إن كان معظم الناس يكرهون البخيل، فإن الشخص الحريص
غالباً ما يكسب احترام الآخرين على أنه شخص قادر على إدارة الأمور. لكن كيف
يمكن تقييم حالة الحرص التي يعيشها الانسان بحيث يتأكد دوماً بأنها لا تشذ
إلى البخل؟
تكمن صعوبة هذا السؤال في كونه يعتمد
إلى حد كبير على شخصية الانسان. في الحقيقة لا يمكن الاعتماد فقط على رأي
الآخرين في تقييم شخص على أنه بخيل أم حريص. لأن كيفية كيفية تلبية الانسان
لاحتياجاته تتعلق بشكل أساسي بأولوياته في الحياة. لذا لا يمكن أن نصف
شخصاً يصرف معظم نقوده على إحدى هواياته بينما لا يعتني بلباسه على أنه شخص
بخيل.
المثال السابق يعطي المفتاح للاجابة على السؤال. كل شخص
ومهما اختلفت اهتماماته في الحياة لديه بعض الأمور التي تعتبر ذات أولوية
عالية. لكي يقيّم الشخص نفسه على أنه بخيل أم حريص يكفي أن ينظر بشكل فاحص
إلى تصرفاته تجاه هذه الأولويات.
أولاً: إذا كانت أولوية شخص ما في الحياة هي جمع النقود
فهو شخص بخيل بالتأكيد.
ثانياً: إذا كان الشخص مستعداً للانفاق دون حدود فقط على
أولوياته في الحياة فهو على الأغلب شخص غير بخيل. وإن كان انفاقه على بعض
الأمور الاساسية مثل الطعام، اللباس والسكن قليلاً جداً. هذا النوع من
الأشخاص يكون صعب المعشر لأنه يعيش في فلك اهتماماته متناسياً متطلبات
الحياة
ثالثاً: إذا كان الشخص ينفق بشكل متزن على كل أمور حياته
فهو على الأغلب شخص حريص. وهو أفضل أنواع التصرف على الاطلاق.
وأخيراً إذا كان الشخص مسرفاً على كل شيء فهو شخص متهور.
يمكن أن تسعفه الحياة والحظ ويعيش قسطاً من الزمان على هواه بفضل مال ورثه
أو كسبه بغير تعب. لكنه لا شك وأن مآله إلى الانهيار عاجلاً أم آجلاً.
في كل الأحوال، يظل الشخص سيء التدبير والشخص المسرف أفضل
من البخيل. لأن البخيل لا يمكن اصلاحه، حبه لجمع المال يقضي عليه وعلى من
حوله. أم الشخص سيء التدبير فمن الممكن اصلاحه. بل على الأغلب فإن الحياة
كفيلة بتغييره.
الانحراف للبخل يمكن أن يصيب كل انسان. لذا عليك أن تقيم
تصرفك تجاه المال بشكل دائم. عندما تلحظ ولعاً زائداً بجمع المال بدأ
ينتابك، اعلم أنك في الطريق الخاطئ. التخلص من البخل في بدايته أمر ممكن،
لكنه يصبح مستحيلاً بعد أن يأخذ مكانه داخل العقل والنفس
.