رازان
فتاة من إحدى الدول العربية لما عرفت أني أجمع مادة عن السجينات أرسلت لي
بقصتها عبر الإيميل فقرأتها فلمست من حروفها الصراحة والندم وأنها دمعة
تستحق منا الوقوف عندها سيما أن مجتمعها يعيش الانفتاح المزعوم بآثاره
السيئة وعواقبه الوخيمة حرس الله فتياتنا من كل مكروه وفتنة ولعلي لا أطيل
عليكم وأترككم تتابعون قصتها كما كتبتها بيدها ..
( تعرفت على شاب ) عن طريق ( الانترنت ) فأعجبني أسلوبه وكم كان طيباً
أثناء ما يقابلني من مشاكل في جهازي فيبادر لحلها وإعطائي الإرشادت الهامة
في ذلك حتى تطورت العلاقة بطريق الماسنجر سنة أو تزيد والتعارف يزداد
يوماً بعد يوم حتى رأيته ورآني وجلست معه مرات عديدة في بعض المطاعم
والمنتزهات التي لا يراها مجتمعي حراماً وممنوعاً لكن ديني يحرمها حماية
لي ولأمثالي من الانحراف والضياع كان نهاية هذه اللقاءات أن عرض علي
الزواج فوافقت فطلبني رسمياً من أهلي وبدون ذكر تفاصيل يطول المقام بذكرها
قام ( أخي ) بالسؤال عنه فأخبر والدي بأنه لا يصلح وأنه شاب مستهتر وغير
مناسب فرفضوه فجنّ جنوني كيف ينهار الحلم الذي بقيت سنة أو تزيد في جمع
فصوله وتفاصليه ومتى يكون واقعاً حاضراً ، ذهبت لأخي ونهرته ورفعت صوتي
عليه فأجابني بالرفض فقلت له : أنا أعرفه من سنة عن طريق الانترنت فقال :
كيف ، ولماذا لم تخبري والدي بذلك ؟؟ ألا تعرفين أن ذلك التعارف سافل
والزواج عن طريقه أكبر خطأ فما هكذا تكون الأصول والعادات الطيبة التي
يقرها الإسلام ويحافظ عليها ثم قال لي : أخيتي عودي لرشدك فقلت : لا
أستطيع أنا أحبه ولا أقدر فقال لي : ( الحب قبل الزواج أكذوبة لا يصدقها
أحد ) ولو كان صادقا معك لما كلمك سنة وأنت لا تحلين له ومن يتعرف عليك
هذه لمدة الطويلة يتعرف على غيرك فعدت إلى غرفتي حزينة باكية مهمومة
مغمومة وكأني أعيش بين دافعين حبي للشاب وصدق كلام أخي الذي أخافني كثيراً
فكيف لي أن أتعلق بشاب لا أعرف عنه شيئاً إلا عن طريق الإنترنت وفقط ، لكن
قررت أنا ولوحدي أن أتزوج منه مهما كانت الصعاب والموانع فوقفت أمام والدي
وكلي جبروت وقوة وعناد قلبي صامد كالحجر القاسي ونفسي متوثبة إلى أمل واه
يهتز أمام عيني قائلة له : أبي أنا أحترمك وحقك كبير لكن في اختيار زوجي
وشريك حياتي فلا وأنا آسفة ويجب أن أتزوجه شئتم أم رفضتم والقانون يسمح لي
بذلك .... !!!!!!
وقف أبي واجماً لا يصدق ماذا فعلت ؟؟ وبم أتحدث ؟؟ أما أمي فقالت باكية
أنت لست بنتي وغضبي عليك حتى أموت فاستعاد أبي اتزانه ثم قال :
هل تجرئين على تحد أهلك وتتزوجين غصباً عليهم ؟؟
فقلت بروح شريرة وحقيرة : ( أرجوكم هذه حياتي وحدي ولا علاقة لكم بي )
فجمعت ثيابي وكل أغراضي وذهبت إلى أخي الأكبر في بيته وكان يعرف تفاصيل
القصة خرجت من بيت والدي وأمي تنادي وتبكي بصوت حزين لكن هالني وأخافتني
كلمة والدي حينما قال لي بأعلى صوته :
رازان ؟؟!! ( إن خرجت وتزوجتيه فلن تعودي مرة ثانية ولست ابنتي .. ) .
