية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:44 am


حد يساعدنى 78419714cd1
أبيقور (342
ق.م. - 270 ق.م.). فيلسوف إغريقي كان لأفكاره حول اللذة، والحرية،
والصداقة، تأثير كبير على العالم الروماني ـ اليوناني.

رأى أبيقور بأن هناك مصدرين
يسببان القلق للعقل البشري هما الخوف من الآلهة، والخوف من الموت. وقد
اعتقد أن هذه المخاوف مبنية على معتقدات خاطئة، وأنه يمكن التغلب عليها،
وأعلن أن الآلهة موجودة ولكنها يجب ألاّ تشكل مصدر خوف، لأنها توجد بعيدًا
عن البشر ولا تُعنى بأمورهم لأن هذا يتعارض مع سعادتها.

وقال أبيقور إن الموت يجب
ألاّ يُخشى لأن الخير والشر يكمنان في الشعور، والموت بزعمه يُنهي الشعور،
وإذا تحرر الشخص من هذه المخاوف، فبإمكانه أن يعيش حياة سعيدة بالسعي
لملذات معتدلة وتجنُّب الألم، وإن أفضل طريقة للحصول على اللذة هي العيش
بتعقل واعتدال وشجاعة وعدل وزرع بذور الصداقة.

وُلِدَ أبيقور في جزيرة ساموس،
وأدار مدرسة للفلسفة في أثينا منذ عام 306 قبل الميلاد وحتى وفاته. كان
أبيقور كاتبًا غزير الإنتاج، ترك ثلاث رسائل تلخص تعاليمه، ويمكن الوقوف
على أفكاره وفلسفته في مصادر عديدة منها قصيدة طويلة للشاعر الروماني
لوكريشيس عنوانها: في طبيعة الأشياء.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:45 am

أراء
الفلاسفة .. مذهب ابيقور..إرسطااليس الشهير بأرسطو






إرسطااليس الشهير بأرسطو




مذهب ارسطو



الغاية من الأخلاق
عند ارسطو

يقول ارسطو :
لنفرض ان شخصا يريد ان يتعلم رمي
السهام فماذا عليه ان يفعل لتحقيق ذلك ؟
1-تثبيته مرما ليكون هدفا
2-وقوفه
في موضع امام الهدف يسمح له بالتصويب
و هو يقصد ان كل شخص فيما يتعلق
بحياته كالرامي امام المرمى كلنا يرمي الى ما يراه خيرا له غير ان هذا
الخير لايمكن اصابته اذ جهلنا الطرق التي تسمح بالوصول اليه
و من هنا
تتحد غاية الأخلاق فهي لا تعدو عن كونها انارة لنا فيما يتعلق بما نريده


الخير عند ارسطو



كل الناس كما يرى
ارسطو متفقين ان الخير هو السعادة





تعريف السعادة عند ارسطو



يقول ارسطو :بعض
الناس يرى ان السعادة هي في الحياة الحيوانية
وذلك هو رأي العبيد ولا
يجب ان نعيره اي اهتمام
(هؤلاء العامة من بني البشر الذين عندما وصلوا
الى القوة و التعظيم استعبدتهم الشهوات كما استعبد الشهوات سردنبال (شخصية
اغريقية يضرب بها المثل في الفجور) )
ويستكمل ارسطو قائلا : بعض الناس
يرى السعادة في الثراء غير انهم مخطئون ان الثراء لايطلب لذاته وانما لما
يحققه و بعض الناس يرى السعادة في المجد لكن المجد ليس رهن ارادتنا ومع ذلك فان هؤلاء الذين نالوا المجد هم احيانا بؤساء
..كم من المشاهير يشعرون بالام مما لاطاقة لهم بها .
و بعض الناس يرى في
ان السعادة هي اللذة
اقول لهم ان الأنسان يرغب في العلم مع اللذة اكثر
مما يرغب في اللذة وحدها
اذ ان اللذة ليست هي الخير الوحيد

ثم يقول
لاشك ان السعادة تستلزم نوعا من النشاط اذ لايمكن ان يكون
الأنسان في سبات ويكون سعيدا
فبدون نوع خاص من العمل لا وجود للسعادة
ماهو
النوع الخاص من العمل ؟
هنا تظهر جوهر الفلسفة الأرسطو طاليسية

فكرة المهنة او الوظيفة
الموسيقي النحات صانع
الأحذية النجار
كل
واحد منهم اما ان يحسن عمله او يسيء اليه فان احسن استحق التوفيق
و
داخل الأنسان نفسه ايضا

العين اليد القدم لكل منها وظيفة
ثم يستنتج من هذا السؤال الأتي
:
هل للأنسان بصفته انسانا وظيفة خاصة به ؟؟
اذ كان للأنسان وظيفة
خاصة به فانه تبعا لطريقة تأديتها يكون محسنا او مسيئا ويحقق او لايحقق
جوهرة الذاتي
ان الحياة عند كل انسان تتمثل في صورتين
1-حياة نباتية
وحيوانية
3-حياة عقلية
اما الأولي فهي الأكل و الشرب وكل مستلزمات
بقاء الأنسان على قيد الحياة و المحافظة على نوعه
اما الثانية فكما
يصورها ارسطو هي حياة التأمل او الحياة الذهنية
وهي التي تجعل الأنسان
مختلفا عن بقية الكائنات
وبالتالي فان ارسطو يدعونا ان نحيا حياة العقل
لأن بها وحدها تنهض الأمم..!!












مذهب ابيقور


ان ابيقور وعلي
عكس الفلاسفة السابقين لم يكن مهتما بالسعادة مثلما كان مهتما بالشقاء فهو
بحث في طريق الشقاء قبل ان يبحث في طريق السعادة


مذهب ابيقور



ان شيئين حسبما يرى ابيقور يعملان على
شقاء الأنسان
1-الأيمان بان الألهة يهتمون بامر بني البشر
2-الفزع
من الموت الذي يتهددنا في كل وقت ويقترب منا على مر الزمن
لماذا :
لأن
من يعتقد ان الألهة تراقبه تتركز عنده فكرة واحدة وهي العمل على ارضائها و
الخضوع لها
وهو في قيامه بذلك ينسي ان ينظم حياتة
ثم ان من يخاف
الموت يشعر في كل لحظة به يستولي عليه شيئا فشيئا (المقصود هنا الموت)
فيزداد
به الفزع
لذلك يجب : تحرير البشر من هاتين الفكرتين المؤرقتين


ثم يقول ابيقور :



ان الألهة لايشغلون انفسهم بامور بني
البشر كما ان امور العالم الأرضي لاتعنيهم وما من علامة تدل علي انهم يعنون
بعقاب الأثم واثابة الصالح
(اذا كان الموت يلقي بالرعب في نفوس الناس
فما ذلك الا لتخيلهم انهم سيذهبون ليذوقوا العذاب الوانا نحو مصير مجهول
مفعم بالوعيد حقا انه لأدراك مغرق في السذاجة )

اي سبيل اذن نسلك في
الحياة ؟؟؟
يجيب ابيقور
كل حيوان يرغب في الملاذ و يستمتع بها
كخير اسمي ويستبشع الألم كشر محض ويبتعد عنها كلما امكن


اذن السعادة عند ابيقور هيا :


لا تعدو ان تكون الحصول على اللذات و
الأبتعاد عن الألام كما يشعر الأنسان ان النار حارة او الثلج بارد

وبالتالي
فان منهج ابيقور الأخلاقي يتحدد في :



تعليم
البشر كيف يحصلون على اللذة و يتحاشون الألم
(اليس من الحق ان الهدف لكل
اعمالنا انما هو الهرب من الألم و القلق حتى اذا ما وصلنا الى ذلك تخلص
الأنسان من كل بواعث الأضطراب تخلصا تاما و اعتقد لذلك انه مغمور في محيط
من النعيم )











من اشهر
اقوال ابيقور :


(ان
كان الألم حادا فانة سريع الزوال )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:46 am

من
اقوال أبيقور المأثورة فى الله والموت


هل يريد الله ان يمنع الشر , لكنه لا يقدر ؟

حينئذ هو ليس كلى
القدرة !!

هل يقدر , لكنه لا يريد ؟

حينئذ هو شرير !!


هل
يقدر ويريد ؟

فمن اين يأتى الشر اذن ؟

هل هو لا يقدر ولا
يريد؟

فلماذا نطلق عليه الله اذن؟

Is God willing to prevent evil, but not able?
Then
he is not omnipotent.
Is he able, but not willing?
Then he is
malevolent.
Is he both able and willing?
Then whence cometh evil?
Is
he neither able nor willing?
Then why call him God?

اما ان الله يريد ان يمحو الشر لكنه لا يقدر , او
انه يقدر لكنه لا يريد , او انه لا يقدر ولا يريد

ان كان يريد ,
ولكنه لا يقدر , فانه ليس كلى القدرة

ان كان يستطيع , ولكنه لا يريد
, فانه شرير

لكن ان كان الله يقدر ويريد ان يمحو الشر , فلماذا
يوجد الشر فى العالم ؟

Either God wants
to abolish evil, and cannot; Or he can, but does not want to; Or he
cannot and does not want to. If he wants to, but cannot, he is impotent.
If he can, but does not want to, he is wicked. But, if God both can and
wants to abolish evil, then how come evil is in the world?

لماذا أخاف من الموت ؟

فطالما انا موجود ,
فان الموت لا وجود له

وعندما يكون الموت , فأنى لست موجودا

فلماذا
اخاف من ذلك الذى لا وجود له عندما أكون موجودا ؟؟

Why should I fear death? If I am, death is not. If death
is, I am not. Why should I fear that which cannot exist when I do?

لو ان الالهة تنصت لصلاة البشر لهلكوا سريعا
اجمعين , لانهم لا يتوقفون عن الصلاة التى يدعون فيها ان يصيب الشر بعضهم
بعضا

If the gods listened to the
prayers of men, all humankind would quickly perish since they constantly
pray for many evils to befall one another.

لم أبالى ابدا بالعوام , لان ما اعرفه لا يوافقوننى عليه ,
وما يتفقون عليه لا اعرفه

I have never
wished to cater to the crowd; for what I know they do not approve, and
what they approve I do not know.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:47 am

أبيقور
و ديموقراطية ممارسة الفلسفة


لمعرفة
لا حدود لها و لا ضفاف وهي، لكي تعطي أكلها، يجب أن لا تخضع لتدخلات
الأهواء السياسية والدينية الضيقة والآنية التي غالبا ما تقدم تنازلات
تدخلها في إطار الشعبوية التبسيطية. فالمعرفة الحقة هي المعرفة الثورية، أي
تلك التي تذهب قدما متخطية حسابات الأيديولوجية والسلطة، منصتة فقط
لأخطاءها العلمية المحضة، التي عليها تخطيها، وهي
تمضي في مسارها التجريبي المحفوف بالمخاطر. و المعرفة مغامرة و المغامرة
لذة واكتشاف ولكنها أيضا دخول في الغسق و الغسق هو طريق الغد والباحث
المسكون بالتجربة ولذتها هو الذي يتساءل، محاصرا بالشك، مع فيكتور هوغو،
كيف سيكون الغد *؟



********

لا
تخفى أهمية أبيقور في تاريخ الفلسفة الإنسانية وتأثيره في
الكثير من إتجاهاتها قديما وحديثا. فالمذهب الذي اجترحه شكل ولايزال أداة
مهمة ليس فقط من أجل إعطاء تصور للعالم بل و تغييره، فمفهوم الفلسفة عند
أبيقور أداتي محض، كما سيجيء في الفقرات القادمة ، قد يختلف معه الكثيرون،
وهذا من طبيعة الأشياء، لكن لا أحد يستطيع إنكار صمود الكثير من أفكاره رغم القرون التي تفصلنا عنه. واختيارنا
لأبيقور نابع من أسباب كثيرة أهمها تصوره الديموقراطي للتفلسف، إذ أن
مدرسته، التي افتتحها في حديقة بيته، ولذلك سمي هو وأتباعه ب: “فلاسفة
الحديقة “، لم تستثن أحدا من نساء ورجال وعبيد وأطفال. يقول بهذا الصدد**:
لا يـتأخرن أحد، وهو شاب، عن التفلسف، ولا يتعبن من
التفلسف عجوز: مادام الحصول على صحة الروح غير
مرتبط بقلة نضوج أو بكثرته. ومن يقول أن عمر التفلسف لم يصل بعد أو أنه
أزف، فهو كمن يقول أن عمر السعادة قد مضى أو أنه لم
يحن بعد.”
ونلاحظ، من خلال هذه الشذرة، المفهوم الذي يمنحه
أبيقور للفلسفة باعتبارها أداة غايتها بلوغ السعادة والتخلص
من الآلام الروحية أو الجسدية، وليس التفلسف في حد ذاته. وهذا ملمح من
ملامح الفلسفة ما بعد أرسطية التي لا ترى في البحث أو التأمل غاية في حد
ذاتها، بل تلحقهما بالهدف العملي للفلسفة. يقول
أبيقور : ” لو لم يقلقنا تفكرنا في أشياء السماء والموت وعدم
معرفتنا بحدود الآلام والرغبات، لما كانت لنا حاجة إلى
دراسة علوم الطبيعة..”


هذا
التصور الأداتي أو الوظيفي للفلسفة سيتم استعادته،
في العصر الحديث، من طرف كارل ماركس الذي يرى أن على الفلسفة أن لا تتوقف عند حدود تفسير العالم بل يجب أن تسعى إلى
تغييره، و معروف أن أطروحة ماركس من أجل نيل درجة الدكتوراه كانت حول
أبيقور وديموقريط.

