تغريد مصطفى ابراهيم مشرف
عدد الرسائل : 1204 العمر : 32 Localisation : egypt تاريخ التسجيل : 02/09/2009
| موضوع: من معالم علم النفس في القرآن الإثنين فبراير 15, 2010 4:30 pm | |
| من معالم علم النفس في القرآن
تمهيد | لم يكن علم النفس وقفاً للحضارة المعاصرة، كما لم يكن وليد النظريات الفلسفية الحديثة. فعلى الرغم من التطور البيئي في الحياة والتغير الفسيولوجي في جسم الإنسان إلا أن الموروثات البشرية تبقى على ذاتيتها النوعية والجنسية ،وتبقى معالم النفس القرآنية خالدة ما دامت تلك الموروثات البشرية باقية أو ما دامت المعادلة الإلهية في بني الإنسان متواصلة.
وإذا كان الهلع هو سمة من سمات الخلقة بصورة عامة فإن التردد والضعف هو الصفة التي تتسم بها النفس الإنسانية عموماً وعند وهن العظم وكبر السن خصوصاً وان العزم والتوكل هما من أبرز وسائل العلاج النفسي لذلك التردد وذاك الضعف.
وإذا كان العسر هو أحد وسائل الفتنة للذين يدّعون الإيمان حسب قوله تعالى ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) سورة العنكبوت آية 2. فإن اليسر بعد العسر هو أحد وسائل الجزاء والإثابة من الله لعباده المفتونين. | فإذا عزمت | ليست الاتكالية أمرا محبباً في المجتمعات شأنها في ذلك شأن التطفل بل هي منتهى الفلسفة السلبية المخطوءة والخمول الفكري الذي يصاحبه التكاسل الجسدي وما يصحبه من مضاعفات سلبية وليس التوكل كالاتكالية فهما يختلفان ولا يجتمعان في العزم المصاحب للتوكل.
والإحباط مرض أجارنا الله وإياكم منه، فهو ابتلاء النفوس المتعبة وقهر الدهر لعظيماتها وهو رفض للإيجابيات وتقبل للسلبيات واقتراب أو انتماء للباطل وابتعاد عن الحق ، وتردد للعقل عن التفكير الواقعي السليم، وإنزواء للنفوس عن مجريات الأحداث ومصارعتها وخوف من المواجهة وعدم الحضور الذهني في الأوساط المتحركة وانزواء روحي عن الحياة المتلاطمة أحداثها وعصبية مقهورة مكبوتة داخل نفسها وركون جسماني للكسل واستسلام بغيض لحجج لا أساس لها من الصحة، والواقع والحقيقة أن الإحباط ليس موروثاً اجتماعياً بل هو نتاج وإفراز سلبي لتجربة فاشلة مريرة وقاسية أو نتاج لسلسلة من التجارب الفاشلة في حياة الفرد أساء تفسيرها وتحليل مفرداتها خصوصاً الزمنية منها. فترسخ الفشل فيه روحياً مزمناً بدلاً من أن يكون عارضاً ميكانيكياً وعملياً عارضاً. وهذا الفشل الفارض للإحباط والمولد له ما هو إلا كفساد قطعة في آلة ميكانيكية تصلح إذا ما تم تشخيصها واستبدلت أو تغيرت.
إن الإحباط النفسي الذي نحاول علاجه يختلف عملياً عن الإحباط غير النفسي والذي يعني رد الفعل وعدم قبوله إذا كان مشوباً أو ليس سليماً. | التوكل حرب ضد الاتكالية | والتوكل الذي تشير إليه الآية الكريمة بعد العزم ( فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) سورة آل عمران آية 159 (3) ـ تمثل حرباً على الإحباط والاتكالية سالفتي الذكر.
والتوكل على الله هو الاعتماد واللجوء أو الانتماء إلى الله في المواقف، عندما يضيق الصدر وترتفع درجات الإحباط يلجأ الإنسان إلى صاحب وصانع المعادلات الكبرى أينما وحيثما وكيفما كان... إلى خالق الكون اللامتناهي ليلجأ إليه ويعتمد عليه وهو يعلم أنه يحبه بعد العزم ويستجيب له بعد الدعاء والتوجه.
