محاضرة اوروبا وسيط ... د/عبد العزيز
((الاتنين))8/3/2010
اولا.. قسطنطين والمسيحية (الفكر
السياسى الجديد)
شهد عصر قسطنطين اعظيم 306_337م
بداية تغيرات فى خصائص وسمات الامبراطورية الجديدة او اذا شئنا الدقة ان سياسته
اسهمت بشكل كبير فى احداث تلك التغيرات فابعترافه بالمسيحية ديانه شرعية فى
الامبراطورية فى مرسوم ميلان 313م وبنقله عاصمة الامبراطورية من مدينة الاتنى عشر
عقبانا (روما) على ضفاف نهر التيبر الى مدينته (القسطنطينية) على مصيق البسفور فتح
الابواب على مصرعيها لتلك الاتاثيرات الجديدة التى صاغت بشكل كبير صورة وطابع
العصور الوسطى واعنى هنا المؤثرات المسيحية والشرقية
مسيحية قسطنطين:
فى الواقع لم يختلف الباحثون فى مجال
العصور الوسطى حول قضية متلما اختلفوا حول مسيحية قسطنطين وانقسموا فى ذلك الى
فريقين :
الاول.. يرى بان اعتراف فسطنطين
بالمسيحية كان نابعا عن ايمان حقيقى ويقينى جاعلا من قسطنطين رسولا جديدا يضاف الى
ىحواريى المسيح الاثنى عشر ويتالف ذلك الفريق من مؤرخى الكنيسة فى القرنين الراع
والخامس الميلادى وعلى راسهم يوسابيوس القيصرى الذى راح يسطر سيرة حياته على نمط
كتاب الهاجيوجرافيا (سيرة القديسين)جاعلا منه الحوارى الثالث عشر للمسيح
الثانى.... يرى بان هذا الاعتراف كان
وليد دوافع واعتبارات سياسية محضة جاعلا منه سياسيا حاذقا ويتالف ذك الفريق من
الباحثين المحدثين
وقد كان يوسابيوس القيصرى فى مؤلفه
(حياه قسطنطين) اول مؤرخ كنسى يرى ان قسطنطين اعترف بالمسيحية عن ايمان يقينى بها
وروى فى ذلك معجزة نقلها عنه مؤرخو الكنيسة اللاحقون عليه متل كسوزمينوس
..ثيوديتورس القيروصى
روايه يوسابيوس القيصرى
فى عام 312م عندما كان قسطنطين
(اوغسطس الشرق) يزحف بقواته الى روما لمحاربة خصمه اللدود ماكسنتيوس (اوغسطس
الغرب) وبالقرب من روما وعند مكان ما عرف بالقنطرة الملفية عسكر قسطنطين بقواته
وعندما مالت الشمس الى المغيب راى قسطنطين ومن معه من الجنود هاله مضيئة فى السماء
تضم صليبا كتب تخته باحرف من نور (بهذا ستنتصر) واصابت الدهشة جميع من راى هذه
المعجزة وعلى راسهم قسطنطين نفسه الذى يغلبه النعاس ويشهد رؤيا يأتيه فيها المسيح
خاملا للصبيب ويامره بان يتخذه شعارا حتى يحقق النصر على اعدائه
ثم يستيقظ قسطنطين ليدعو الكهنة
والعرافين وحاملى اسرار الديانه المقدسة ليخبروه بتاويل ما راى فاعطوا صفته بانه
المسيح وان ما راه هو علامة الخلود فيامر قسطنطين بدق الصليب على الالوية والاعلام
وملابس وخوذات الجنود وراح يداوم على قراءة الكتاب المقدس واتخذ من القساوسة
والاساقفة مستشارين
واكن يبدو ان يوسابيوس القيصرى عندما
روى هذع القصة لم يحرص على حبكها او ربما وقع فى تناقض غير مقصود مما اتاح
للباحثين المحدثين التشكيك فى مدى مصداقيتها ففى الوقت الذى يذكر ان قسطنطين لم
يكن وحده شهد هذه الرؤيا السماوية بل شاركت فى ذلك جنوده وان الجميع اعترتهم
الدهشة لما يرون الا انه فى ذلك الوقت يخبرنا ان قسطنطين نفسه هو الذى قص عليه
احدائها بعد فتره طولة وفى جلسة خاصة مع يوسابيوس
وهنا يتساءل احد الباحثين الغربيين :
لماذا لم يستند يوسابيوس الى شهادة
الامبراطور دون ذكر شهاةدة الالوف الذين شاهدوا الرؤيا ؟؟وكيف يمكن ان تكون هذه
القصة غير معروفة للعالم المسيحى حتى بعد حدوثها بخمس وعشرين سنه
بينما راح باحث اخر يفسر ذلك بان
قسطنطين تخيل هذه الرؤيا وانه ربما شاهد ظاهرة طبيعية نادرة فى حين اتجه اكثر
لباحثين الى التشكيك فى صحه رواية يوسابيوس على الاطلاق وايا كانت مصداقية هذه
الرواية فان اكثر الباحثين المحدثين لا يعولو عليها فى تفسير الحدث
ااسباب التى دفعت قسطنطين للعتراف
بالمسيحية::
1-ان قسطنطين لم يعترف بالديانة
المسيحية ديانة رسمية بل اعترف بها كاحدى ديانات الامبراطورية المسموح لاتباعها
بممارسة شعائرها بحرية اى منحها نفس الحقوق التى كانت تتمع ها الديانات الاخرى بما
يها الوثنية
2-ان تنشئة قسطنطين بمولده ونشاته
الاول كانت وثنية خالصة فوالده كانا من عباد اله الشمس مثراس ونشا فى بلاط
نيقوميديا حيث المعتقد اوثنى وبالتالى لم يحتك بتعاليم المسيحية من قريب او بعيد
ولم يعرف عنها الكثير
3-انه اظهر قديسا لعبادة الشمس وظهر
ذلك فى العملة التى ظل يضربها حاملة رسم الشمس لاتقهر حتى عام323م وحتى عندما جعل
يوم الاحد عيدا اسبوعيا لم يطلق عليه يوم المسيح بل اسماه يوم الشمس
وهكذا ظهر امام الوثنين وثنيا وامام
المسيحين مسيحيا
4-ان بلاطه اتسم بالتوازن فى ضمه
مستشاريين من الوثنين والمسيحين كـ(هوسيوس) اسقف قرطبة ويوسابيوس القيصرى
5-انه لم يقلل من شان الوثنية بصفتها
ديانة الامبراطورية الرسمية ولم يصدر مراسيم تحرم عبادة اربابها او توقع باتباعها
الاضطهاد
6-ان عدد المسيحين وقت اعتراف
قسطنطين بالمسيحيه لم يكن يتعدى عشر سكان الامبراطورية ومعظمهم يتركزون فى
الولايات الشرقية خاصة مصر والشام
7-انه لم يتلقى سر
المعمودية(التعميد) الا وهو على فرلش الموت وبالتالى لا يصلح للقول بانه كان
مسيحيا بل يمكن القول انه مات مسيحيا.