وللوصول
إلى السعادة يصف أبيقور “دواءا رباعيا” يتمثل في التحرر من أربعة أشياء:

ـ
تحرير بني البشر من الخوف من الآلهة و ذلك
بالبرهنة على أن هؤلاء بسبب طبيعتهم المباركة وعيشهم في سعادة مطلقة لا
ينشغلون بمشكلات الإنسان. وتدخلهم في عالم بني البشر، سيكون منافيا
لطبيعتهم، و ستترتب عنه واجبات عليهم القيام بها اتجاه الإنسان وهذا يتنافى
مع طبيعتهم ككائنات حرة و سعيدة لا واجبات لديها و لا مسؤوليات، و على الإنسان الحكيم أن يغبطهم لذلك ويجلهم بدل الخوف منهم.
وفي هذا المعنى يصف أبيقور الألوهة بكونها لا تنشغل بالغضب أو الرفق، لأن
هذه من صفات الضعفاء، أي بني البشر: ” الكائن المُطلقُ السعادة،
الذي ليس إلى زوال، لا
يكون مصابا بالقلق ولا يسببه
للآخرين. لا يشغله الغضب إذن ولا العطف. لأن هذه الإضطرابات توجد، فقط، لدى
الضعيف. “


ولكي يبرهن على أن الآلهة لاتتدخل في شؤون العالم يتطرق إلى مشكلة الشر الذي يأتي إلى العالم على شكل كوارث
طبيعية وأمراض فتاكة يحار الإنسان في تفسير علتها ويمنحها تفسيرات غالبا
ماتكون ذات طابع تطيري، بسبب عدم توفره على الأدوات المناسبة لتمحيصها
ومعرفتها. يقول الأبيقوريون:

الألوهة إما أنها تريد أن تقضي على الشرور ولكنها لا تستطيع أو أنها
تستطيع ولا تريد أو أنها لا تستطيع ولا تريد أو أنها لا تريد ولا تستطيع
أو أنها تريد وتستطيع. إذا كانت تريد ولا تستطيع فهي عاجزة و الألوهة لا
يمكنها أن تكون كذلك.


إذا كانت تستطيع ولا تريد فهي غيورة و الألوهة لايمكنها أن
تكون غيورة.


وإذا كانت لا تريد ولا تستطيع فهي غيورة وعاجزة و بالتالي فهي
ليست ألوهة.


أما إذا كانت تريد وتستطيع، وهو الشيئ الوحيد الجدير
بالألوهة، فمن أين إذن تأتي الشرور إلى الوجود ولماذا لا تقضي عليها؟




ـ
تحرير بني البشر من الخوف من الموت وذلك بالبرهنة على أنها لاشيء بالنسبة لهم. ” حين نكون نحن لا تكون الموت، وحين
تكون الموت لا نكون نحن “
ولفهم هذه الشذرة فهما صحيحا ينبغي
وضعها في إطار طبيعة المذهب الأبيقوري ذاته المبني على الحس أو الإحساس،
الذي يعطيه أبيقور تفسيرا فيزيائيا، إعتمادا على نظرية ديموقريط، أي أن
الأحاسيس تنتج داخل الإنسان انطلاقا من تدفق الذرات التي تنفصل عن سطح
الأشياء وتنتج جراء ذلك صورا تكون مشابهة للأشياء التي انفصلت عنها. من هذه
الصور إذن تأتي الأحاسيس و عن الأحاسيس تصدر التمثلات الخيالية التي تنتج
بدورها عن المزج بين صورتين اثنتين، السنتور، الكائن الخرافي، هو مثال على
هذا لأنه يمزج بين صورة الإنسان والحصان. ومن الأحاسيس المتكررة والمخزنة
في الذاكرة تأتي التمثلات العامة أو المفاهيم ويطلق عليها أبيقور المقدمات.
هذه المقدمات هي التي تمكننا من استباق الأحاسيس المستقبلية، فحين نقول ” هذا إنسان” فهذا يعني أن لدينا تصورا مسبقا
عن الإنسان ناتج عن الأحاسيس السابقة. وإذن فالموت هو انتفاء للأحاسيس بسبب
انفصال الذرات وعودتها إلى طبيعتها الأصلية. يقول أبيقور: ” الموت
لاشيء بالنسبة لنا: لأن ما هو مندثر فاقد للحس، وماهو فاقد للحس لاشيئ
بالنسبة لنا.”


ـ
البرهنة على أن حدود اللذة متاحة، بمعنى سهولة الوصول إلى اللذة ذاتها.
واللذة هي حجر الأساس في فلسفة أبيقور، حتى أن مفهوم الخير يقترن باللذة،
فهي المعيار الذي يقيّم به الأبيقوري الخير و الرفض والقبول، فالإنسان يسعى
إلى اللذة ويتفادى الألم. ولا يجب فهم اللذة على أنها الشهوانية و الشبق،
فاللذة تخضع للحساب الدقيق والحذر. يقول أبيقور في رسالته إلى مينيسيوس:
عند كل لذة يجب طرح سؤال: ماذا سيحصل إذا تم إشباع هذه اللذة؟ ماذا سيحصل
عندما لا يتم إشباعها؟ فقط الحساب الحذر للملذات يمكن الإنسان من الإكتفاء
بذاته و لا يتحول إلى عبد للحاجات وللقلق بشأن الغد. وهذا الحساب لا يمكن
رده إلا إلى الحكمة، فرونيسيس. و الحكمة أيضا أثمن
من الفلسفة، لأن منها تأتي كل الفضائل و بدونها تصير الحياة من دون عذوبة،
ولا جمال، و لا عدالة. ”


واللذة
نوعان: اللذة الثابتة و اللذة المتحركة. اللذة
الثابتة هي التي تتمثل في انعدام الألم، واللذة المتحركة هي التي تتكون من
الفرح والإبتهاج. والسعادة، عند أبيقور، في اللذة الثابتة أو السالبة أي
عندما لا تشعر بالألم أو بالقلق. ويعرفها بالأتاراسيا أو
انعدام القلق، والأبونيا أي انعدام الألم. ويرد أبيقور
على الذين يقولون باللذة الموجبة، أي المتحركة، بمقولته : ” ذروة اللذة في
القضاء الخالص والبسيط على الألم.”

ـ
البرهنة على أنه لا يمكن بلوغ الحدود القصوى للألم ، بمعنى أنه، أي الألم،
مؤقت و وجيز. وفي هذا الإطار يقول أبيقور:”

لا تستديم في الجسد الآلام، وتلك
القصوى تبقى الوقت الأقل، ولا يستمر أياما طويلة ذلك التألم الذي لا يفوق
اللذة الجسدية إلا قليلا: بل على العكس من ذلك الأمراض الطويلة لها من
اللذة في الجسد أكثر من الأوجاع.




وهكذا
يتبين أن الفلسفة عند أبيقور لا تخرج عن إطار المخاوف و الإنشغالات التي
يمكن أن تعرض لأي كان، في أي مكان وزمان. الإنشغال بالعالم الآخر، الخوف من
الموت، البحث عن اللذة، الهروب من الألم..إلخ وبالتالي لكل الحق في
الإدلاء بدلوه في طرح الأسئلة والبحث عن الأجوبة. فلسفة أبيقور من الإنسان
وإلى الإنسان.





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*Spectre toujours masqué
qui nous suis Côte à Côte .

Et qu’on nomme demain!

Oh! Demain c’est la grande
chose!

De quoi demain sera-t-il fait?

Victor Hugo.

Les chants du crépuscule (1835)



**الترجمة، لهذه الشذرة ولغيرها، من عندنا. وتجدر الإشارة إلى أن الترجمة تمت عن
اللغة الإيطالية. ومصادرنا هي كالتالي:


ـ أبيقور ، أعمال ، شذرات وشهادات. ترجمة وإعداد إيتوري
بينيوني مقدمة غابرييلي جانانطوني. منشورات لاتيرسا. طبعة سنة
2007

ـ تاريخ الفلسفة، لنيقولا أبانيانو.
تورينو، أوتيت 1993
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:47 am

اى خدعة
بالتوفيق
تغريد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:48 am

[b]ماركس و ابيقور

أشار ماركس، مدحا، في مقدمة
اطروحته التي قدمها عام 1841 لنيل شهادة الدكتوراه، الى مؤلف صديقه كوبن "
فردريك العظيم" لكنه اختار لبحثه العودة الى الوراء ليبحث الفلسفة
الابيقورية من اجل تفحص تأثيرها على استنهاض الافكار المادية والانسانية في
حركة الانوار الاوربية خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر. فقد كان
مؤمنا بانها المفتاح الحقيقي لحاضر اوربا[48]، رغم ادراكه لصحة نقد بيكون
لابيقور كونه "كيف واخضع فلسفته الطبيعية لفلسفته الاخلاقية". وقد نجح
ماركس في اطروحة الدكتوراه في تحويل نقطة الضعف هذه الى قوة عندما قارن بين
فلسفتي ابيقور وديموقريطس. [49]

ملاحظة لابد منها هنا وهي ان ماركس
وقبل ان يتحول الى دراسة الفلسفة الهيغيلية كان قد قرأ مؤلفات فرانسيس
بيكون واعمال اللاهوتي الطبيعي هيرمان صاموئيل ريماروس (1694-1768) وخصوصا
نقده اللاذع للمادية الابيقورية من وجهة نظر اللاهوت الطبيعي. [50]

تمحور
بحث الدكتوراه على ان الاختلافات في مجال فيزياء الذرة عند ابيقور
وديموقريطس تمتد الى ما هو ابعد من مجال الفيزياء لتشمل اختلافات في
نظرتهما الى نظرية المعرفة. وتوصل ماركس الى نتائج مثلت سبقا رياديا في
جانبين: اولهما، عمق الاستنتاجات مقارنة بشحة المعلومات والمصادر المتاحة
امامه عن ابيقور،وثانيهما، في الموقف المخالف للنظرة السائدة، الدونية،
ازاء ابيقور من قبل معظم الفلاسفة، حيث اعتبروه مجرد ناسخ رديء لافكار
ديموقريطس.

لقد رأى ماركس ، بوضوح شديد، ان الاختلافات بين
الفيلسوفين تتعدى مجال الفيزياء، حيث ارتضى ديموقريطس القول بان حقيقة
الذرة هي ما وراء احاسيس البشر وبالتالي لا يمكن معرفتها طالما ان الحقيقة
يمكن ان توجد فقط في المظهر، اما ابيقور فقد اتاح لنفسه فرصة البحث في
طبيعة الاحساس البشري وفي الوجود.

حول هذه النقطة يشير الباحث
بينجامين فارنغنتون في كتابه عقيدة ابيقور:

" ان من الغريب حقا ان
ماركس، في اطروحة الدكتوراه،... كان الاول في اكتشاف ان ابيقور... قد اتاح
مجالا في فلسفته للكائنات الحية وللجماد في آن، للطبيعة وللمجتمع، لظواهر
العالم الخارجي ولاحتياجات الوعي الاخلاقي".

ويقول في موضع آخر:

"
ان ابيقور اسند فلسفته على المادييين العلمييين، رافضا،فقط، حتميتهم
الميكانيكية".[51]

ونقرأ في مقدمة الاطروحة قول ماركس بان" هيغل
كان، بصورة عامة، صائبا في تعريفه للجوانب العامة للفلسفات الشكية
والرواقية والابيقورية حيث نظر اليها باعتبارها تطورا للوعي الذاتي، لكنه
اخفق في تقديم تفسير كامل لهذه المنظومات الفلسفية" [52] ووضح ماركس ان
ديموقريطس يرى ان الضرورة هي كل شيء، وهذه حتمية احادية الجانب، في حين
يدرك ابيقور الحتمية لكنه يدرك ايضا مفهوم الصدفة وامكانية التحرر من
الحتمية.[53]

ان إبتعاد الفلسفة الابيقورية عن كل انماط الوجود
المقيدة هو ما جذب ماركس اليها. فالذرات عند ابيقور تتصادم وتتنافر وتخلق
بذلك مواضيع جديدة تشكل عالمنا وبالتالي فنحن لسنا بحاجة لقوة علوية بأي
شكل كانت. ولهذا يقول ماركس " كان لوكريتيوس محقا... عندما قال ان انحراف
الذرات مثل تحطيما لسلاسل fati foedera المصير المحتوم"[54]

من بين
الامور الاخرى التي انتبه اليها ماركس مسألة نظرة الفلسفة الابيقورية الى
الاحساس باعتباره عملية زمنية. فأحاسيسنا تثار بفعل محفزات خارجية، هي بحد
ذاتها، زمنية ، عابرة، بمعنى انها لا تستمر الى الابد، وبالتالي فان
احاسيسنا نفسها ستكون زمنية ، عابرة حسب ابيقور. واستنج ماركس بان " ابيقور
هو اول من فهم المظهر كمظهر، اي بصفته اغترابا عن الجوهر، ينشط نفسه في
واقعه كأغتراب" [55]. كما لاحظ ماركس ان ابيقور ادرك اغتراب البشر عن
عالمهم، فخلص بالتالي، اي ماركس، الى ان البشر لن يعودوا مجرد نتاج للطبيعة
او لقوى ما فوق الطبيعة، عندما تحصل المعاشرة فيما بينهم، اي علاقة بين
بعضهم البعض وليس بينهم وبين " وجود ما" خارج عالمنا.[56]

كما ان
ابيقور لم ينف الضرورة عند رفضه للحتمية الميكانيكية لديموقريطس، لان ذلك
يعني ان كل شيء يأتي من كل شيء وهو خلاف ما يؤمن به، لكنه نادى بامكانية
التحرر من قيود الضرورة والحتمية.

من ضمن ما انطوت عليه الاطروحة
ايضا ملحقا حمل عنوان " نقد هجوم بلوتارخ على الموقف الديني لابيقور" ولكن
لم يصلنا منه الا شظية صغيرة. بيد ان التاريخ حفظ لنا دفاتر ملاحظات ماركس
التي دونها حول الفلسفة الابيقورية وقد خصص قسم كبير منها لنقد بلوتارخ
والدفاع عن ابيقور وهو ما يتعلق بالشظية الناجية من مخالب الزمن. وفي هذا
الملحق يظهر ماركس، لاول مرة،نقده اللاذع للدين، داعيا الى تشذيب الطبيعة
من كل المبادئ الفوق طبيعية والغائية. وكان بلوتارخ قد اتهم ابيقور بانه قد
جعل العالم خال من السعادة عندما وضع الالهة في الفراغات بين العوالم، حيث
لا شأن لها بما يجري في عالمنا. كما اتهمه ايضا يمحي الايمان بخلود الروح
بعد ان استخدم العلوم الطبيعية لازالة الخوف من الموت والفناء. فحسب
بلوتارخ ان الخوف هو العنصر الاساسي للايمان بالرب.[57] وقد رد ماركس في
دفاتر ملاحظاته مستخدما مقتبسا من كتاب هالباخ، نظام الطبيعة، بان فكرة
القوة الالهية التي تحكم العالم " كانت دائما تلازم فكرة الرعب...فليس ثمة
شيء يخيف الانسان سوى ملاحقته من قبل كائن خرافي يتحكم بالطبيعة، كائن
يتجمد العقل امامه، كائن على الانسان ان يضحي بكل شيء ليحصل على السعادة"
[58]. كتب ماركس ايضا ان في " الخوف، وتحديدا في الخوف الداخلي الذي لا
يمكن التخلص منه، تحول الانسان الى حيوان مسلوب الحقوق"[59]. وهذه هي
الخطيئة الكبرى للدين برأيه.