( إن الله يحب المتوكلين) ذلك هو العلاج النفسي الإلهي للنفوس البشرية المحبطة ذات التجارب الفاشلة والتي يقابلها عزم وإصرار وتوجه وتوكل ومن ثم حب إلهي مصحوب بالاستجابة. نعم إن الله يحب الذين يركنون إليه بعد العزم ويفتخرون بالانتماء إليه عن وعي ودراية.
إن هذا التوكل المحبب إلى الله لم يأت من فراغ ولم يأت إلا مخاضاً للعديد من العمليات العقلية والحسابات الشخصية الفكرية التي تولد العزم والإصرار والاندفاع النفسي الخالي من عوامل الإحباط والتردد والاتكالية.
ولربما يعتقد البعض أن العزم لا يمكن أن يتولد من النفس المحبطة أو تلك التي تعاني من درجات عالية من الإحباط وهذا الاعتقاد محتمل من الناحية العلمية ولذلك يحفّز الله تلك النفس بالحب بعد العزم ويحثها على توليد الإرادة في ذاتها وبذاتها (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فكلفها بالعزم ثم التوكل وهو النتيجة الإيجابية المصاحبة للحب الإلهي.
تلك المعالجة النفسية والنتيجة الإيجابية هي التي تقتل الإحباط وتقوض دعائمه التي ترسخت في نفس الإنسان عبر محاولة واحدة وعزم واحد ،ينتهي الإحباط ليبدأ الإنسان عمله من جديد بصورة طبيعية.
والحقيقة المعروفة أن الرياضة والصلاة هما من الأدوية أو الوسائل الجسمانية والروحية لرفع هذا المرض العضال الذي قد يختلط أحيانا بالخبرة والتجربة السلبية فيساء استخدام الخبرة ممزوجة بمخلفات الإحباط ،من هنا كان الشرط الإلهي إذا عزمت.. والعزم تلك القوة النفسية والإرادة الروحية التي لن تأتي إعتباطاً بل بعد سلسلة من الإثارة والصراع الفكري والتمحيص العقلي والنتيجة الإيجابية المرجوة من تلك السلسلة.
| العزم إرادة العطاء | والعزم زخم للروح والفكر والجسد وتوثب كل ما هو قادر على العطاء في جسم الإنسان بهرموناته وانزيماته وخلاياه وفكره وعقله لتجسيد قناعة معينة ومحددة. والعزم تصميم على الأداء والعطاء مهما كانت النتائج سلبية أم إيجابية. ( فإذا عزمت فتوكل على الله) . فبعد ذلك العزم والتصميم والإرادة يأتي التوكل على الله القدير القادر على تحويل تلك التجربة الجديدة إلى تجربة ناجحة وذلك العزم والإصرار إلى نتائج إيجابية ،الله بعد ذلك يحب الذين يتوكلون عليه ويركنون إليه بعد إصرار وتدبير ويرجون منه بعد رغبة في الأداء والعطاء.
النفس المحبطة متعددة المعالم متعددة السلبيات، والتردد في اتخاذ القرار والتردد أو التلكؤ في القيام بعمل ما هو إلا أحد معالم هذه النفس ،ولربما نستطيع قياس وتدريج مستويات الإحباط فمن عالي الدرجات إلى متدني الدرجات ـ ولربما يكون التردد ناتجا عن مشاكل أخرى كالغموض وعدم المعرفة. وقد يكون ناتجا عن الحيرة بين قضاء الله وقدره ولكننا في صدد الحديث عن التردد المصاحب للإحباط وهو علامة من علاماته. حيث جعل الله كلاً من العزم والتوكل علاجاً شافياً لهذا التردد الملازم لتلك النفوس ،ولكن المشكلة قد تقع في حسابات ومستويات ذلك العزم فغالباً ما تكون النفس المحبطة ذات عزم ضعيف وحسابات مشتتة ولقطع دابر الضعف والتشتت في الحسابات جعلت الخيرة في كتاب الله وبين آياته وسيلة من وسائل الحث وتوليد العزم لدى النفس وكثيراً ما تفيد هذه الخيرة بين آيات الله وسطور كتابه الكريم تلك النفوس الحائرة والمترددة بين قضاء الله وقدره فهي بذلك تستعجل القضاء والاستسلام له على القدر وبذلك تقطع الشك باليقين.
