قطرات الندى على صفحات الورود ..
ما أروع قطرات الندى التي تبلل الأزهار و الوراق و الأشجار مع غيمة من تباريح الليل وفجر النهار كأنها حبات لؤلؤ أو كنقط من العنبر..
ما أجمل أن نستلهم من البكور الجمال ومن إطلالة الفجر سرَّ السكينة والوداعة على ربوعنا المتخمة بما يؤرق سكونها فيجعلها تخوض عباب البحر ولجته حتى ترسو إلى شاطئ آمن وهانئ ...
لماذا نفكر في الرحيل مع قطرات الندى وهي ملجأ الهائم الباحث عن الجمال على سجيته وطبيعته الأخاذة وعلى فطرته التي لم تمتد إليها أيد بسوء فتلوثها ؟؟ ...
أستلهم من قطرات الندى صفاء الروح وهدوء النفس فيحيا في قلبي أمل أنه ما زال في الكون ما نرقبه في قلوبنا قبل عيوننا ، وما يمكن أن نزفه بأرواحنا وأن نسقي به أرضنا المتعطشة إلى حبات من ثرى الوطن وإلى نسمة من هواء أتلهف إلى أن أستنشقه ...
لكنني أتساءل عن سر لون هذا الندى الموسمي وعن تلك الجبال والذرا التي تنوء بحمل السفوح ، وعن كآبة الغيوم التي طالما أشعرتني بدفء الوطن ...
لماذا ينوح الندى فيبدو حزينا ... لا يجد من يداعبه أو يحاكيه أو يبثه فيض خاطره وصميم مشاعره ؟؟
ما زلت أذكر جمال تلك الأيام الخوالي حين كنّا نهزّ أوراق الزهور و الأشجار مع تباشير الصباح و إطلالة الشمس في خلسة لتملأ الكون نورا وضياء .. كم كانت تنزل قطرات الندى باردة وغضة طرية على أوراق عطشى فتبدل ذبولها إلى اخضرار وتحيل حزنها إلى بهجة تدخل الروح والقلب في عالم من فيض عطاء الله...
ما زلت أذكر قطرات الندى التي لم أرها منذ سنين غدت من طولها عجافا وأضحت من شوقي إليها ضربا من الخيال...
ما أجمل قطرات الندى التي تلثم جراح الشوق إلى عزيز أصبحت لقياه كمن يحاول أن يمسك بخيوط الشمس أو يناطح السحاب أو يلتف بثوب من النجوم...
هل ألوم الندى أم ألوم نفسي التي لم يعد في قوسها منزع ولم يعد في همتها قدرة على البعد عن ديار عزيزة غالية تذكرني رؤيتها بكل جميل في كون الله الفوّاح وفضائه الفسيح ...
آه يا حبات الندى هل أضحى لقاؤنا قريبا لنبدد قسوة الأيام في غربتنا ولنحيل الحياة بهجة ؟
حين تعود لقطرات الندى البهجة سيعود كل شيء لسابق عهده.. ستصبح الفطرة سوية كما كانت وستغدو النفوس بريئة لا تحمل ضغينة ولا تبكي على دنيا وسيصبح شغلنا الشاغل أن نعيد الحياة من جديد...