ويشير ماركس ايضا، ضمن نقده
لبلوتارخ، الى اعتراضه على فلسفة المثالي فردريك شيلنغ الذي مثل تعيينه
استاذا في جامعة برلين اغلاقا لابواب الجامعات بوجه الهيغليين الشباب
ونهاية لطموح ماركس في الحصول على وظيفة اكاديمية. وهنا يتضح السبب الذي
جعل ماركس يصطف في اطروحته الى جانب ابيقور(القديم) وهالباخ (الحديث)
لمواجهة بلوتارخ(القديم) وشيلنغ (الحديث). فالاخير حسب ماركس هو رمز" للفكر
اللاهوتي في الفلسفة"[60].

وبرغم نصيحة صديقه برنو باور، صرح ماركس
بموقفه المؤيد لابيقور الذي ابعد الالهة عن العالم الطبيعي ورفض كل
الخرافات والاساطير، حيث يبدي التقديم الذي كان ماركس ينوي نشره مع
الاطروحة الى روحية قتالية فكتب:

"ما دامت قطرة من دم تنبض في قلب
الفلسفة القاهرة للعالم، فانها ستناهض على الدوام اعداءها بكلمات ابيقور
(ليس شريرا من يحتقر آلهة الجموع، بل من يتقبل رأي الجموع في الالهة."

ولمن لا يعجبه ذلك يقول ماركس مستخدما قولة برومثيوس لهرمز خادم الاله
زيوس:

" كونوا على ثقة من انني لن استبدل مصيري التعس هذا بعبوديتكم
الذليلة" [61].

واختتم ماركس تقديمه الجريء بالقول ان بروموثيوس
هو " انبل قديس وشهيد في تاريخ الفلسفة[62].

ولا يفوت ماركس
الانتباه الى القصور الكبير في فلسفة الطبيعة عند ابيقور فالاخير " لايعرف
سوى الطبيعة الميكانيكية". فيكتب انه بالرغم من احتفاء ابيقور بالاحساس الا
ان فلسفة الطبيعة التي "تنطلق من المجال الحسي" تقف، من حيث المبدأ،
"كتجريد فقط...كذرة"[63] وظل هذا القصور قائما برغم رفض ابيقور للمادية
الميكانيكية وتجاوزه اياها بمديات رحبة مثلما يشدد ماركس في الاطروحة. وحول
هذه النقطة يقول الباحث الابيقوري فارنغنتون:

" لم يكن في نية
ابيقور، لو قيض له انقاذ العالم اليوناني من تأثير الاكاديمية – افلاطون
وارسطو - ، الحفاظ على المنظومة الفيزيائية لديموقريطس دون تغيير. ان
النظام الذري، كما نشأ على يد ليوسبيوس وديموقريطس، قد عانى، برأي ابيقور
من قصور اساسي، وهو انشاءه مذهب للحتمية الميكانيكية يشمل حتى الانسان
باعتباره مادة غير حية. ان مذهب الحتمية الميكانيكية كان جاثما على صدور
البشر بصورة اشد من الايمان بالاساطير حسب ابيقور"[64]

لكن تحفظات
ماركس على ميكانيكية ابيقور لا تقلل من مساهمته العظيمة في انارة الطريق
لتجاوزها لاحقا. وما بقي هاما من فيزياء ابيقور هي ماديته الانسانية
التنويرية.

لقد كانت الاطروحة عملا انتقاليا. فهي هيغيلية الروح
وليس الجوهر برغم ان كاتبها كان كغيره من الهيغيليين الشباب يرى ان
الهيغيلية فلسفة ثورية.

وادرك ماركس ان التفسير الذي قدمه عن ابيقور
يستند كليا على روايات الاخرين، وان معظم تفاصيل معرفته بابيقور، وخصوصا
ما يتعلق بمفهومه عن الحرية قد استمد من شظيات تناثرت هنا وهناك في مؤلفات
سينيكا وسيكتوي امبيريكوس وغيرهم. فهو يكتب الى صديقه فرديناند لاسال في 31
ايار 1858 ليقول انه عند كتابته للاطروحة كان واعيا تماما الى ان المنظومة
الفكرية التي نسبها الى ابيقور كانت "منظومة كامنة ومختبأة" في الشظيات
التي خلفها هذا المفكر العملاق، لكنه كان واثقا تماما من صحة تفسيره. وهذا
يعني ان ماركس لم يتمكن، آنذاك، من " اثبات" صحة تفسيره، ولم يكن قادرا على
التعبير للاخرين عن مقدار ما اكتسبه من ابيقور لاعتماد ذلك على معرفة
عميقة للعديد من النصوص اليونانية واللاتينية، ولان تفسيره يخالف تماما
التفسير السائد والمالوف عن ابيقور. وبالتالي فقد استوعب ماركس مادية
ابيقور لكنه لم يشر اليها علنا الا نادرا.

ولم يقتصر الامر على
ماركس فقط، فحتى انجلز استخدم الافكار الابيقورية دون الاشارة لها خصوصا في
مؤلفه لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الالمانية وتحديدا عند
الحديث عن الاحاسيس باعتبارها انعكاسات لتأثيرات العالم الخارجي على
الانسان[65]، او عند مناقشة الاخلاق عند فيورباخ[66]

ومما يؤكد صحة
قولنا ما ذكره ألكسي ميخائيلوفتش فودن (1870-1939) وهو احد قيادي الحزب
الاشتراكي الديمقراطي الروسي الذي زار لندن عام 1893، اي بعد اكثر من نصف
قرن على كتابة الاطروحة، للقاء انجلز واجراء احاديث معه بتوصية من بليخانوف
حيث يقول:

" سألني انجلز إن كنت مهتما بتاريخ الفلسفة اليونانية،
ثم قدم لي نسخة لاول عمل فلسفي لماركس، الاطروحة. وتحدث طويلا عنها مقتبسا،
عن ظهر قلب، مقاطع ضافية منها. وعندما سألته إن كان ماركس، عند كتابتها،
هيغيليا بالمعنى الحرفي للكلمة، اجابني انجلز ان مجرد اختيار ماركس
فيلسوفين ماديين موضوعا لاطروحته يتيح لي القول بان ماركس، ومنذ اللحظات
الاولى لتجلي عبقريته الفلسفية، قد اظهر استقلالية في تطبيق منهج معلمه
هيغل على تاريخ الفكر. فالاخير لم يعد بناء الديالكتيك المصاحب للفلسفة
الابيقورية بل قدم مجموعة من الاراء التي تسخر من منظومة ابيقور، اما ماركس
فقد اعاد بناء الديالكتيك المصاحب للفلسفة الابيقورية دون ان يجعله
مثاليا... واشار انجلز الى ان ماركس كان يروم الاستمرار في دراسة الفلسفة
اليونانية وعبر مرارا عن رغبته هذه. وعليه فان ماركس لم يظهر ميلا واضحا
وصريحا الى اي منهما" [67]

تجدر الاشارة هنا الى فودن كان قد احرق
معظم اوراقه قبيل لحظات من مداهمة الشرطة الباريسية لمنزله بحثا عن اي دليل
يربطه بالشخصيات الثورية بهدف اعتقاله[68]. وما تبقى منها لم ينشر الا عام
1927 باللغة الروسية. وصدرت ترجمة انجليزية لها عن دار التقدم في موسكو
دون ذكر التاريخ. ويبدو ان هذه الاوراق قد اهملت من قبل جميع الباحثين الذي
بحثوا في موضوع الاطروحة.

ان ما تقدم يشير بوضوح الى ان انجلز
نفسه كان له رأيا مخالف للتفسير المعتاد والمألوف للتطور الفكري لماركس. اذ
ان ماركس لم يظهر استقلاليته عن هيغل في اول عمل فلسفي له فحسب، بل انه
فعل ذلك مستندا على قاعدة مادية العصور القديمة التي اثرت على اسلوب تفكيره
لزمن طويل. كما تؤكد ملاحظات انجلز بان الاطروحة كانت عملا انتقاليا، تفحص
ماركس من خلالها المادية بمنهج ديالكتيكي لكنه لم يكن مستعدا بعد لاستبدال
المنهج الديالكتيكي الهيغيلي بالمنهج المادي الديالكتيكي.

***
بعد
فترة وجيزة من انتهاء ماركس من كتابة اطروحة الدكتوراه عام 1842 في
المانيا، كان دارون في انجلترا قد انتهى هو الاخر من صراعه مع نفسه ليتجرأ
ويخط اول الصفحات في موجزه القصير لنظريته حول تحول الانواع. وفي نفس العام
بدأ ماركس مشروع دراسة معمقة لفلسفة فيورباخ والاقتصاد السياسي الانجليزي
والاشتراكية الفرنسية. وقيض للواقع السياسي الاقتصادي في المانيا وانجلترا
وفرنسا الذي هيمن على تفكير ماركس ان يدفعه في آخر المطاف الى تبني المادية
ومن ثم التوصل الى صياغة المادية التاريخية.

انتهى

الهوامش:
[48]
ماركس، اطروحة الدكتوراه، النسخة الالكترونية، النص الانجليزي، ص 10. يمكن
الاطلاع عليها على الرابط التالي:
www.marxist.org/archive/marx/works/1841/dr-theses/ch01.htm
[49]
فرانسيس بيكون، الاعمال الفلسفية (نيويورك، فريبورت،1905) ص 443-444.
[50]
ماركس، رسالة الى والده في 10 نوفمبر 1837. يمكن الاطلاع على النص
الانجليزي على الرابط التالي:
www.marxist.org/archive/marx/works/1837-pre/letters/37_11_10
[51]
بينجامين فارنغنتون، عقيدة ابيقور، (نيويورك، بيسك بوكس، 1967) ص 7-9،
ص113-119.
[52] ماركس ،الاطروحة، مصدر سابق، ص 5-6.
[53] المصدر
السابق، ص 22.
[54] المصدر السابق، ص 35-39.
[55] المصدر السابق، ص
61-63.
[56] ماركس، دفتر الملاحظات رقم 3، يمكن الاطلاع على النص
الانجليزي على الرابط التالي:
www.marxist.org/archive/marx/works/1839/notebook/ch03.htm
[57]
المصدر السابق
[58] المصدر السابق
[59] ماركس، الاطروحة، مصدر سابق،
ص 5-6.
[60] المصدر السابق
[61] المصدر السابق
[62] المصدر
السابق
[63] المصدر السابق، ص 70.
[64] فارنغنتون، مصدر سابق، ص 148.
[65]
ماركس وانجلز، مختارات في 4 اجزاء، الجزء 4، لودفيغ فيورباخ ونهاية
الفلسفة الكلاسيكية الالمانية، ص 29.
[66] المصدر السابق، ص 37.
[67]
ألكسي ميخائيلوفتش فودن، أحاديث مع انجلز، في ذكريات عن ماركس وانجلز،
اصدار معهد الماركسية اللينينية، دار النشر باللغات الاجنبية، موسكو، بدون
تاريخ. ص 332-333.
[68] المصدر السابق، ص 326.
[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:49 am

[b]ابيقور
ولد الفيلسوف الاثيني ابيقور في جزيرة
ساموس عام 341 قبل الميلاد، بعد ستة سنوات على وفاة افلاطون عام 347 قبل
الميلاد، وقبل ستة سنوات من قيام ارسطو بفتح مدرسته في مدينة لاكيوم. وفي
عام 306 قبل الميلاد فتح ابيقور " حديقته " التي كانت في الواقع مدرسة يعلم
فيها مريديه والتي ذاع صيتها في جميع انحاء العالم اليوناني القديم عند
وفاته عام 270 قبل الميلاد. وقد سميت بالحديقة لان ابيقور كان يفضل اعطاء
الدروس في حديقة المدرسة بدلا من الصفوف المغلقة. وقد عاش ابيقور النتائج
التراجيدية للامبراطورية المقدونية، بعد ان نشب الصراع الدموي بين من خلف
الاسكندر المقدوني لتقسيم امبراطوريته، وهي مرحلة كان السيف هو الفاصل بين
الفرقاء بدلا من النشاط السياسي. ومع ذلك اصر ابيقور على تزويد مريديه
بفلسفته المادية التأملية. وامتد أثر الفلسفة الابيقورية ليصل عهد
الرومان، لكن العصور الوسطى وكنيستها المهيمنة حاربت تعاليمه واعتبرته
هرطقيا معاديا للمسيحية وحكمت باتلاف كل نتاجه الفكري. ولهذا السبب لم يصل
الينا الى النزر القليل، وما وصل الينا كان عبر مصادر غير مباشرة، ومن
اهمها، خصوصا المعروف منها ايام ماركس، الملحمة الشعرية للشاعر الروماني
لوكريتيوس ( حوالي 99-55 قبل الميلاد) والتي حملت عنوان " حول طبيعة
الاشياء" (De Rerum Natura) [35] ، حيث اجمع الكثير من الباحثين على امانة
لوكريتوس في نقل تعاليم استاذه الى درجة استخدامه التعابير الاصلية
لابيقور. وكان لوكريتيوس قد عاش هو الاخر مرحلة تراجيدية تمثلت في سقوط
الجمهورية الرومانية.

