قال
تعالى: [واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين] (البقرة
45) للصلاة الفضل الأكبر في تفريج هموم النفس، وتفريح القلب وتقويته وفي
شرح الصدر لما فيها من اتصال القلب بالله عز وجل، فهي خير الأعمال كما قال
صـلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجة والحاكم عن ثوبان رضي الله عنه "
واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة وللوقوف بين يدي الله في الصلاة أسرار
عظيمة في جلب الصحة والعافية، قال جل وعلا [ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء
والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون ] (العنكبوت 45) ،
والصلاة هي الشفاء الأكيد للنفس، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
كان إذا حزن من أمر فزع إلى الصلاة، كما أنها علاج فعال للجسم أيضا، فقد
روى ابن ماجة من حديث مجاهد عن أبي هريرة قال: " رآني رسول الله صلى الله
عليه وسلم وأنا نائم أشكو من وجع بطني، فقال لي: يا أبا هريرة، أيوجعك
بطنك ؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: قم فصل، فإن في الصلاة شفاء إن الصلاة
عملية حيوية ترتفع بأداء وظائف الإنسان النفسية والبدنية إلى أعلى مرتبة،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد: " إنما مثل الصلاة كمثل
نهر عذب غمر بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات فهل يبقى من درنه
شيء؟.. الحديث"، فالصلاة بحق نموذج نوراني يؤكد عظمة المنهج القرآني لهذا
الدين !
يحكي لنا (م.س) من المملكة السعودية قصته لم أكن أعرف طريق المسجد رغم أن
والدي كان شيخا يعلم القرآن، فقد أفسدني المال الذي كان متوفرا بين يدي
وأبعدني عن طريق الله، ثم أراد الله أن أصاب في حادث سيارة أفقدني القدرة
على السير تماما، وأكد الأطباء أنه لا يوجد سبب واضح لهذه الإعاقة إلا أن
تكون صدمة عصبية أودت بقدرتي على الحركة، وفي أحد الأيام كنت في طريقي إلى
صديقي الجديد، ذلك الكرسي المتحرك الذي أنتقل إليه بمجرد تركي لسيارتي
المجهزة للمعاقين، وقبل أن يضعني أخي فوق الكرسي أذن المؤذن لصلاة المغرب،
كان صوته جميلا لامس قلبي فجأة وهز وجداني بشدة، وكأني أول مرة أستمـع إلى
الآذان في حياتي، دمعت عيناي، وتعجب أخي وأنا أطلب منه أن يأخذني إلى
المسجد لأصلي مع الجماعة" مرت أيام طويلة وأنا أواظب على الصلاة في
المسجد، حتى صلاة الفجر لم أتركها تفوتني، ورغم معاناتي الشديدة فقد هممت
ألا أتراجع أبدا عن طريق العودة إلى الله، وفي إحدى الليالي وقبل صلاة
الفجر رأيت أبي في المنام وقد قام من قبره وربت على كتفي وأنا أبكي وقال
لي: يا بني لا تحزن لقد غفر الله لي بسببك، فتهللت جدا لهذه البشرى ورحت
أصلي وأسجد لله شكرا، وقد تكررت رؤياي هذه عدة مرات . وبعد سنوات كنت أصلي
الفجر في المسجد المجاور لبيتنا، وكنت جالسا على الكرسي في نهاية الصف
الأول، راح الإمام يدعو طويلا دعاء القنوت، ورق قلبي كثيرا لدعائه وانهمرت
دموعي، ووجدت جسدي يرتعش وقلبي يكاد يقفز من صدري، وشعرت باقتراب الموت
مني، هدأت فجأة وأكملت صلاتي وبعد أن سلمت قمت من فوق الكرسي وأزحته جانبا
لأقف على قدمي لأصلي ركعتي شكر لله . جاء المصلون من حولي يهنئونني،
واختلطت دموعهم بدموعي، وكانت فرحتي بصدق مشاعرهم لا توصف، وجاء الإمام
ليهمس في أذني وهو يعانقني: إياك أن تنسى فضل الله عليك ورحمته بك فإن
حدثتك نفسك بمعصية الله فلتعد إلى الكرسي ولا تتركه أبدا حتى تؤدبها !