ولربما يمكننا الجزم بأن الخيرة المأخوذة من آيات القرآن، الكريم أقوى على رفع درجات العزم لدى النفس البشرية من أي اقتراع آخر مأخوذ من وسائل أخرى. إذ الاقتراع بآيات الله يكون ذا صدى ومعنى سواء كانت النتيجة سلباً أم إيجابا. فالإيجاب منها يدفع إلى الأقدام بينما يدفع السالب منها إلى الاستسلام لأمر الله مع كامل القناعة والاطمئنان والصبر والتصابر ولعل وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم.
ذلك هو واقع المعالجة النفسية للإحباط والتردد النابع ذاتياً من النفس المتوكلة على الله والمصاحبة لحبه ومودته. | كيف يتكون العزم | ربما يكون السؤال الكبير من تلك النفوس المحبطة هو كيفية تكوين العزم السابق للتوكل وهل يكون التوكل بدون عزم حلاً لمعضلة الإحباط النفسي؟ والحقيقة هي أن الله لن يرفض أو يرد من يلجأ أو يتوكل عليه عازماً كان أم بدون عزم ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) آية 186 سورة البقرة (2). ومع ذلك نجد أن النفس المحبطة بحاجة إلى عزم. أما كيفية تكوين ذلك العزم والإرادة فإن الآيات الكريمة في القرآن، والتي ترددت في عدد من المواقع تشير إلى أن الإيمان بالله والصبر والتقوى والانتماء لله وحفظ العهد وعدم النسيان والحلم والغفران هي كلها من مولدات ومكونات العزم السابق للتوكل والشافي من الإحباط النفسي.
( وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) آية 186 سورة آل عمران .
( واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) آية 17 سورة لقمان.
,( لمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) آية 43 سورة الشورى.
( فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم) آية 35 سورة الأحقاف .
( ولقد عهدنا إلى آدم من قبلُ فنسي ولم نجد له عزما) آية 115 سورة طه.
وليس مما يحتاج للإحصاءات الكمية أو البيانية وجود العزم مع الصبر والجلد وليس من قبيل الصدفة أن تكون درجة العزم لدى الإنسان الصبور أو القادر على الصبر أي المتصابر أعلى من درجته عند الإنسان الجزوع أو غير المتصابر ولذلك قرن الله وفقاً لحساباته ومعادلاته الإنسانية العزم بالصبر.
وليس من قبيل الصدفة أيضاً أن تقترن التقوى بالعزم فالصبر على تنفيذ الأحكام الإلهية واطاعة الأوامر الإلهية والانتهاء عن نواهيه هي التقوى المرادفة للعزم.
وليس من قبيل الصدفة أيضاً أن يكون غفران إساءة الآخرين والسكوت عن سلوكياتهم المؤذية أو المهينة أحياناً هو من أعلى درجات الصبر والتصابر واسمى درجات الجهاد النفسي ولا غرو أن يقترن ذلك الغفران الإنساني بكلٍ من التقوى والعزم المطلوب.
وينهى ربنا عن الاستعجال لأنه مضاد للصبر وانتفاء للعزم فلا صبر ولا عزم للشخص العجول أو المتعجل بدون ضرورة.
أما عزم سيدنا آدم فتشير الآية إلى عدم وجوده نظراً لآفة النسيان عموماً ونسيان عهد الله خصوصاً وبهذا نستنتج عدم اقتران العزم بالنسيان ونكث العهود والمواثيق.