ثلاثة مصادر جديدة

لابد من الاشارة
هنا، وقبل الخوض في الفلسفة الابيقورية، ان المرحلة التي اعقبت وفاة ماركس
قد شهدت اكتشاف ثلاثة مصادر جديدة للارث الابيقوري. ففي عام 1884، اي بعد
عام واحد على وفاة ماركس، اكتشفت مجموعة من منقبي الاثار، فرنسيين
ونمساويين، بقايا ما يعرف بالجدار الصخري العظيم لمدينة اوينواندا التي تقع
جنوب غرب تركيا، حيث عاش فيها الفيلسوف ديوجينس (حوالي 200 ميلادية)،
المتأثر بالفلسفة الابيقورية، وقد قام بنقش تعاليم ابيقور على الجدار
الصخري لمسافة اربعين مترا. اما الاكتشاف الثاني فقد تمثل في اكتشاف مكتبة
الفيلسوف فيلوديموس، وهو من ابرز اتباع الابيقورية، وكانت مكتبته الواقعة
في مدينة هرقيلانيوم على الساحل الغربي لايطاليا، قد دفنت تحت التراب بفعل
ثورة بركان جبل فيسيوفيوس عام 79 ميلادية، ووجد المنقبون في القرن الثامن
عشر عشرات الملفوفات الورقية التي ضمت الفسم الاكبر من تعاليم ابيقور عن
الطبيعة، ولا يزال العمل جاريا لترميم هذه الملفوفات الورقية. [36]. وتمثل
الاكتشاف الثالث في وجود اجزاء من تعاليم ابيقور الاصلية في مكتبة
الفاتيكان. وتعرف هذه الاجزاء اليوم باسم " اقوال ابيقور" وجرى اكتشافها
عام1888 .[37]

المذهب الذري

لقد احيى ابيقور المذهب الذري
عند ليوكيبوس (حوالي 430 قبل الميلاد) وديموقريطس (حوالي 420 قبل الميلاد).
وكان الاخير يرى ان الواقع كله يتألف من عدد لانهائي من ذرات لا تتغير،
صغيرة جدا لايمكن رؤيتها، ذات اشكال واحجام مختلفة، تتواجد في الفراغ.
ولهذه الذرات، حسب ديموقريطس، خاصية الحركة، وهي تتحد وتنفصل عن بعضها
البعض بطرق مختلفة لتشكل لنا مواضيع الاحاسيس. وللذرات، عند ديموقريطس،
خاصيتان اساسيتان: الشكل والحجم. ويقول بعض الباحثين بانه قد الحق خاصية
ثالثة بالذرات وهي الوزن، وحجتهم في ذلك قوله بان الذرات تهبط من الاعلى
الى الاسفل، ولابد ان يكون بذلك واعيا لموضوع الوزن، في حين تؤكد الاكثرية
بان خاصية الوزن هي من اضافات ابيقور. هذه الاضافات التي كان جوهرها قول
ابيقور بان الذرات لا تتحرك وفقا لمخطط سابق، قبلي، محتوم، بل ان بعضها "
تزوغ" او " تنحرف" عن مسارها صانعة بذلك عنصر الصدفة واللاحتمية، وبالتالي
تفسح المجال لارادة حرة، وتمثل اساسا لنظرة اعمق للعلاقة بين الضرورة
والصدفة، وتعتبر خطوة الى الامام بالمقارنة مع الحتمية الميكانيكية
لديموقريطس. وفي هذا الصدد قال هيغل، في محاضراته عن تاريخ الفلسفة " لقد
احس العلم ، ولاول مرة، في نظرية الذرات، بخلاصه من الشعور بان لا اساس له
في العالم".

نظام محكم
كانت الفلسفة الابيقورية نظاما منطقيا
محكما، فبعد بضعة فرضيات اولية يمكن بسهولة استنباط معظم احكامها. ومن اهم
هذه الاستنباطات التصور عن الفضاء اللامحدود ( والعدد اللامحدود من
العوالم) والزمان اللامتناهي. كما تطرقت تعاليم ابيقور الى مسألة انقراض
الانواع وارتقاء البشر من اصول متوحشة. وبدى واضحا اليوم ان فلسفته المادية
قد توقعت، الى درجة كبيرة، العديد من الاكتشافات العلمية التي جرت حديثا،
كما يتفق جميع الباحثين على تأثيره الكبير على رواد العلم وعلى الثورة
العلمية للقرن السابع عشر وعلى حركة الانوار في اوربا. ومثال بسيط على ذلك
نذكر ان من اوئل الفرضيات الابيقورية هي قوله " لاشيء خلق من لا شيء بفعل
قدرة إلهية" و ان " الطبيعة...لايمكن ان ترتد الى العدم"، وهما، اي
القولان، اساس ما يعرف اليوم بـ " قانون الحفظ" . ولكن لا بد من التنويه
الى ان الباحث بنجامين فارنغتون يصر على ان قانون الحفظ يعود في الاصل الى
ديموقريطس " الذي وضعه لاول مرة في مكانه الصحيح باعتباره اول مبدأ في
الفكر العلمي حول العالم الفيزيائي" [38].

لقد سعى ابيقور الى تخليص
الطبيعة من الغائية والقدرات الخارقة للآلهة، التي برغم اعترافه بوجودها
الى انها موجودة فقط في الفراغات الكائنة بين العوالم. كما رفض ابيقور
الحتمية المطلقة في التعامل مع الطبيعة، فغرض العلم هو " تخليص البشر من
خوف الظواهر والموت" ، فعند محاولتنا لفهم ظاهرة كسوف القمر مثلا، فان على
العلم ان يقدم تفسيرا او عدة تفسيرات لها، كالقول بان السبب هو توسط القمر،
او توسط جسم غير منظور، او انطفاء الشمس مؤقتا، وليس من الضروري، حسب
ابيقور، تفضيل اي من التفسيرات، طالما ان كل واحد منها يكفي لتبديد الخوف
من الكسوف. بمعنى آخر انه كان مؤمنا بالنسبية كما هو حال العديد من علمائنا
اليوم الذين يرون ان القوانين العلمية هي قوانين نسبية.[39]

وابيقور
حسي في نظرية المعرفة. فالاحاسيس صادقة بذاتها لانها تنطلق من العالم
الموضوعي، اما الاخطاء فتنشأ عن تفسير الاحاسيس. وعند تكرار الاحاسيس فانها
تحدث في العقل معنا كليا نثبته في لفظ محدد، ويبقى في الذاكرة باعتباره "
تصور قبلي" (Preconception) ( Prolepsis) يمثل اساسا لتنظيم المعلومات
المعرفية في مقولات. وكان ماركس قد اولى المفهوم الابيقوري عن " التصور
القبلي" اهتماما كبيرا في بداية دفاتر ملاحظاته عن الفلسفة الابيقورية.
[40]

الاخلاق محور الفلسفة
والاخلاق عند ابيقور هي محور الفلسفة
وغايتها. ونقطة انطلاقها هي التغلب على الخوف من الموت الذي تفاقم بتأثير
الدين والخرافات. فحسب ابيقور ان الموت لا يهم الاحياء " فعندما اوجد لا
يوجد الموت وعندما يكون الموت لن اكون موجودا" فلم الخوف اذا؟. ويقول ايضا
" ان اي منا لن يكون متحررا من جميع الافكار المزعجة والمخيفة اذا لم يكن
لديه معرفة علمية للطبيعة فبدونها سيكون تحت سيطرة الخرافات والاساطير"
[41].

وبرغم ان اللذة هي احدى الطروحات الاساسية لابيقور الا انها
استغلت من قبل الكثيرين لتشويه الفلسفة الابيقورية واتهامها بانها " مذهب
متهافت وسخيف" [42]. فابيقور لا يدعو الى الى التمتع باللذة في كل الحالات
ودون اي شروط، ذلك ان اللذة التي تحصل باشباع الرغبات هي لذة يخالطها
الكثير من الالم، والافراط في طلبها سيؤدي الى التعاسة والهلاك. وبهذا
المعنى فان ابيقور يقدم معنى جديدا للذة، فهي عنده لا تكمن في اشباع الرغبة
بل في غياب الرغبة وهي عندئذ غياب للالم الذي يصحبها. ونقرأ له " اما ان
اللذة خير فذلك امر بديهي يشعر به الانسان كما يشعر ان النار حارة وان
الثلج ابيض" ولكن " اللذة التي نقصدها هي التي تتميز بانعدام الالم في
الجسد والاضطراب في النفس" ، وكذلك " ليس هناك لذة او متعة هي سيئة بحد
ذاتها او لذاتها، ما هو سيء هو ان لا تستخدم عقلك عندما تختار اي من المتع
التي تقبل عليها او تلك التي تتجنبها"[43].

مبدأ الصداقة
ومن اهم
متطلبات الحياة السعيدة عند ابيقور هي الصداقة التي تمثل المبدء الذي ينظم
الحياة والمجتمع، وبهذا المعنى فان الصداقة عند ابيقور تنطوي على اسقاطات
سياسية كبيرة. يشير الباحثان لونغ وسادلي " ان تعبير الصداقة عند
اليونانيين والرومان له صدا سياسيا يغيب في مفهومنا المعاصر، فالمقطع الاول
في الكلمة اليونانية للصداقة هي philia وكانت تعني عندهم اساس التماسك
الاجتماعي". وفي حديقة ابيقور كانت المرأة مرحبا بها وتحظى بالاحترام
وتشارك في السجالات الفلسفية. ومن بين اهم الاسهامات الابيقورية يمكن
الاشارة الى مفهومه عن العدالة التي اثر في ماركس تأثيرا بالغا. فموضوع
العدالة عند ابيقور هو ان لا يضر الناس بعضهم بعضا فهي " لا تعني شيئا بحد
ذاتها، بل في تعامل البشر فيما بينهم في اي مكان واي زمان، فهي تعاقد قائم
فيما بينهم يقضي بان لا ينضر احد منهم ولا يضر هو الاخرين" واذا " لم يكن
للقانون منفعة في تعامل البشر فيما بينهم، لم يعد يحمل السمة الجوهرية
للعدالة". هنا نجد تصورا ماديا ، بالضد من التصور المثالي عن القانون، يرفض
فكرة ان للقانون جانبا متعاليا وبعيدا عن الحاجات الاجتماعية الانسانية.
وقد ذكر ماركس ان ابيقور كان الرائد في وضع تصور عن العقد الاجتماعي [44].

لقد
ذكرنا سابقا ان نقطة انطلاق الفلسفة الابيقورية عن الطبيعة كانت " قانون
الحفظ" وبالتالي فقد نزعت الى رؤية ايكولوجية للعالم. وتتجلى هذه النظرة
الايكولوجية، بصورة اوضح، في تلميحات لوكريتيوس عن تلوث الهواء بفعل حفر
المناجم بحثا عن المعادن، وعن لوعة المحاصيل الزراعية بسبب ضعف التربة، وعن
اختفاء الغابات، وفي محاججته بان البشر لا يختلفون ، جذريا، عن باقي
الحيوانات [45].

نظرة تدرجية
وبفعل رفضه للغائية في نظرته الى
الكون فقد تبنى ابيقور رؤية تدرجية evolutionist او رؤية تجريبية عن اصل
الانسان وتطوره [46]. اي ان مادية ابيقور اوصلته الى تصور او مفهوم عن تقدم
الانسان. ففي رسالته الى هيريدوتس كتب ابيقور " علينا ان نفترض بان
الطبيعة الانسانية... قد تعلمت القيام بالعديد من الامور المتنوعة بفعل
الظروف التي تحيطها، ثم بقليل من التفكير، لاحقا، تمكنت من تطوير ما قدمته
لها الطبيعة لتخترع اشياء جديدة، بشكل سريع احيانا، وبشكل بطيء في احيان
اخر، حيث تقدمت في حقب زمنية معينة وتأخرت في حقب زمنية اخرى" . لقد تحولت
الطبيعة الانسانية ذاتها بتدرج او تطور المجتمع الانساني، فالصداقة
والاجتماعوية هي نتاج للتفاعل الاجتماعي الذي ينشأ في عملية الاكتفاء في
الوسائل المادية للبقاء. بمعنى ان التقدم الحضاري مرتبط بتوفر واشباع
الحاجات المادية للمجتمع في حين يرتبط التخلف بعدم توفرها. لاحظوا هنا مدى
التشابه مع ماركس وانجلز!.

كما نجد عند ابيقور من خلال ما نقله
الينا لوكريتيوس العديد من الاراء التدرجية الصريحة تتضمن تكيف الانواع
وبقاءها. ولابد من التأكيد ان هذه الافكار مأخوذة اصلا من الفيلسوف
امبيدوقلس (حوالي 445 قبل الميلاد) وايضا عن الفيلسوف أناكساغورس ( 500 –
428 قبل الميلاد) حيث نجد ان ارسطو قد هاجمهما في مؤلفه الطبيعة. فابيقور
يقول بان الحيوانات التي تمكنت من البقاء هي التي طورت وسائل لحماية نفسها
اما التي لم تتمكن من ذلك فقد اصبحت ضحية سهلة عند الاخرين حتى تنتهي من
الوجود ، تنقرض. وهكذا فان ما تضمنته نظرية دارون كان في الاصل من
امبيدوقلس ثم ابيقور فلوكريتيوس.[47].

ومن بين الافكار الاساسية عند
ابيقور كانت فكرة ان الحياة قد نشأت على الارض ولم تهبط من السماء. ومنها
نشأت فكرة وصف الارض بالام لانها ولدت كل ما فوقها. ونجد ان ثوماس هال
يؤكد في مؤلفه " افكار عن الحياة والمادة: دراسات في تاريخ الفيزيولوجيا
العامة من 600 قبل الميلاد الى 1900 ميلادية" ان ابيقور كان المصدر الاساس
لفكرة ان الحياة هي " تحصيل حاصل" لعملية تنظيم المادة لنفسها.