هذه الكلمات خفت منها فهو يطردني من الانتساب له ويقطع علاقة الأبوة بيننا
وكدت أن أرجع ويا ليتني عدت لكنها النفس والشهوة والنزوة والحب الأعمى
والعشق الشيطاني خرجت لأخي الأكبر ووصلت بيته وكان على علاقة غير طيبة مع
أبي منذ سنوات فهو تزوج من غير رضى أبي كذلك ، لكنه رجل وأنا امرأة وهذا
الفرق بيننا فرّحب أخي بي كثيراً وتأسف لي على تعصب والدي وأنه يقف أمام
رغبات غيره باسم العادات والتقاليد والأصول فاتصلت بفارس أحلامي وهو وربي
قاتلها فأخبرته فقال :
لا عليك أنا لك الأب والزوج والأخ
مرت الأيام تعبت فيها وتعب أخي الأكبر من المواجهة مع الأهل في إقناعهم
بالموافقة وكيف أنهم يطلبون مني أن أنسى حباً وغراماً دام سنة نما وترعرع
بين قلبينا حتى أضحى كل شيء في حياتي وأنني لن اتخلى عن حبي الأوحد الذي
لا يستطيع أحد كان أن ينزعه من قلبي الكبير حتى وإن كان أبي !!
مرت الشهور وحاول خطبتي من أبي مرة ثانية فرفض وأخبره بأن لا يفعل ذلك مرة
أخرى فقررت أن أساعده وأن أتحرك لأثبت له حبي ولو وقف العالم بأكمله في
وجهي فكلمت أخي الأكبر أن يزوجني دون موافقة أبي فوافق بعد إلحاح طويل وتم
الزواج في وضع كئيب وكياني كله يرتعش أسفاً وحزناً كيف تتزوج فتاة دون علم
أهلها وبعيداً عن أحضان أمها وفرحة أبيها لكن هي شهوة النفس ونهاية التعلق
المقيت .
تزوجنا يا شيخ بدون ضجة أو أي احتفال فقد اقتصر على أهله وأخي الأكبر وفقط
لأدخل عليه في ليلة الفرح وكأنها ليلة مخيفة لها ما بعدها من نتائج ومصاعب
وبعد أيام اكتشفت أنه مدمن مخدرات وحينئذ تذكرت كلام أخي كيف تتزوجين
رجلاً لا تعرفين عنه شيئاً ومن هول المشاكل وصعوبتها في إقناع أهلي
بالزواج منه تساهل أخي الأكبر في السؤال عنه لما رأى من إصراري على الزواج
منه مهما كانت الأسباب والدواعي المانعة من حيال ذلك وحصوله قلت له وبقوة
وبحرقة تشتعل في جوفي : لم أعرف أنك مدمن ولماذا لم تخبرني ، قال بجفاء :
وإذا عرفت ماذا تستطيعين أن تفعلي ، سكت وأنا ابتلع الإهانات الجارحة وهو
يعرف تماماً بأن ليس لي أحد غيره لذلك أصبح يتلذذ بتعذيبي ويتعمد إهانتي
وإذلالي وإلا فأين كلامه الجميل المعسول معي قبل الزواج ومهما قلت من
الصفحات الماضية فالحاضر يقتلها وينقلها لعالم ماله من قرار فتحت دوامة
الحدث وسياط الندم والألم تلهب صدري بقسوتها ، ويلوح في الأفق ( أمي وأبي
) كيف لم اسمع كلامهما وكيف أنهما قابلاني بالشدة والقسوة وكنت أتوقع
أنهما سيسامحونني بعد أن أضعهم أمام الأمر الواقع لكنهم لم يغفروا لي
أبداً حتى أهلي قاطعوا أخي الأكبر نهائياً بسبب زواجي وأخي لم يحرص على
زيارتي كما كان سابقاً فأصبحت وحيدة بكل ما تحمله من عبرة وحسرة .
لا أطيل عليكم .. فقد حصل بيني وبين زوجي سوء تفاهم من إدمانه للمخدرات
حتى وصل إلى الترويج والتجارة فيها فهددته بإخبار ( أبي ) فضحك وقال :
لعلي أذهب معك كي أراهم !! آه .. لقد قهرني وأحسست بكلماته تجرحني في
الصميم وكأنه غابة من الأشواك الدامية تخدش جسدي الضعيف المتهالك بقسوته
وعنفه !! فبكيت كثيراً تلك الليلة وزوجي في عالم المخدرات ومكاسبه المالية
التي لا تنتهي حتى ملني وكرهني حتى رأيته يعقد صفقاته عبر الانترنت
بمعارفه وأصحابه فيها فضلاً عن إدمانه للمواقع الإباحية والعلاقات المحرمة
مع النساء والفتيات وأمامي ودون حياء ولا كرامة لي ولا للبيت وقدسية
الزواج فرفعت صوتي عليه وأسمعته سباً وشتماً فضربني ضرباً شديداً تحت ضغط
المخدر فأحسست بدوار شديد لم أفق منه إلا وأنا في غرفة النوم لوحدي ولا
أدري ماذا حصل !!