والحقيقة إن درجة النسيان عند الفرد هي مؤشر من مؤشرات الشرود الذهني إما لضعف في خلايا التفكير نتيجة الكبر أو المرض أو أسباب أخرى وأما لإنشغال تلك الخلايا الفكرية بامور تبعد الذهن عن موضوع معيّن وفي كلا الحالتين لا يتكون العزم النفسي وقد لا يستطيع الإنسان الالتزام بأبسط العهود والنذور التي يعقد العزم على تنفيذها أمام الله والناس وحتى أمام نفسه أحياناً. | فإن مع العسر.. | العسر وجه من وجوه المواقف الصعبة التي يواجهها الفرد ولوحة من اللوحات المتكررة في مسيرة حياته وإفراز من إفرازات صراع الإنسان مع الحياة فالبطالة ، المرض ، العجز ، الضياع ، الخسارة ، الفشل ، والكآبة ، ... كلها مفردات للعسر الذي يواجهه الإنسان منذ ولادته وحتى مماته والعسر الذي يبدأ من الشوكة الواخزة للجسم وإن كان نسبياً لا ينتهي بحدود أو حالات معينة.
واليأس الذي يصيب النفس ويرهقها بظلاله ويخيم عليها بكوابيسه هو الآخر شكل من أشكال العسر ولربما الأسوأ منه، واليأس هو منتهى الإحباط ويمثل أقسى درجاته واعلاها هو أحد اوجه العسر أيضاً وقد تم استعراضه في الفقرة السابقة.
إن مواساة المعسر في كل حالاته البسيطة والحادة تمثل بلسماً يخفف من شدة العسر ووقعه على النفس. فكثيراً ما تنساب دموع الراحة النفسية الممزوجة بالأمل والفرحة عند انفراج العسر وانتفاء الضيق خصوصاً عند النساء وكبار السن، وكثيراً ما يكون وقع المواساة اشد واجمل إذا كانت محتوية على عنصر المفاجأة.
إن الوعد الإلهي بزوال العسر عن العبد والتأكيد على وجود اليسر واقترانه معه يمثل القطرة التي تروي عطشاناً يبس لسانه من العطش، وأملا يسعى إليه كل معسور الحال وطاقة حيوية تختزل كل شوائب الانهيار ومقومات اليأس.
وسواء كان العسر جسمياً فيزياوياً أم نفسياً فإن سورة الانشراح الكريمة ( ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك، الذي انقض ظهرك، ورفعنا لك ذكرك، فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا... ) التي تؤكد آياتها على اقتران اليسر بعد العسر لشرح صدر المكروب وترفع عنه وزره وتفرج عنه همه الذي أثقل عليه عند قراءتها بصورة متتالية. إن الوعد الإلهي بزوال العسر وحلول اليسر هو الذي يحول اليأس إلى أمل والجزع إلى صبر وجلد ليستطيع العبد مواصلة مسيرته اليومية وينظر للحياة نظرة جديدة ملؤها التوجه لله.
إن تجارب الأفراد خلال مسيرتهم الحياتية مليئة بالأحداث الصعبة والمعاسر التي تنحني عندها الظهور وتقض المضاجع وتشيب لها الرؤوس ولكنها تنتهي وتزول بعد حين بالدعاء والتوسل والتوجه إلى الله جل شأنه ،وليس هذا فقط بل إن مسلسل التجارب وقصص الأولين القرآنية تدل على ذلك فسيدنا أيوب… إذ مسه الضر بمرض عضال عانى منه حوالي أربعة عقود، وسيدنا يونس… إذ لبث في بطن الحوت لولا أن كان من المسبحين وسيدنا يوسف… إذ رمي في الجب لولا السيارة التي أنقذته، وزكريا… الذي بلغ منه الكبر عتيا وأخذ الشيب منه ماخذاً وامرأته التي كانت عاقراً فرزقه الرب بيحيى… ، وعسر سيدتنا مريم التي هزت إليها بجذع النخلة وانتهى العسر والغم فتساقط عليها رطباً جنياً، كلها تؤكد للفرد بأن معضلته هي واحدة من تلك المعضلات البسيطة والسهلة أمام الإرادة الإلهية، ومهما كانت فهي ليست بأكبر وأضخم من تلك التي قصها الله تعالى علينا وضرب بها الأمثال والحكم. |