وللموضوع
بقية

[35] يمكن الاطلاع على النص الانجليزي للملحمة الشعرية على
الرابط التالي:
www.vroma.org/abarker/lucretius.html
[36] من افضل
المصادر حول هذ الملفوفات هو عمل الباحث ديفيد سادلي، لوكريتيوس وانتقال
الحكمة اليونانية، نيويورك: جامعة كمبردج 1998، ص 94-133. حيث اثبت من خلال
مطابقته بين النصوص الاصلية لابيقور والملحمة الشعرية للوكريتيوس، ما كان
يفترضه معظم الباحثين بان لوكريتيوس كان امينا لمعلمه ونقل بجدارة تامة
معظم تعاليمه بصورة دقيقة.
[37] يمكن الاطلاع على النص على الرابط
التالي:
www.epicurus.info/etexts/vs.html
[38] بنجامين فارنغتون،
علم القدماء، نيويورك: جامعة اكسفورد 1969، ص 46.
[39] يوسف كرم، تاريخ
الفلسفة اليونانية، بيروت، دار القلم، الطبعة الثالثة، ص 216-217.
[40]
انظر ماركس وانجلز، المؤلفات، المجلد 1، ص 405-406.
[41] سيريل بيلي،
الذريون اليونانيون وابيقور، جامعة اكسفورد 1928.
[42] يوسف كرم، مصدر
سابق، ص 219.
[43] جورج بانيجاس، ابيقور، نيويورك 1967، ص 83.
[44]
بانيجاس، مصدر سابق، ص 116-17، وكذلك لونغ وسادلي، الفلاسفة الهيليون، ص
137، وايضا ماركس وانجلز، المؤلفات، المجلد 5، ص 141. لابد من التنويه
الى تشويه يوسف كرم لهذه الموضوعة في كتابه " تاريخ الفلسفة اليونانية"
وخصوصا ما اورده في صفحة 222 حيث نقرأ " اما العدالة فموضوعها ان لا يضر
بعضنا بعضا مخافة رد الفعل، وهي في الاصل تعاقد قائم على المنفعة، بحيث لو
انتفى التعاقد، او تعارضت معه المنفعة، اصبحنا في حل من هذه العدلة.
وبعبارة اخرى اننا نقبل القانون لنحتمي من العدوان لا اكثر، فاذا رأينا في
الخروج على القانون منفعة لنا، وامكننا ان نخرج عليه دون ان ينالنا اذى،
فلنا ذلك ونحن بمأمن من حكم الضمير" فاين هذا من ابيقور؟
[45] دونالد
هوفز، المسائل البيئية عند اليونانيين والرومان القدماء، جامعة جون هوكنز
1994، الصفحات 60، 123-124، 130-131، 144، 196.
[46] لونغ وسادلي ،
الفلاسفة الهيليون، مصدر سابق، ص 134.
[47] ديفيد سادلي، لوكريتيوس
وانتقال الحكمة اليونانية، مصدر سابق، ص 19-20.
[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:49 am

الماركسية
والايكولوجيا ..ماركس - دارون- أبيقور


ثامر الصفار








بعد عودته من رحلة
استكشاف دامت
خمسة سنوات، بدأ جارلس دارون بتدوين اولى دفاتر ملاحظاته عن " تحول
الانواع"
transmutation مستهلا بذلك دراسة نظامية لهذا الموضوع الشائك. وبعد حوالي
اكثر من
عام، وبينما كان يطالع مؤلف القس توماس مالثوس " حول السكان" توصل دارون
الى
فكرته بان تحول الانواع قد حدث بفعل الانتقاء الطبيعي المحفز بالصراع من
اجل
البقاء. وكان ما سحره في مؤلف مالثوس طريقة شرحه لعملية نمو السكان التي
تجري وفق
متوالية هندسية 1+2+4+8+16+32 اذا لم يعترضها اي عارض، وبالتالي فانه من
الضروري
القيام بمراقبة هذا النمو للحفاظ على حالة التوازن بين السكان ووسائل
عيشهم.
ويستذكر دارون تلك اللحظة العظيمة فيكتب في سيرته الذاتية(1):
بعد خمسة عشر شهرا من بدء بحثي المنظم، وتحديدا في تشرين الثاني 1838،
كنت أقرأ
كتاب مالثوس المسلي حول "السكان" وحيث اني كنت مدركا، من خلال مراقبتي
الطويلة
لحياة الحيوانات والنباتات، لموضوعة الصراع من اجل البقاء، فقد قفزت الى
رأسي
فكرة انه في ظل مثل هذه الظروف ستبقى الانواع المرغوبة، وستختفي انواعا
اخرى غير
مرغوبة. ونتيجة لهذه العملية ستتشكل انواع جديدة. وفي حينها، وبرغم
امساكي
بالفكرة او النظرية التي سأعمل عليها، الا انني كنت شديد الحذر مخافة
الوقوع ضحية
الاحكام المسبقة، فعزمت عدم كتابة ولو سطر واحد الخص فيه نظريتي. وانتظرت
اربع
سنوات. وفي حزيران عام 1842 سمحت لنفسي بكتابة الملخص في 35 صفحة، ثم
توسع هذا
الملخص صيف عام 1844 الى 230 صفحة هي اساس مؤلفي ولا زلت احتفظ بها.
توضح السطور السابقة بما لا يقبل الشك ان دارون كان قد انتهى من تأليف
كتابه
الشهير" اصل الانواع عبر الانتقاء الطبيعي" عام 1844. لكن دارون اعلن
نظريته عام
1859، اذا ما اغفلنا ندوته المشتركة حول نفس الموضوع عام 1858 مع ولفريد
روسل
ولاس[2]، ولم يفعل ذلك الا خوفا من ان يسبقه ولاس الى الاعلان. أي ان ثمة
عقدين
من الزمان بين تولد الفكرة ونشرها علنا. فما السر في ذلك؟
كان الاعتقاد السائد في الاوساط العلمية ان السبب يعود الى ما مثلته
نظرية دارون،
عصرذاك، من سباحة ضد تيار السائد من الافكار وتجديف بحق الكنيسة، وعليه
فان دارون
فضل الانتظار لحين تحسن الاوضاع. وقد ظل هذا الاعتقاد هو السائد حتى عام
1896 وهو
العام الذي توفيت فيه زوجة دارون، ايما، حيث وجد الورثة في منزلها مجموعة
من
دفاتر الملاحظات[3] كتبها دارون بخط يده بين عام 1836 وعام 1844 ويحمل كل
منها
حرفا ابجديا – لم تنشر الا عام 1987- اضافة الى المخطوطتين الاصليتين
المشار
اليهما في السيرة الذاتية، الملخص والنسخة الاصلية لمؤلفه.
وفي دفاتر الملاحظات هذه، وخصوصا الاثنان اللذان حملا الحرفين (م)و (ن)
وحملا
ايضا عنوانا واحدا " ابحاث ميتافيزيقية" يكشف دارون عن ايمانه بالمادية –
وهو
ماكان يمثل هرطقة خصوصا اذا وصل الامر الى موضوعة كيفية تطور الانسان
والعقل.
وحول هذا الموضوع يشير الباحث ستيفن غولد:
تثبت دفاتر الملاحظات ان دارون كان مهتما بالفلسفة وواعيا لتطبيقاتها،
وكان يعرف
ان السمة الاساسية التي تميز نظريته عن باقي نظريات التدرجية
(evolution)[4] هي
التزامه بالمادية الفلسفية. ففي الوقت الذي كان فيه باقي العلماء
يستخدمون
التعابير المقبولة من قبل الكنيسة المسيحية التقليدية... كان دارون يتحدث
بلغة
التنوع العشوائي والانتقاء الطبيعي. [5]
لقد كان المفهوم التقليدي عن عالم الطبيعة يتمثل في الايمان بما يعرف
بميزان او
مقياس الطبيعة وكذلك بالايمان بسلسلة الكائنات. فميزان الطبيعة ساكن
وثابت لا
يتغير من حيث الجوهر، وللانسان موقع الوسط بين الملائكة في الاعلى وبين
العضويات
البسيطة في الاسفل.
وقد جرت العديد من المحاولات، في القرن الثامن عشر واوائل القرن التاسع
عشر، مع
انتشار الافكار التدرجية (evolution)لالغاء هذا الميزان. ورغم ذلك ظل
معظم
العلماء يسيرون على خطى عالم تصنيف الانواع كارلوس لينايوس الذي قال انه
برغم "
تدرج" بعض الانواع الا ان ذلك كان، في الغالب الاعم، حالات محدودة[6].
وبحلول نهاية القرن الثامن عشر، نشأ علم الاحاثة، الذي يبحث في اشكال
الحياة في
العصور الجيولوجية السالفة، على يد العالم الفرنسي جورجيه كوفيير بعيد
اكتشافاته
التي اكدت موضوعة انقراض بعض الانواع، وتقوض بذلك الايمان بميزان الطبيعة
وثباته.
وفي اوائل القرن التاسع عشر، وخصوصا بعد نشر مؤلف " مبادئ الجيولوجيا"
لمؤسس علم
الجيولوجيا، جارلس ليل، انتهت فكرة ان عمر الارض لا يزيد عن بضعة الاف من
السنين،
وصعد الى السطح مفهوم العصر الجيولوجي مما جعل فكرة عملية التدرج البطئ
للانواع
اكثر قبولا واستيعابا[7].
ومع ذلك ظلت النظرة الدينية تتدخل في معظم المساعي الهادفة الى ادراك
واقعية
التدرج الطبيعي. فظهرت مفاهيم الكوارثية في علم الجيولوجيا، وهي مفاهيم
سعت لوضع
موازنة بين الرواية الانجيلية للخلق وبين نمو المعرفة العلمية للتشكيلات
الجيولوجية، وبالتالي جرى افتراض ان تاريخ الارض كان موسوما بثورات جبارة
كارثية
للقشرة الارضية شكلت حقبا جيولوجية متميزة عن بعضها البعض، اختفت فيها
الحياة
وظهر فيها خلق جديد. ثم ظهرت ايضا مفاهيم التقدم في علم البايولوجيا،
الغت فكرة
ميزان الطبيعة وثباته، واكدت على ان الحياة قد بدأت من الشكل البسيط الى
اشكال
معقدة عبر حقب من الخلق قادت الى " البشر". وبخلاف نظرية التدرج القائلة "
جيل
يخلف جيل مع بعض التحسينات" فان مفاهيم التقدم لا تعترف بالتناسل
التاريخي العرقي
، بل تعتمد على خلق رباني في كل مرحلة من مراحل الخلق لا يعرف سرها الا
الرب.[8]
ومع تطور العلوم اخذت النظرة التقليدية لميزان الطبيعة، وكذلك النظرة
الدينية
المسيحية المثبتة في الروايات الانجيلية بالانحسار نوعا ما، فبزغ نجم
اللاهوت
الطبيعي الذي استخدم كسلاح ذو حدين " لمهاجمة المسيحية والدفاع عنها في
آن" [9].
ووجد اصداء له في طروحات رواد الثورة العلمية الانجليزية، اسحاق نيوتن و
جون راي
وغيرهم. وقد نادى اللاهوت الطبيعي بفكرة ان العناية الالهية هي التي
تتحكم
بقوانين الطبيعة وما دور العلماء الا اكتشاف هذه القوانين. وقد كان
توليفة مقبولة
ومرغوب فيها كونه يعادي النظرة المادية ويتماشى مع التطور العلمي الحاصل.
في مثل هذه الظروف المعقدة، حيث تتحكم المفاهيم الغائية المستندة الى
الدين
بالحياةالعلمية، سعى دارون لتطوير نظريته. وقد ساعده في ذلك نمو النزعات
المادية
في علوم الفلك والفيزياء والكيمياء وفي علم النفس.
وظلت الكنيسة تنظر بعين حذرة الى تطور الافكار المادية باعتبارها خطرا
يتهددها لا
من الناحية الدينية فقط بل لانها غدت اساسا فكريا للحركات الثورية في
بريطانيا
وفرنسا، وعليه فقد قررت اعتبار كل الافكار التي يشم منها رائحة نظرة
مادية الى
الطبيعة بانها بدعة والحاد [10].
وبدون الدخول في تفاصيل تطور الافكار المادية خلال القرن الثامن عشر
واوائل القرن
التاسع عشر[11] لابد من تحديد نقطة اساسية: لقد اتخذت المادية شكلين
مرتبطين
ببعضهما البعض. الاول منهما يشدد على المادية بصيغتها الميكانيكية، اي
بصيغة يمكن
ان تنسجم مع فكرة وجود الروح الالهية فيما فوق او ما وراء الطبيعة، اما
الثاني
فانه يركز على التفاعلات العضوية مؤديا احيانا الى نشوء ما يعرف بالمذهب
الحيوي.
وكلا الشكلين يتفقان في ميلهما الى رؤية الواقع والعقل البشري يعتمدان
على
الطبيعة المفهومة فيزيائيا، وفي ابتعادهما عن التصورات الغائية في تفسير
ظواهر
العالم، بالرغم من وجود بعض المفكرين اللذين استبدلوا العناية الالهية
بالطبيعة
او بالقوانين الخارجية التي تحددها العناية الالهية. من هنا يمكن رؤية
وفهم طبيعة
العلاقة المعقدة بين الدين والعلم والتي نجدها حتى في الفلسفة الابيقورية
التي
كانت بالرغم من ماديتها قد خصصت مكانا للالهة في الفراغات الموجودة بين
العوالم.
لابد ايضا من التأكيد على نقطة جوهرية اخرى وهي ان زيادة نفوذ وهيمنة
المادية على
افكار العلماء قد ادت الى اضطرار الفكر اللاهوتي للخضوع قليلا وتحوله
باتجاه
اللاهوت الطبيعي لمسايرة الفكر العلمي، لكنه ظل، برغم مرونته الظاهرة،
معاديا، في
الجوهر، للفكر المادي وظل يقاومه الى حد استخدام العنف. من امثلة ذلك
نذكر حرق
جيوردانو برونو (1548-1600) الذي ساعد في تطوير تعاليم كوبرنيكوس عن
الكون، من
قبل الكنيسة الكاثوليكية في ايطاليا، لا بسبب اتباعه افكار كوبرنيكوس،
وهي لوحدها
مشكلة، بل لايمانه بفلسفة ابيقور الرافضة للغائية، واعتبر بذلك اول شهيد
للعلم
[12]. وقد كان دارون يعرف تماما قصة برونو شهيد العلم [13].
لقد كانت العلاقة الوثيقة بين الكنيسة والدولة، في جميع البلدان
الاوروبية، تعني
امكانية توجيه تهمة الالحاد الى كل من يتبنى وجهة النظر المادية من
الباحثين
العلميين. ففي عام 1819 نشر وليام لورنس، المحاضر في الكلية الملكية في
سورجيون،
مؤلفه الموسوم " محاضرات في الطبيعة وعلم الحيوان والتاريخ الطبيعي
للانسان" عرض
فيه افكارا مادية جعلته عرضة لزوبعة من الاحتجاج اضطرته الى سحب الكتاب
وتقديم
استقالته. وقررت المحكمة الملكية ان الكتاب سيئ جدا وغير اخلاقي [14].
ان من الجلي تماما ان دارون كان يعيش حالة من الصراع الداخلي مع افكاره
المادية
عند كتابته لملاحظاته حول تحول الانواع. فقد كان مطلعا على ما حدث
للورنس، حيث
كان يمتلك نسخة من كتابه وهي مليئة بالهوامش والتعليقات بخط يده، كما انه
استشهد
بمؤلف لورنس فيما بعد في مؤلفه " اصل الانسان" Descent of Man . كما كان
شاهدا
على حادثة مشابهة لقمع الافكار المادية. ففي عام 1827 حضر دارون اجتماعا
لجمعية
بلينيان – نادي لطلبة جامعة ادنبره يعرضون فيه ابحاثهم وقراءتهم في موضوع
التاريخ
الطبيعي – وكان الاجتماع مخصصا للاستماع الى محاضرة الطالب وليام بروني
الذي تجرأ
على تقديم بعض الافكار المادية اثارت غضب الحاضرين وجعلته حسب ما اوردته
جانيت
برواني – حفيدة وليام – يتراجع عن افكاره ويتجه للبحث في مواضيع بعيدة
تماما عن
الفلسفة [15].
ثم عادت فكرة ان دماغ الانسان هو مجرد عضو من اعضاء الجسم تتحدد وظيفته
بالتفكير
في اواخر القرن الثامن عشر، وهذه المرة على يد العالم فرانسيس جوزيف غال
(1758-
1828) الذي اصر على تقديم تفسير مادي لعلاقة الجسد- العقل في محاضرات له
في جامعة
فيينا عام 1802، واعتبرت معادية للدين ففصل من وظيفته واضطر الى الهجرة
الى فرنسا
ووضعت مؤلفاته ضمن قائمة الممنوعات كما حرمته الكنيسة من المراسيم
الدينية للدفن
عند وفاته [16].
وللموضوع بقية
[1] جارلس دارون، سيرة ذاتية، نيويورك، هاركورت برس 1958، ص 120.
[2] يعالج ستيفن غولد هذه المسألة في مقالته " تأخر دارون" ضمن كتابه "
منذ
دارون" نيويورك، نورتون، 1977، ص 21-27.
[3] جارلس دارون، دفاتر الملاحظات 1836-1844، نيويورك، جامعة كورنيل،
1987.
[4] استخدم هنا تعبير التدرج مقابل evolution بدلا من تطور او ارتقاء،
متبعا في
ذلك رأي الدكتور نمير العاني (مجلة النهج، العدد 28، 1989) واعتقد ان هذه
المفردة
ستساعدنا في استيعاب ان التحول يمكن ان يجري في اتجاهين، الصعود الى
الاعلى –
الارتقاء- وهو القاعدة، او النزول الى الاسفل - التراجع – وسيمكننا لاحقا
من فهم
مفهوم الحتمية التاريخية بشكل افضل.
[5] ستيفن غولد، مصدر سابق، ص 24-25.
[6] للاطلاع على كامل تاريخ فكرة ميزان الطبيعة ومحاولات تجاوزها انظر
لورين
أيسلي، قرن دارون، نيويورك: دبلدي،1958.
[7] يقدر عمر الارض حاليا باكثر من 3.35 مليار سنة وفقا للابحاث التي قام
بها نيل
بانيرجي الباحث في قسم علوم الارض في جامعة ويسترن اونتاريو الكندية.
وكان
بانيرجي قد ترأس مجموعة من العلماء من النروج وامريكا لدراسة عينة من
المتحجرات
التي اكتشفت مؤخرا في استراليا وقد نشر بحثه في حزيران 2007 في مجلة
الجيولوجيا
الكندية.
[8] لورين أيسلي ، مصدر سابق، ص 66-69، 88-89، 94، 353.
[9] جون هيدلي بروك، العلم والدين، نيويورك: جامعة كمبردج 1991، ص
193-194.
[10] انظر مارجريت جاكوب، الثقافة العلمية ونشوء الغرب الصناعي، نيويورك:
جامعة
اكسفورد، 1997.
[11] يمكن لمن يرغب من المهتمين الاطلاع على مؤلف ابراهام وولف، تاريخ
العلم،
التكنولوجيا والفلسفة في القرن الثامن عشر، نيويورك 1952. وكذلك مؤلف جون
يولتون،
المادية في بريطانيا القرن الثامن عشر، جامعة مانيسوتا 1983.
[12] توماس كوهن، الثورة الكوبرنيكوسية، جامعة هارفرد 1983، ص 235-237.
[13] هاورد غروبر، دارون حول الانسان، جامعة شيكاغو 1981،ص 37.
[14] نفس المصدر، ص 204-205.
[15] جانيت براوني، جارلس دارون: ترحال، جامعة برنكتون 1995، ص 72-78.
[16] غروبر، مصدر سابق، ص 204.
*لقد كان المفهوم التقليدي عن عالم الطبيعة يتمثل في الايمان بما يعرف
بميزان او
مقياس الطبيعة وكذلك بالايمان بسلسلة الكائنات. فميزان الطبيعة ساكن
وثابت لا
يتغير من حيث الجوهر، وللانسان موقع الوسط بين الملائكة في الاعلى وبين
العضويات
البسيطة في الاسفل.
*بحلول نهاية القرن الثامن عشر، نشأ علم الاحاثة، الذي يبحث في اشكال
الحياة في
العصور الجيولوجية السالفة، على يد العالم الفرنسي جورجيه كوفيير بعيد
اكتشافاته
التي اكدت موضوعة انقراض بعض الانواع، وتقوض بذلك الايمان بميزان الطبيعة
وثباته
*ان من الجلي تماما ان دارون كان يعيش حالة من الصراع الداخلي مع افكاره
المادية
عند كتابته لملاحظاته حول تحول الانواع. فقد كان مطلعا على ما حدث
للورنس، حيث
كان يمتلك نسخة من كتابه وهي مليئة بالهوامش والتعليقات بخط يده، كما انه
استشهد
بمؤلف لورنس فيما بعد في مؤلفه " اصل الانسان
*
ثم عادت فكرة ان دماغ الانسان هو مجرد عضو من اعضاء الجسم تتحدد وظيفته
بالتفكير
في اواخر القرن الثامن عشر، وهذه المرة على يد العالم فرانسيس جوزيف غال
(1758-
1828) الذي اصر على تقديم تفسير مادي لعلاقة الجسد- العقلطريق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:50 am