* لماذا اضطهد
الرومان
المسيحية ؟
* اول الامر يجب ان نفرق في هذا الامر بين
الرومان كشعب و الرومان
كحكام و ان نضيف لهم فئة أخري تواجدت في المجتمع الروماني و اثرت
بشكل كبير في علاقة المسيحية بالأمبراطورية
و
هم اليهود
- فالرومان كشعب اضطهد المسيحية و
رفضوها ،
و يرجع ذلك في حقيقة الامر إلي المسيحيين انفسهم حيث انهم و رغم قلتهم فقد
عمدوا
إلي عدم الانخراط في المجتمع الرومان و عاشوا في عزله عنه ، ذلك ان مظاهر
الوثنية
كانت طاغية و بشكل كبير علي حياة شعب الرومان فالجيش يخرج حاملا الوية
الأرباب
و كذلك الاحتفالات عامة كانت تتعلق اسبابها بالآلهه ، كل ما سبق حدي
بالمسيحيين
إلأي العزلة عن المجتمع ، و لهذا فقد كانت نظرة المجتمع الروماني إلي
هذة
الفئة المنعزلة تغلفها مشاعر الترقب و التربص والحذر والشك .
- أما
الغريب
في الأمر هو أضطهاد اليهود - وهم اصحاب ديانة
سماوية - للمسيحية و سعيهم الدائم لتحريض
أباطرة الرومان للقضاء علي المسيحية ، خاصة و انهم قد بشروا في
كتبهم بقدوم المسيح عليه السلام
، ولكنهم أي اليهود كانوا يعتقدون أن
المسيح القادم هو ملك و قائد سيدفع بهم إلي ميدان القتال و هو
يقودهم من نصر إلي نصر و سيادة علي العالم طالما حلموا بها علي أنهم شعب الله المختار ،
و لكنه عليه السلام
لم يكن
كذلك فقد كان مخلصا داعيا إلي المحبة ، و لهذا فقد عملوا علي
الإيعاز
للأباطرة بالقضاء علي أبناء المسيح .
- ولأن
الإضطهاد الفعلي لم يكن بيد الشعب او اليهود ، وقد كان علي يد
الأباطرة الواحد تلو الآخر فقد دعانا ذلك الامر في التفكير و البحث عن السبب
الحقيقي وراء الأضطهاد الروماني للمسيحية ، نجد أن الأمبراطورية الرومانية قامت علي
الوحده في كل شؤونها و قد اتخذت الامبراطورية طريق الوحده طريقا مقدسا لها و بظهور
المسيحية فقد رأي البعض أن هذا ربما يفقد الأمبراطورية الرومانية وحدتها أو إن
شئت فقل تعايشها الديني ، فرغم تعدد الآلهه و تنوعها إلا أن جميع الديانات استطاعت
ان تتعايش و أن تقبل تقديم دلائل الولاء للأباطرة عن طريق الانحناء امام تمثال
الامبراطور الموضوع بجوار الاله في إشارة لتساوي هذا الامبراطور في الحقوق مع
الاله ، و بالطبع فقد رفض المسيحيون السجود و الانحناء لبشر مثلهم حتي و إن كان
حاكمهم ، فالأنحناء لأيقونة العذراء لا يجب مطلقا ان يتخذ مقاما بجوار الأنحناء لبشر
كالأمبراطور ، وهكذا وجد الاباطرة سببا لمطاردة المسيحية دائما و اضطهادها
* ولكن يبقي
السؤال
محيرا للجميع وللباحثين - لماذا حاد قسطنطين عن سياسة الاضطهاد التي أتبعها
سابقيه
من الاباطرة ضد المسيحية ؟
- وقد اجابت دودو فيما كتبته عن
هذا السؤال فلقد انقسمت الآراء حول السبب
الذي دعى قسطنطين لتغيير سياسته نحو المسيحية السبب الاول
وهو
إيمانه بالمسيحية و قد استندوا في ذلك إلي قصة يوسابيوس القيصري التي ذكرتها
دودو . . . . . وآخرون يؤمنون بأن الأسباب السياسية هي التي
دفعت قسطنطين للأعتراف بالمسيحية و ساقوا أدلة
للتشكيك في رواية يوسابيوس و اعطوا لنا أسباب اعتراف قسطنطين بالمسيحية