| الحقيقة أن سورة الانشراح لا تخاطب الرسول(ص) فقط بل تخاطب كل المسلمين والمؤمنين ولا تبشرهم بانشراح الصدر وإزالة الهم والغم عن الصدور فقط بل تطالبهم أيضاً بالتوجه إلى الله تعالى وذكر نعمته التي أنعم بها على الفرد ( فإذا فرغت فانصب، وإلى ربك فارغب) سورة الانشراح آية 7و8. وهذه المطالبة وبهذا الأسلوب لا تؤكد فقط على أن بعد العسر يسراً بل تحسب ذلك من المسلمات المفروغ منها وإلى ذلك يشير كل من الدكتور أنور طاهر رضا والدكتورة أمل المخزومي أستاذا علم النفس في جامعة فارينوس وأزمير حالياً إلى أن استخدام هذه الآية بالذات وسورة الانشراح عموماً. وتأثيرها النفسي حتى في العلاج السريري النفسي بلغ حدود 96% من مجمل الأشخاص الذين اشتركوا في استبيان دراسي في إحدى التجارب للعلاج النفسي من المعضلات المزمنة التي تحيق بالفرد المسلم.
كما يفيد كل منهما (صحيح أنه لا يوجود مقياس كمي لقياس درجة الانشراح والتوكل لدى المريض إلا أن المقارنة بين أفراد العينة الخاضعة للتجربة وممن يدينون بالإسلام مع غيرهم الذين لا يدينون بالإسلام والخاضعين لنفس التجربة والعلاج النفسي السريري تشير إلى قوة تأثير سورة الانشراح عموماً والآيتين ( فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسرا) خصوصاً على النفس المؤمنة وذلك ما يؤكد قوله تعالى ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) سورة الإسراء 17 الآية 82).
وليست الراحة النفسية فقط والعلاج هو الذي استحصله المسلم من هذه السورة وآياتها بل أيضاً القوة النفسية على مجابهة العسر فالصبر والجلد على العسر والأمل والتوقع لحصول اليسر هما من سمات الإيمان بهذه الآيات وتلاوتها عند كل معضلة، وإذ تؤكد تلاوتها ضمنياً على الانتماء لله جل وعلا والرجوع إليه دون سواه وهذا هو والله عين عدم الشرك به. |
| وقد يطول العسر وتطول تجربته وتطول المعاناة النفسية من جراء ذلك، وفي ذلك احتكاك وخبرة وفتنة من الله العزيز الحكيم لعبده ليرى إن كان من الصابرين الشاكرين. وفي ذلك أيضاً تقوية للجسم والنفس لرفع درجة عزيمتها في المحن والشدائد ،ولكن مع كل ذلك فإن اليسر ليس ببعيد. وإن طال العسر ويعلم الله أنه قد يطول ويطول فهو يخبرنا بل ويأمرنا بألا نيأس من رحمته إذ قال تعالى ( ولا تيأسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) آية 87 سورة يوسف. فإن رحمته تطال وتسع كل شيء وما هذا العسر إلا ذرّة في بحر متلاطم من مشاكل البشرية أو مشاكل المخلوقات أجمعين.
ولا نستطيع الجزم بأي حال من الأحوال بأن سورة الانشراح كافية لعلاج المعسور من العباد وشافية لمرضه النفسي بل أن الدعاء الموجه لله تعالى والتوكل عليه يكمل ذلك العلاج النفسي فقراءة الآية ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) آية 62 سورة النمل(27) وتكرارها عدداً من المرات بتوجه خالص لله فقط تكمل وعد الله لعباده برفع العسر وإنزال اليسر. وهذا ما نؤكده للقارئ الكريم وهو التوجه الخالص وعدم اليأس من رحمة الله تعالى ـ نعم نؤكد على التوجه الخالص لله وعدم اليأس من رفعه للعسر وانزاله لليسر والله على ما نقول شهيد. |
| |
|