الماركسية والايكولوجيا
ماركس – دارون – أبيقور
-2-



ثامر الصفار

أشار الباحثان ساندرا هيربرت وبول باريت، في
تقديمهما لدفتر الملاحظات (م) الى ان دارون "
كان متحمسا للمادية، ومدافعا عن ان الافكار
تنبع من الاحاسيس"[16].
ونقرأ لدراون محاورا نفسه " أليس الذكاء هو
مجرد منظومة مضاف اليها وعي غامض؟" او كما ذكر
في دفتر الملاحظات (ج): " طالما ان الفكر- او
الرغبات اذا شئنا الدقة- وراثي، فإن من الصعب
تخيله اكثر من بنية موروثة للدماغ....آه ايها
المادي!"[17]

لقد كانت هذه الافكار المادية تمثل القلب
النابض لنظرية دارون عن تحول الانواع. اذ نقرأ
له " يقول افلاطون في الفايدو

[18]

Phaedo

ان افكارنا الضرورية تنشأ من ما قبل وجود
الروح، ولا يمكن اشتقاقها من التجربة – اقرأ
القرود لما قبل الوجود"
[19]
.

ويذكر ايضا، متفقا مع فرانسيس بيكون، ان اية
محاججة تتحدث عن العلل النهائية في الطبيعة
انما هي محاججة عاقر مثلها مثل العذراء التي
تكرس نفسها لخدمة الرب فانها لن تنجب ابدا.
ويعلق في نفس السياق على ماركوس الذي ينطلق من
العلل النهائية في نظريته " سأكون شاذا لو
تكلمت عن العلل النهائية: تأمل هذا يا ماركوس!
انظر الى العذارى العاقرات"
[20].

لقد كان دارون واعيا تماما لامكانية اتهامه
بالهرطقة وكان يعيش حالة من الصراع الداخلي
حول ما اذا كانت المادية ستقوده الى الالحاد،
لكنه حسم امره اخيرا بانها ليست ضرورة حتمية
[21].
ففي ايام دارون كانت المادية، في نظر العامة
من الناس، لا ترتبط فقط بالالحاد، بل انها
ايديولوجية فرنسا الثورية. وكانت ثمة قوانين
صارمة ضد اصحاب الافكار الجديدة، ولهذا قرر
دارون الابتعاد عن كل ما يمكن ان يعرضه لغضب
السلطات وخصوصا الكنيسة
[22]
. ولجعل افكاره خارج اطار
الدوائر الفكرية المغضوب عليها، استخدم دارون
اسلوب اللف والدوران للتمويه على افكاره
المادية فيكتب " لكي اتجنب الاعلان عن ايماني
بالمادية، ساقول ان العواطف والفطرة ودرجة
الذكاء، وكلها صفات وراثية، تعود الى ان دماغ
الطفل يشبه دماغ الابوين"
[23].

لقد ادرك دارون ان افكاره السابحة ضد التيار
ستعتبر هرطقة لانها تخلع عرش الغائية الدينية،
وترفض افكار مركزية الانسان في الكون –
بالصيغة التي تقول بان العالم كله قد خلق من
اجل " الانسان" وان لا صلة للعقل بالمادة. فقد
قللت افكاره من منزلة الانسان باعتباره قد
انحدر من نوع آخر " اوطئ" او " ادنى" منزلة،
هذا من جانب، ومن جانب آخر، رفعت من منزلة
الانواع الاخرى من الكائنات، ضمن علاقتها
بالبشر. فللحيوانات في نظره ذكاء وعقل ايضا
لكنهما محدودان.

لم يكن دارون يشك في ردة فعل الكنيسة على
افكاره المادية، لهذا فقد سعى جاهدا الى وضع
صياغات مبهمة، حمالة اوجه، لكي يتفادي غضب
الكنيسة. ولتوضيح ما اقصده هنا دعونا نقرأ
الفقرة التالية: " لو مات جميع البشر، ستصبح
القرود هي البشر، وسيغدو البشر ملائكة"
[24]. ان
هذه الصيغة التي تبدو للوهلة الاولى تأكيدا
لمفهوم ميزان الطبيعة حيث الانسان في وسطه
وبقية الحيوانات ادنى منه والملائكة اعلى
منزلة منه، وهو ما يتفق مع نظرة الكنيسة.
لكنها، اي الصيغة، تؤكد ايضا على ان الانسان
يتطور، وهو خاضع لعملية التطور بصورة مستمرة،
فلا يبقى على حالة ثابتة، ساكنة، وبالتالي
فانه من الممكن، ضمنيا، ان يكون الانسان نتاجا
لتطور او ارتقاء لحيوانات ادنى تطورا (القرود
مثلا)، وبفعل الصدفة او الانتقاء الطبيعي (
الموت المفاجئ لكل البشر).

وضمن مسعاه لدرء وتفادي المواجهة مع الكنيسة
عمد دارون الى الكشف عن افكاره ونشرها بصورة
تدريجية، بادئا بالبسيطة منها وتاركا الاخطر
الى الاخير. اذ لم يتطرق دارون الى مسألة تطور
الانسان في الطبعة الاولى من مؤلفه " اصل
الانواع" المنشور عام 1859، ثم عالجها بعد 12
عاما في مؤلفه " اصل الانسان " عام 1871، بعد
ان هدأت السجالات حول مؤلفه الاول. ثم عالج
موضوعة التواصل في عقول وعواطف البشر والحيوان،
بصورة مادية، في مؤلفه " التعبير عن العواطف
عند الانسان والحيوان" المنشور عام 1872 حيث
دحض فيه المفاهيم القائلة بان كل ما على الارض
هو من اجل الانسان فقط ، فحسب رأيه، فان
الحيوانات جميعا، بما فيها الانسان، تشترك في
علاقات مادية وتخضع لقوانين التطور. ويشير
الباحث المختص بالدارونية، جون دوران، الى ان
" دارون قد عرض اراءه حول الطبيعة والطبيعة
الانسانية، ضمن رؤية ارحب لعالم نشط ، بشكل
متواصل، في توليد اشكال جديدة للحياة والعقل.
وهي اراء مادية مثلت مذهب طبيعي سعى الى انسنة
الطبيعة وتطبيع الانسان.
[25].

المادية وماركس الشاب
لم يكن دارون وحيدا في صراعه الداخلي بين
ما هو مقتنع به من الاراء التدرجية (
evolution)
والمادية وبين السائد من الافكار. فقد كان
هناك شاب الماني يصغر دارون بتسعة سنوات،
يعاني هو الاخر، ولكن باسلوب مختلف تماما، اذ
كان يسعى الى تحرير نفسه من قيود النظرة
المثالية ، اللاهوتية من حيث الجوهر، للفلسفة
الالمانية.

لقدكان ماركس الشاب، الطالب في برلين، متأثرا
بنفوذ المنظومة الفلسفية المثالية لهيغل، التي
سعت الى تفسير تطور الروح ( او العقل) في
التاريخ. الا ان سيرة ماركس تقول بان اول عمل
نظري، متكامل ، له كان اطروحة الدكتوراه التي
حملت عنوان " التمايز بين فلسفتي ديمقريطس
وابيقور حول الطبيعة، مع ملحق" (كتبت بين عامي
1840-1841) حيث ينطلق فيها ماركس من موقف فكري
يقف الى يسار هيغل ثم يتجاوزه بسرعة عبر طرحه
لموضوعة الصراع والتناقض بين الفلسفة التأملية
(او المثالية) وبين المادية.
[26].

لابد من الاشارة هنا الى ان الاطروحة لم تصلنا
كاملة، فقد ضاع منها الفصلين الاخيرين (الرابع
والخامس) من الجزء الاول، وفقا لثبت المحتويات.
وكان عنوان الفصل الرابع " التمايز العام في
المبدأ بين فلسفتي ديمقريطس وابيقور حول
الطبيعة" وعنوان الفصل الخامس " النتيجة".
ولحسن الحظ فقد حفظ لنا التاريخ ملاحظات ماركس
التمهيدية للفصل الرابع. زد على ذلك فقد ضاع
الملحق ايضا باستثناء شظية واحدة حملت عنوان "
نقد ملحمة بلوتارخ الشعرية ضد لاهوتية ابيقور"
لكننا لا زلنا نمتلك الملاحظات التمهيدية
للملحق.