فلما عاد للمنزل طلبت منه الطلاق فقال : لا مانع لدي لكن أين تذهبين ؟؟
فطلب مني أن أذهب معه لرحلة تخفف شيئاً من المشاكل بيننا فخرجنا سوياً
وكان القدر ، فقد جعلني طُعماً لعملية قذرة في ترويجه للمخدرات دون علمي
فألقت الشرطة القبض علينا وساروا بنا إلى السجن وقد اتهمني أنا وهو لا
يعرف عن ذلك شيئاً فأمضيت في السجن 7 أيام على ذمة التحقيق كانت من أصعب
أيام حياتي وأشدها بؤساً حتى ظهرت الحقيقة فطلبت من الضابط مقابلة زوجي
وأمامه وطالبته بالطلاق فطلقني وخرجت من القسم مع الشرطة إذ تحفظوا على
مقتنيات بيته فحملت حقيبتي ودموعي والكثير من الجروح في نفسي ترفض النسيان
لقد غادرت بيت زوجي الذي أذلني وأنا عزيزة وأهانني وأنا كريمة فقررت
الذهاب لبيت والدي الذي حضنني طفلة ورعاني شابة ووقف في وجهي لما أخطأت
عدت لمنزل أهلي بعد ثلاثة أشهر من العذاب والحرمان دخلت فقابلتني ( أمي )
فضمتني وهي تبكي وأنا أبكي فرآني والدي فأشاح بوجه عني وعيناه تذرفان
فسقطت تحت رجليه أطلب السماح والعفو منه وأنا نادمة بعدد دموعك الغالية
فلم يرد علي والدي وتركني أبكي ففكرت أن أذهب لأخي الأكبر حتى تهدأ الأمور
فحملت حقيبتي ولما أردت الخروج نادني أبي قائلاً :
رزان بنيتي مهما حدث فأنت بنتي وأنا أبوك ، فألقيت بجسدي نحوه أبكي من الفرح فسقطت أقبل رجليه وهو يمسح بيده على رأسي ودموعي !!
أحبابي الكرام ...
هذه قصة لأخت وفتاة عاشت الانفتاح المزعوم وهي متعة أعقبت لذةً وندماً
وأورثت حسرةً وألماً فالدموع وحدها لا تكفي والموت ألف مرة لا تعادل آهة
من آهاتها وما أكثرها بكت ألفاً وتحسرت ألفاً مثلها فقد دفعت نفسها
للتهلكة بتعارف من الانترنت وما لبث أن كان زواجاً ثم عقوقاً ثم سجناً
أورث طلاقاً وضياعاً في عالم يطبق القانون الوضعي ويتخلى عن التشريع
السماوي الذي جعل الولاية للوالد ومن بعده ممن هم أهل لها سيما أن هذه
الفتاة عاشت ضحية الحب قبل الزواج في مجتمع يدعو لذلك وهنا رسالة صادقة
أهمس بها في أذن كل فتاة تعلقت برجل قبل الزواج أننا لن نصدق شاباً مهما
تظاهر بالصدق والأمانة يحترم فتاة تخون أهلها وتحادثه عبر الانترنت أو
الهاتف أو تتواصل معه عبر الرسائل البريدية أو الإلكترونية أو تخرج معه
مهما أظهر لها من حب ووفاء فمن أحب فتاة خاف عليها وحافظ عليها لا أن يسعى
بكلماته المعسولة لأجل أغراضه السيئة فالحب قبل الزواج هو الحب المزيف
المبني على أوهام وأكاذيب لمجرد الاستمتاع ثم ينهار ويتكشف المستور وتتبين
الحقيقة القاسية ولكن بعد فوات الأوان فسبعة أيام قضتها في السجن لجرد
تهمة كادت أن تلبسها القضية كاملة لولا ستر الله ومع هذا ملت من حياتها
ونفسها خلال أيام قليلة أمضتها نزيلة السجن وخرجت لتبدأ حاضراً جديداً بعد
ماضٍ ولى بما فيه من الهموم والأحزان .. !!