تشير معظم الدراسات التي عالجت اطروحة ماركس
الى ان سبب انجذاب ماركس وغيره من الهيغليين
الشباب الى الفلسفات الهيلينية القديمة (
الرواقية، الابيقورية، والشكية) يعود، ببساطة
شديدة، الى ان هذه الفلسفات قد جائت في اعقاب
فلسفة ارسطو الكلية، وهو ما يشبه تماما موقف
الهيغليين الشباب الذي جاؤا في اعقاب فلسفة
هيغل الكلية. وبالتالي، فقد قادونا الى
الاعتقاد، بان ماركس لم يكن مهتما كثيرا
بمحتوى الفلسفة الابيقورية الا بمقدار ما كانت
تمثله من "روح" متماثلة مع موقفه من الفلسفة
الهيغلية. واضافوا الى طروحاتهم هذه فرضية
اخرى تقول بان ماركس كان ملتزما بالنظرة
الهيغيلية للعالم ساعة كتابته للاطروحة. وعليه
جرى اعتبار ان بحث ماركس انما هو محاولة لوصف
ديالكتيك ابيقوري للوعي الذاتي، وجرى اهمال
كامل علاقة الابيقورية بحركة التنوير،عموما،
وبالمادية البريطانية والفرنسية بشكل خاص، كما
لو انها لم تخطر على بال ماركس مطلقا.
[27].

ففي مؤلفه " ماركس قبل الماركسية" يصر ديفيد
ماكليلان على اعتبار ان ماركس لم يتجاوز
النظرة الهيغيلية في اطروحة الدكتوراه
[28].
وهي نظرة مشابهة نوعا ما الى نظرة فرانز
ميهرنغ في مؤلفه الشهير " سيرة ماركس" حيث
يشير الى ان ماركس في الاطروحة " لا يزال يقف
كلية على الاسس الايديولوجية للفلسفة
الهيغيلية" [29].
ودليله الوحيد على ذلك موقف ماركس " السلبي من
المادية الميكانيكية لديموقريطس"
[30] في
حين انه امتدح النموذج المادي لابيقور لانه
يشدد على النشاط الحر. ان تقدير ماركس لابيقور،
سواء في الاطروحة، او في كتاباته اللاحقة،
انما يشير الى علاقة ماركس بالمادية منذ
بواكير نشاطه الفكري وهو غير ما اعتدنا عليه.

لقد اكد ماركس في اطروحته على ان ابيقورهو "
اعظم مستنير اغريقي"
[31]
ثم واصل في كتاباته
اللاحقة اعتبار ابيقور وفلسفته الاساس لجميع
مفكري القرنين السابع عشر والثامن عشر. ولهذا
السبب لن نجاف الواقع في تأكيدنا على التفسير
التقليدي لاطروحة ماركس لن يصمد كثيرا فيما لو
نظرنا الى المناخ الفكري الرحب الذي كتبت
خلاله . ولا بأس هنا من ايراد مقطع من احدى
قصائد ماركس القصيرة التي كتبها عام 1837
لاثبات نزوعه وميله الى الافكار المادية لحظة
كتابته للاطروحة (مع الاعتذار من الشعراء
لضعفي في الشعر واوزانه) : يحلق كانط وفيخته
بعيدا في السماء الزرقاء بحثا عن ارض بعيدة/
اما انا فافضل امساك الحقيقة التي اجدها في
الشارع [32].


لقد كانت اطروحة الدكتوراه، بخلاف التفسير
التقليدي لها ، جهدا لاستيعاب تطبيقات
الديالكتيك المادي للفيلسوف ابيقور، من زاوية
المنظومة الفلسفية الهيغيلية، واحيانا من
زاوية تتجاوز هذه المنظومة. كما انها كانت
محاولة، غير مباشرة، لفهم التأثير العظيم
لفلسفة ابيقور على المادية البريطانية
والفرنسية. فقد اطلع ماركس على مدى تأثير
ابيقور على افكار فرانسيس بيكون خلال دراسته
للاخير عام 1837، وكان قد كتب سبعة دفاتر
للملاحظات حول الفلسفة الابيقورية تمهيدا
لكتابة الاطروحة عام 1839. واستمر اهتمام
ماركس بابيقور لاحقا حيث نجد صداه في "
العائلة المقدسة 1845" وفي " الايديولوجيا
الالمانية 1846".

ان قرار ماركس في اختيار ابيقور موضوعا
للاطروحة كان " اكبر انعطافة عن الهيغيلية...
فاهتمام ماركس بابيقور كان مرده النزعة
الطبيعية لفلسفة ابيقور وتجسيدها للحرية
الفكرية والحرية الحسية....ففي فلسفة ابيقور
يتحرر الانسان من الخرافات والخوف ويغدو قادرا
على صنع سعادته "
[33]
.

لقد كان ماركس مهتما بالمادية منذ كتابته
لاطروحة الدكتوراه، و"اعتبر ان المفهوم
الابيقوري عن النشاط الحر من اعظم مساهمات
ابيقور في المادية [34].


وللموضوع بقية

[16]

ساندرا
هيربرت و بول باريت، "مقدمة لدفتر الملاحظات
م"، في دارون، دفاتر الملاحظات 1836-1844، ص
519

[17]

دارون،
دفاتر الملاحظات 1836-1844، ص 291، 638.

[18]

الفايدو
هي احد مسرحيات افلاطون كتبها حوالي عام 360
قبل الميلاد. يمكن الاطلاع على النص الانجليزي
لها على الرابط التالي:
http://classics.mit.edu/plato/phaedo.html



[19]

دارون، دفاتر الملاحظات 1836-1844، ص 551.

[20]

المصدر
السابق، ص 637.

[21]

المصدر
السابق، ص 614.

[22]

جيمس مور،
الارث الدارويني، اعداد ديفيد كوهن، جامعة
برنكتون 1985، ص 452.

[23]

دارون،
دفاتر الملاحظات 1836-1844، ص 532-533.

[24]

المصدر
السابق، ص 213.

[25]

جون دوران،
" سمو الطبيعة في انحدار الانسان عند دارون"
في " الارث الدارويني" مصدر سابق،ص 301.

[26]

ماركس- انجلز، المؤلفات الكاملة، المجلد 1.
يمكن الاطلاع على نسخة الكترونية منها على
الرابط التالي:
http://www.marxists.org/archive/marx/works/1841/dr-theses/index.htm

[27]

هـنري آدم،
"كارل ماركس في كتاباته المبكرة" لندن 1940، ص
27-41.

[28]

ديفيد ماكليلان، " ماركس قبل الماركسية" ،
نيويورك 1970، ص 52-68.

[29]

فرانز ميهرنغ، "سيرة ماركس" النسخة
الالكترونية عن دار الطليعة، ص 13. يمكن
الحصول على النسخة الالكترونية على الرابط
التالي:
http://www.almounadi-a.info

[30]

المصدر السابق.

[31]

المصدر
السابق.

[32]

ماركس – انجلز، الملالفات الكاملة، المجلد 1،
ص 577.

[33]

جيمس وايت،
"كارل ماركس والاصول الفكرية للمادية
الديالكتيكية"، نيويورك 1996، ص 42.

[34]

نورمان ليفرغود، النشاط في الفلسفة الماركسية"
هيج: مارتينوس نيجهوف 1967.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 11:51 am

مصادر ماركس

حد يساعدنى Filemanager


سعد محمد رحيم
من
أين جاء كارل ماركس بهذه التركيبة المتشعبة والمعقدة من الأفكار المبدعة؟
من أين استقى، وأيضاً، ابتكر طقماً من المفاهيم المترابطة والمتماسكة التي
لن تكون دليل عمل نضالي للطبقة البروليتارية الأوروبية، وغير الأوروبية، في
القرن التاسع عشر والقرون التالية، وحسب،


وإنما زاداً
معرفياً، كذلك، لأجيال من الفلاسفة والمنظِّرين في حقول العلوم الإنسانية
والاجتماعية المختلفة، ولقوى وأحزاب ومؤسسات سياسية وعلمية وأكاديمية شتى؟
ما هي المواد النظرية (المعرفية) الأولية، ومعطيات التجارب الخام التي
استثمرها في بناء منظومته الفكرية الجبارة؟ ما هي المنعطفات الحاسمة في
تطوره الفكري؟ ومن هم المفكرون الذين ألهموه أكثر من غيرهم؟ وبعبارة أخرى:
كيف تكوّن هذا الوعي الحاد بالواقع والتاريخ، وهذه القدرة المنهجية على
رصدهما واكتشاف قوانين حركتهما؟ كيف نضج، إلى هذا الحد المذهل، ذلك العقل
التحليلي ـ التركيبي ليؤسس مدرسة سياسية ـ فكرية تكون لها أعمق الأثر في
فكر العقود والقرون اللاحقة، وليبلور منهجاً علمياً بالغ الفعالية والخصوبة
سيُحدث انتقالة نوعية في حقول العلوم الاجتماعية كافة؟. بدأ ولع كارل
بالقراءة، بتشجيع من والده، منذ سني طفولته الأولى. وكان صبياً حين غرس فيه
البارون لودفيغ فون فستفالم (صديق والده، ووالد زوجته جيني، فيما بعد) حب
الشعر والموسيقى. وفي أثناء جولات السير في حدائق هامستيد هيث الساحرة..
كان البارون (فستفالم) ينشد مقاطع شعرية لهوميروس وشكسبير ودانتي وغوتة
وكان الشاب (كارل) يحفظ عن ظهر قلب. في 25 أغسطس/ آب 1835 تخرّج كارل ماركس
من كلية تريير (مسقط رأسه)، وليست ثمة معلومات كافية عن صداقاته وقراءاته
في هذه المرحلة من حياته. وتؤكد شهادة تخرجه، بتوقيع مدرّّسيه، على قدرته
في "فهم وتفسير أكثر الفقرات صعوبة في المواد الكلاسيكية، وخاصة تلك
الفقرات التي تكمن صعوبتها، لا في غرابة لغتها، بل في موضوعها وعلاقات
الأفكار فيها". ودرس ماركس الحقوق، في عام 1835، في جامعة بون، ومن ثم في
عام 1836 في جامعة برلين، من غير أن يهتم كثيراً، أو يحضر سوى محاضرات
محدودة (إلزامية) في الحقوق والتاريخ والفلسفة. لكنه اكتسب ثقافة ثرية
وعميقة من خلال قراءاته، إذ لم تكن بوسع جامعة في حينها أن تشبع نهمه إلى
المعرفة، أو ترضي عقله الخارق، وذكاءه الوقّاد. وعلى الرغم من يفاعته كان
يتعاطى مع الأفكار بعدِّه مفكراً مستقلاً، غير أن هاجساً آخر كان يسكنه هو
هاجس الأدب والشعر. وقد أنجز ثلاث كراسات أدبية، وهو لما يزل طالباً،
أهداها لخطيبته جيني (زوجته لاحقاً) هي ديوان شعر ومسرحية شعرية ورواية
بعنوان (العقرب وفيلكس). وسيدرك سريعاً أنه غير مؤهل لكتابة الشعر وإنما
لشيء آخر. وقد استفاد من موهبته الأدبية في تدوين أفكاره الفلسفية
والسياسية، فجاءت دراساته ومقالاته ذات لغة جذابة وطراوة وجمال في التعبير
والأسلوب. فرفعته، كما يقول كاتب سيرته فرانز مهرنغ "القدرة الرمزية التي
تتمتع بها لغته إلى مصاف أعظم الأدباء الذين كتبوا بالألمانية، وكان يعلّق
أهمية كبيرة على التناسق الجمالي في كتابته". لم يكن ماركس اليافع يستقر
على حال.. انتقل من الشعر إلى الحقوق إلى الفلسفة.. ترجم كتابين من كتب
جوستينيان القانونية إلى اللغة الألمانية، وحلم بوضع فلسفة للقانون. وهذه
المعزوفة المشؤومة، مثلما يسميها، استهلكت منه ثلاثمئة دفتر. وعرّج إلى
الفلسفة ونصب عينه وضع نظام ميتافيزيقي جديد، قبل أن يتنبه إلى أن جهوده
تذهب سدى. وكان يقوم بتلخيص الكتب التي يقرؤها خلال سنوات دراسته، مع تدوين
أفكاره وملاحظاته حولها. "قرأ لاوكون بقلم لسنغ، وغيرفن بقلم سولجر،
وتاريخ الفن لوينكلمان والتاريخ الألماني للودن...كذلك ترجم جرمانيا
لتاسيتس، وبدأ تعلم الإنكليزية والإيطالية بمفرده.. ثم قرأ القانون الجنائي
لكلاين، وكذلك الحوليات. كما قرأ كل الإنتاج الأدبي الحديث". كانت
الانعطافة الأولى المهمة في التطور الفكري لكارل ماركس هو تعرّفه على أعضاء
نادي الهيغليين الشباب وانضمامه إليهم في غضون ثلاث سنوات بعد ربيع 1838.
وفي هذه الآونة كانت الفلسفة الهيغلية هي الفلسفة الرسمية للدولة البروسية.
وقد تأثر ماركس بشكل كبير بأعضاء في النادي منهم برونو باور المحاضر في
جامعة برلين، وكارل فردريك كوبن الأستاذ في مدرسة دوروثين الثانوية،
واللذان رأيا في ماركس شاباً (عمره 20 سنة وكانا يكبرانه بعشر سنوات) ذو
موهبة، وملكة فكرية متفوقة. وفي النهاية أغضبت فجاجة السلوك والروح
الاستعراضية لمجموعة الهيغليين الشباب ماركس فبادر إلى انتقادهم بقسوة قبل
الانسحاب من حلقتهم. فعاب عليهم عدم تفحصهم "المقدمات الفلسفية لنقدهم، فلو
إنهم فعلوا ذلك، لأمكنهم، عندئذ، استيعاب فلسفة هيغل". كان على ماركس أن
يتحرى عن جذور الفلسفة الغربية. أي أن يمعن في دراسة نتاجات الفلاسفة
الإغريق (الشكوكيون والرواقيون والأبيقوريون) وعلاقتهم بالفلسفة الإغريقية
التأملية، فقدم رسالته للدكتوراه إلى جامعة يينا باحثاً في الفروقات بين
الفلسفة الطبيعية عند أبيقور ومثلها عند ديمقريط. وكان ديمقريط مادياً، وفي
إطار فلسفته حدد أنه "من لا شيء لا يمكن أن ينجم شيء. ولا شيء كائن يمكن
أن يُفنى، وكل تغير ليس إلاّ اتحاد أو انفصال جزئيات، ولا شيء يحدث عرضاً،
بل كل شيء يحصل بسبب وبالضرورة. ولا شيء كائن غير الذرات والفراغ، وكل ما
عدا ذلك رأي". تبنى أبيقور هذا المفهوم للطبيعة وأدخل عليه بعض التعديلات
وأشهرها ما يسمى (انحراف الذرات). وقد عدّ ابيقور فيلسوف الحواس في مقابل
افلاطون فيلسوف العقل. شجب ماركس "لا مسؤولية أبيقور في تفسيره للظواهر
الفيزيائية". موضحاً أن أبيقور كان يبغي الحقيقة استناداً إلى شواهد حواسه.
لكن ماركس أكبر في أبيقور انطواء فكره (على عكس ديمقريط) على ما اسماه
(المبدأ المحرّك) والذي جعله يثور على اللاهوت ووطأته الثقيلة. واستخلص
ماركس "أن ابيقور هو فيلسوف الوعي الذاتي البشري الحر، حتى لو جرى النظر
إلى هذا الوعي الذاتي في شكل الفردية فقط". ورأى ماركس في بروميثيوس،
الثائر على الآلهة، أنبل قديس وشهيد في تاريخ الفلسفة. وإذ ضمّن هذه
الأفكار في المقدمة التي أراد نشرها مع أطروحته أصاب هذا الأمر صديقه باور
بالذعر والذي وجد في مثل هذه الأطروحات الحادة "تهوراً لا ضرورة له" يمكن
أن يثير ضد ماركس المحافظين والتقليديين. إن ذكاء ماركس وقدرته على هضم أشد
المنظومات الفلسفية تعقيداً والتعامل معها بمنهج تحليلي نقدي، مع مراجعته
لقناعاته نقدياً أيضاً، كشف مبكراً عن مشروع مفكر سيقيض له تغيير وجه
الفلسفة، ومن ثم مسار التاريخ. في عام 1841 نشر لودفيغ فيورباخ كتابه (جوهر
المسيحية) محققاً صدمة هائلة في الأوساط الفكرية الجرمانية والأوربية،
وهازاً أسس القناعات لكثر من أتباع هيغل اليساريين.. يعلّق فرانز مهرنغ على
أصداء الأفكار الجريئة لفيورباخ وكيف أنه "ألقى بكل فلسفة هيغل إلى كومة
النفايات، وأعلن أن (الفكرة المطلقة) ليست غير الروح الميتة للاهوت، وهي
بذلك ليست إلاّ إيماناً بالأشباح". فيما أشار فردريك أنجلس إلى الأثر
المحرر للكتاب معترفاً بالحماسة العامة الشاملة التي أحدثها والطريقة التي
بها "أصبحنا جميعاً أتباعاً لفيورباخ في الحال". وهكذا مارس فويرباخ
تأثيراً كبيراً على تطور ماركس الفكري بشهادة أنجلس نفسه. ومنذ البدء أعلن
ماركس بعض التحفظات على أفكار فويرباخ إلاّ أنه رحّب بها. وعاد فويرباخ في
عام 1843 ونشر كتابه الثاني (دراسات مؤقتة في إصلاح الفلسفة). كان ماركس
منغمراً في الحياة السياسية العامة، ويكتب في صحيفة (راينيخه تزايتونغ)
مقالات نارية عن الوضع السياسي القائم في الولايات الجرمانية. وحين ظهر
كتاب فيورباخ كان من الضروري التنبه إليه وإبداء رأي نقدي حوله. أوضح
فيورباخ أن الفكر صفة من صفات الذات الإنسانية، يصدر عن هذه الذات ولا تصدر
الذات عنه. وإن الإنسان هو جوهر كل نشاط إنساني وكل علاقة إنسانية. فيما
الدولة، بعكس اعتقاد هيغل حقيقة في خدمة الإنسان وليست فوقه أو أسمى منه.
وأن "الإنسان هو الذي يصنع الدين وليس العكس، وأن الكائن الأعلى الذي تخلقه
مخيلة الإنسان ليس إلاّ الانعكاس التخيلي لوجود الإنسان ذاته". ولم تكن
فلسفة هيغل في رأي فويرباخ "سوى لاهوت معقلن، وأن فلسفة هيغل التأملية، هي
نظرية صوفية في التاريخ". وقد كتب ماركس إلى روغه مبيناً "أن حكم فيورباخ
لا تبدو لي مستساغة من ناحية واحدة فقط هي بالتحديد أنها تشغل نفسها كثيراً
بالطبيعة ولا تبدي إلاّ القليل من الاهتمام بالسياسة". ويمكننا تفهم
اعتراض ماركس الذي كان يعي مبكراً ضرورة وحدة الفكر والممارسة، وكيف أن
الفلاسفة اكتفوا بتفسير العالم فيما يقتضي الواجب، اليوم، تغييره. وفي
(مخطوطات باريس) التي تضمنت كتاباته في تلك المرحلة المبكرة لم يخرج ماركس
عن خط فيورباخ كثيراً في نقده لهيغل، بيد أنه ميّز نفسه عنه "في تفسيره
لقانون نفي النفي الهيغلي" ففيورباخ لم يفهم بحسب ماركس قانون نفي النفي
إلا كعملية فكرية أتاحت لهيغل أن يؤكد الفلسفة اللاهوتية (المعقلنة) "بعد
أن كان قد نفى سابقاً وجودها". أما من وجهة نظر ماركس فإن هذا القانون شكّل
"نظرة جديدة عن الوجود بوصفة صيرورة وتاريخاً، تضفي طابعاً ثورياً على
الفلسفة نفسها". كان المنطلق لكل من ماركس وفيورباخ هو فلسفة هيغل.. الأول
مهتم بما يتعلق بالقانون والدولة فيما الثاني مهتم بما يتعلق بالطبيعة
والدين فيها. وكان فيورباخ يعتقد "أن فلسفة حقيقية متناغمة مع الحياة
الإنسانية يجب أن تكون ذات أصل غالي ــ جرماني" أي بقلب فرنسي (يثوِّر)
وعقل ألماني (يُصلح). وهذه الفكرة كانت توافق مزاج ماركس الشاب. بعد زواجه
في عام 1843 انتقل ماركس مع زوجته إلى باريس للعمل مع روغه في مجلة (دويتشر
فرانزوسيش ياربشر). هنا أرسل ماركس رسالة إلى فيورباخ يطلب منه كتابة
مقالة للعدد الأول من المجلة يرد فيها على أفكار شيلنغ الخيالية، لكن
فيورباخ رفض بود، مذعناً للعاصفة النقدية التي تحاصره، ومفضِّلاً العزلة
جسدياً وفكرياً. وفي عام 1845 خرج ماركس بكتابه الشهير (دراسات عن فيورباخ)
وفيه يأخذ على الفيلسوف الألماني (المادي) نظرته التجريدية إلى التاريخ،
وانطلاقه من الإنسان الفرد البرجوازي المعزول، في حين أن الإنسان بحسب
المبدأ الماركسي يتحدد بمجموع علاقاته الاجتماعية. لم تتعد ما نشره ماركس
في مجلة ياربشر المقالتين عنون أولهما بـ (مساهمة في نقد فلسفة الحق عند
هيغل) وفيه أوضح أن "مفتاح فهم التطور التاريخي يكمن في دراسة المجتمع الذي
يحتقره هيغل، وليس في دراسة الدولة التي يمجِّدها". ومبيناً، وهو ينطلق من
أطروحات فيورباخ حول الدين أن "الإنسان هو عالم البشر، هو الدولة وهو
المجتمع. إنه عالم أنتج الدين وعياً مقلوباً للعالم لأن العالم ذاته
مقلوب". وبحماسة الشباب، ولكن ببراعة تحليلية أشار ماركس إلى أهم شروط
الثورة الضرورية في ألمانيا وهي تكوّن طبقة "قيودها جذرية وهي حقل لا
يستطيع أن يحرر نفسه دون أن يحرر كل حقول المجتمع كذلك.. طبقة لا تستطيع أن
تربح ذاتها إلاّ عبر إعادة كسب كاملة للإنسانية". وهذه الطبقة هي
البروليتاريا. أما المقالة الثانية فكانت سلسلة من الملاحظات حول كتابين
لبرونو باور حول المسألة اليهودية. وفي تلك المقالة يقارن ماركس بين شكلين
للتحرر هما التحرر السياسي والتحرر الإنساني، متحرياً عن جذور الارتباط بين
المجتمع والدولة. يقول؛ "عندما يدرك الإنسان قواه الذاتية وينظِّمها كقوة
اجتماعية، وبالتالي لا يعود يفصل القوة الاجتماعية عن نفسه على شكل قوة
سياسية، عندئذ وعندئذ فقط يكتمل انعتاق الإنسانية". وخلال إقامته في باريس
انكب ماركس على دراسة الفلسفة المادية عند ديكارت وجون لوك معطياً "قدراً
أكبر من الاهتمام للفرع الذي نشأ مع لوك وتطور إلى العلم الاجتماعي". وأفصح
عن إعجابه بكل من أفكار هليفيتوس وهولباخ "اللذين حملا المادية إلى الحياة
الاجتماعية، وجعلا المساواة الطبيعية بين العقول البشرية والوحدة الجوهرية
بين تقدم العقل وتقدم الصناعة الفضيلة الطبيعية للإنسانية، كما جعلا القوة
الحاضرة أبداً للتربية النقطة الرئيسة في النظام الذي وضعاه". بات ماركس،
وهو في منفاه الباريسي، يدرس بشغف وعبر رؤية نقدية فاحصة الشيوعية
والاشتراكية مثلما طرحها وروّج لها مفكرو فرنسا الطوباويون والفوضويون
العظام. وهنا، في هذا المناخ الفكري الخصب كانت أسماء سان سيمون
وفورييه وسيسموندي وباكونين وبيكير ولويس بلان وفيدال وبرودون وغيرهم تتردد
بحرارة وقوة. وسيقول ماركس كلمته في حسن نيتهم بالدولة وبإمكانية طرق
السبيل السلمي لتحقيق الاشتراكية، والتي رأى ماركس أنها لن ترى النور، ولن
تتحرر الطبقة البروليتارية من الاستغلال الرأسمالي، إلا بالثورة
(البروليتارية). ذلك أن الدولة تظل عاجزة عن "إلغاء الظروف التي كانت هي
ذاتها ثمرة لها". وبالضد من فوضوية برودون لمّح ماركس إلى الكتابات اللامعة
لويتلنغ (الخياط الألماني). وسيعلن ماركس تصنيفه الشهير لمواقع وأدوار
بروليتاريات أوروبا، حيث البروليتاريا الألمانية هي (المنظِّر) والإنكليزية
هي (الاقتصادي) فيما الفرنسية هي (رجل السياسة). وتلك قطعاً من تخريجات
حماسة الشباب. في هذا الوقت الذي كان فيه كارل ماركس، وبعد أن تشبّع
بالفلسفة الألمانية، كان يتعرف على الاشتراكية الطوباوية، وأيضاً على الإرث
الفكري للثورة الفرنسية، فيما صديقه المرتقب (فردريك أنجلس) المتشبع
بالفلسفة الألمانية هو الآخر كان يتعرف على الثورة الصناعية عن كثب، على
استغلال الطبقة البرجوازية (التي كان أنجلس ينتمي لها) للطبقة العاملة التي
كانت تعيش وضعاً مأساوياً ومزرياً. وكذلك كان أنجلس يطّلع على نتاجات
الاقتصاديين الإنكليز (آدم سمث وديفيد ريكاردو ومالثوس وغيرهم). وسيكون
لقاء الشابين (ماركس وأنجلس) مناسبة لذلك التفاعل لاحقاً بين الفلسفة
الألمانية والاشتراكية الطوباوية الفرنسية والاقتصاد السياسي الإنكليزي،
مصادر الماركسية الثلاثة الكبرى، والتي انطلاقاً منها ستنشأ، بحسب لينين
أقسام الماركسية الثلاثة؛ المادية الجدلية والمادية التاريخية والاقتصاد
السياسي الماركسي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
dmx
عضو نشيط
عضو نشيط
dmx


عدد الرسائل : 26
تاريخ التسجيل : 09/11/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالجمعة أبريل 30, 2010 4:32 pm

حد يساعدنى Shahid1بجد بجد بجد شكرا ليييييييييييييييييييييييييييييييكى كتيييييييييييييييييييييير على تعبك معايا حد يساعدنى 704845
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالسبت مايو 01, 2010 4:20 pm

ولا يهمك شكر على واجب بالتوفيق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باجيرا
عضو جديد
عضو جديد



عدد الرسائل : 1
تاريخ التسجيل : 04/05/2010

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالثلاثاء مايو 04, 2010 8:24 pm

يا جماعه أنا عاوز حد عارف أى حاجه عن الفلسفه البنويه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد عادل الحلوانى
عضو نشيط
عضو نشيط
احمد عادل الحلوانى


عدد الرسائل : 62
العمر : 37
تاريخ التسجيل : 18/03/2010

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالأربعاء مايو 12, 2010 6:57 pm

بارك الله فيكى تغريد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تغريد مصطفى ابراهيم
مشرف
مشرف
تغريد مصطفى ابراهيم


عدد الرسائل : 1204
العمر : 31
Localisation : egypt
تاريخ التسجيل : 02/09/2009

حد يساعدنى Empty
مُساهمةموضوع: رد: حد يساعدنى   حد يساعدنى Emptyالأربعاء مايو 12, 2010 7:00 pm

ربنا يخليكوا كلكوا ويخليك يااحمد
الف مبروك على الاشراف ومساعد المدير جامد جامد جامد يامعلم
جامد اخر حاجة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حد يساعدنى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» او سمحتواا حد يساعدنى
» حد يساعدنى ضرووووووووووورى
» بليييييييز حد يساعدنى
» عايز حد يساعدنى
» حد يساعدنى ارجوكوا ضرورى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى كلية الاداب جامعة عين شمس في حالة وجود اي شكوي anwer_ihab@yahoo.com :: اقسام الكلية :: قسم الدراسات الفلسفية-
انتقل الى: