تحتل المياه حيزا كبيرا في اسباب الصراع العربي/الاسرائيلي ،المشروع الاستيطاني اليهودي في المنطقة العربية كان قائما في الاساس على كيفية استغلال مياه تلك المنطقة حتى ينجح المشروع الاستيطاني الصهيوني ، لدرجة ان احد الباحثين قال " ان حرب المياة قد دقت طبولها منذ ان خلق الفكر اليهودي المعاصر الصهيونية ،و بدات هذه الحرب التي لن تنتهي الا بانتهاء الصهيونية من عالمنا " .و ذلك ان المشروع الصهيوني استيطانيا و زراعيا في اساسه و ذلك من ضمن السعي لربط اليهودي بالارض الامر الذي لا يتاتى الا من خلال الزراعه ، ما يعني ضرورة توفير او وضع اليد على مصادر المياه الكافية لتلبية المشاريع و المستوطنات الزراعية
الاطماع الاسرائيلية في النيل - :
تتضح فيما يلي :-
تعود اول الاطماع المعبر عنها في مياه النيل الى مطلع القرن الماضي بالتحديد الى عام 1903م ففي سعي هرتزل الحثيث للوصول -1- فلسطين اقترح في ذلك العام على الحكومة البريطانية كخطوة اولى نحو فلسطين فكرة توطين اليهود في سيناء ، و ارفق اقتراحه بفكرةالاستفادة من مياه النيل ..و ذلك باقتراح تحويل مياه النيل الى سيناء ( مكان التوطين ) من ترعة الاسماعيلية عبر انابيب تمر تحت قناة السويس لتصل الى الاجزاء الشمالية الغربية من المنطقة المختارة ، و قد قدر حينه ان المياه المطلوبه من النيل تبلغ 4ملايين متر مكعب يوميا ...و لقد ابدى اللورد كرومر و حكومته الموافقة المبدئية على المشروع الا انه عاد و رفض المشروع لاسباب عديدة
و لكن المشروع ظل في ذهن الاسرائيليين
2- عندما وقع الرئيس السادات معاهدة السلام مع اسرائيل في فبراير عام 1979م كان مصمما على الا تكون هناك حروب بين مصر و اسرائل ، و كان مدركا تماما في تفس الوقت الاعتبار الاستراتيجي المهيمن لمصر الا و هو امن النيل ...ففي اجتماع اللجنه السياسيه الذي عقد اثناء مؤتمر السلام بين مصر و اسرائيل في كامب ديفيد عام 1978م ناقش المفوض الاسرائيلي امكانية التعاون في مشروعات المياه بين البلدين ...و و كانت لها جدوى اقتصادية مفيدة للطرفين فاسرائيل فاسرائيل لن تدفع فقط ثمن المياه التي ستحصل عليها من مصر ، و لكن ستمد مصر ايضا بخبراتها بينما يتم تمويل المشروع من الطرفين و ستوظف فيه العماله في كل من مصر و اسرائيل
و لقد كان السادات ينوي تحويل مياه النيل لري صحراء النقب في اسرائيل كنوع من الاغراء لاسرائيل بالموافقة على السلام
و كان موضوع المياه سيعجل بسقوطه قبل ان تقتله رصاص احد العسكريين في حادث المنصة الذي اودى باستشهاد السادات رحمه الله
3- لقد نتج عن معاهدة السلام المصرية / الاسرائيلية ظهور بعض المشاريع الاسرائيلية الساعية لسحب مياه النيل و توصيلها لصحرا النقب و من تلك المشاريع مشروع ( اليشع كالي و شاؤل ازروف و اليعزر افتاي ) و كل هذه المشاريع كانت تهدف الى سحب كمية من مياه النيل و توصيلها الى اسرائيل مقابل المال
الاطماع اللاسرائيليه في المياة اللبنانية :-
تتمثل الاطماع الصهيونية في لبنان في محاولتهم السيطرة على نهر الليطاني الذي ينبع من قرب بعلبك و يصب في البحر المتوسط شمال صور و ترجع اولى محاولاتهم للاستحواز على مياه الليطاني في التصريح الذي قدمتهالمنظمة الصهيونية الى مؤتمر الصلح الذي انعقد في فبراير 1919م و اهم ما جاء فيه انه يجب ان تبدا حدود فلسطين في الشمال عند نقطة على شاطئ البحر المتوسط بجوار مدينة صيدا و تتبع مفارق المياه عند تلال سلسلة جبال لبنان حتى تصل الى جسر القرعون فتتجه الى البيرة متبعة الخط الفاصل بين حوض وادي القرن و المنحدرات الشرقية و الغربية بجبل الشيخ ( الحرمون )
في 1972/4/18 نشرت صحيقة ( معاريف) و ثيقة سرية كان بن جوريون قد اعدها عام 1941 و يحدد فيها الحدود المطلوبة لدولتهم كما يلي : -
" ان حدود الدولة اليهودية المزمع انشاؤها تشمل شرق الاردن و اراضي النقب الفاصلة ، كذلك مياة نهر الاردن و الليطاني يجب ان تكون مشمولة داخل حدودنا " .
في عام 1941 عرضت شركة يهودية على الرئيس اللبناني الفريد نقاش طلب منه منحها امتيازاستغلال المساة اللبنانية بما في ذلك نهر الليطاني لتزويد الاراضي اللبنانية بالمياة و الكهرباء ، و نقل الفائض منها الى فلسطين ...الا ان الرئيس اللبناني رفض ذلك العرض
بعد حرب 1967 مباشرة صرح رئيس وزراء اسرائيل ( ليفي اشكول ) في مقابلة لصحيفة اللوموند الفرنسية :-
"ان اسرائيل لا تستطيع ان تقف مكتوفة الايدي و هي ترى مياه الليطاني تذهب هدرا الى البحر و ان القنوات في اسرائيل اصبحت جاهزة لاستقباله
كما تقف الصهيونية امام اي مشروع لبناني يطرح على الحكومة اللبنانية من اجل بناء سدود و مشاريع انمائية للاستفادة من مياه نهر الليطاني و هددوا بذلك مما جعل اكثر من مسئول لبناني يصرح بان التهديد الاسرائيلي هو الذي يحول دون المضي في استغلال مياه الليطاني لمصلحة اهله
الاطماع الصهيونية في نهر الاردن و اليرموك :-
لم يكن نهر الاردن و اليرموك العربيانباحسن حظ من نهر الليطاني و المياة اللبنانية عموما من حيث استهداف العدو لهما من ناحية و عدم القدرة على الدفاع عنهما من ناحية اخرى ، بل انهما من نواح عديده و لاسباب عديدة يحظيان باهتمام الصهاينه
1 - نهر الاردن :-
مشروع روتنبرج" لقد قام هربرت صموئيل اليهودي ( الذي عين مندوبا ساميا على فلسطين )
باعطاء اليهود العديد من الامتازات التي تمكنهم من السيطرةعلى اقتصاد "البلاد و مواردها الطبيعية
و كان اول الامتيازات الخطيرة التي منحها لليهود هو امتياز استغلال مياه الاردن لاستخراج الكهرباء و قد اعطى ذلك الامتياز لليهودي الروسي بنحاس روتنبرج عام 1921
و لم يتم الاتفاق الرسمي مع الحكومة الا في سنه 1926 و كانت مدة الامتياز 70 سنه و كان اهم شروط هذا الامتياز هو :-
لا يسمح لاية شركة او فرد باستعمال مياه نهر الاردن و مياه نهر اليرموك في اي غرض الا بالاتفاق مع الشركة المذكورة و تسري هذه الماده على شعب الاردن كذلك .
و لقد كان و اضحا ان هذا المشروع هو مشروع صهيوني تمويلا و هدفا و لم يكن القصد منه الا وضع اليد على مياه النهر باي حجه كانت كهرباء او غيره الى ان تحين الفرصة المناسبه للاستيلاء عليه
و قد استغلت الشركة الحقوق الممنوعه لها بموجب الامتياز بان حرمتكل المزارعين العرب من الاستفاده من مياه النهر و هو المقصود ...و قد و صفه احد النواب البريطانيين في حينه بانه اغرب امتياز سمع به في حياته ، اذ انه يعطي اصحابه حقوقا خياليه في شريان حيوي كنهر الاردن
و مما له دلاله في هذا الشان ان صاحب الشركه اصبح عام 1929م رئيسا للمجلس الوطني اليهودي في فلسطين ..و ان هربرت صموئيل اول مندوب سام بريطاني لفلسطين كان اول مدير للشركة
و قد واصلت الشركة المذكورة ممارسة صلاحياتها و فق الامتياز المذكور حتى الحرب العربية الصهيونية 1948
2- نهر اليرموك :-
اغنى روافد الاردن و اغزرها ماء . ، و لقد ادرك اليهود اهمية اليرموك فقاموا عام 1884م في خطوة عملية نحو السيطرة عليه ..و ذلك عن طريق :-
1- شراء ارض بمساحة 100 الف دونم في جنوب سوريا يشرف بعضها على المجرى الاعلى و الاوسط لليرموك و تقع قريب منه و اقاموا هناك اول مستعمرة لهم قرب قمم الجولان باسم ( تفئيرت بنيامين ) الا ان المحاولة بائت بالفشل
2- في عام 1920 ارسل رسالة الى حزب العمل البريطاني يوضح فيها ان مصادر المياه التي يعتمد عليها في مستقبل البلاد خارج حدود الوطن ( اسرائيل ) يجب الا تكون خارج حدود الوطن و ان انهار ارض اسرائيل هي الاردن و الليطاني و اليرموك ، و ان البلاد بحاجه الى هذه المياه
3 - في عام 1946 م تم اعداد مشروع يتراسه شخص يدعى ايونيدس قدم مشروع ( نسب اليه ) بتخزين فائض اليرموك في طبرية ( علما بان اليهود كانوا يخططون لان تكون طبرية ضمن حدودهم ) و بذلك تضمن الصهيونية السيطرة على مياه اليرموك
4 - توالت المشروعات الصهيونية لمحاولة استغلال نهر اليرموك و مياه الاردن حتى عام 1967 م فقد قامت اسرائيل باحتلال مرتفعات الجولان و الضفه الغربية فاصبح بمقدورها التحكم في مياه الارض و اليرموك ،بل و فرض شروط بشان استغلال مياهها و الوقوف في وجه اي محاولة انمائية عربية مستفيدة من هذه المياه
فقبل حرب 1967 م كانت اسرائيل تتحكم في مساحة 10كم من نهر اليرموك و لكن بعد الحرب اصبحت اسرائيل تتحكم في حوالي نصف نهر اليرموك
استغلال البحر الميت : -
كان الامتياز الثاني الذي منحه الانجليز لليهود من اجل دعم كيانهم الاقتصادي هو امتياز استغلال مياه البحر الميت ( بحيرة لوط او المنتن كما كان يسميه العرب قديما و سمي بالميت لانعدام الحياة فيه ) و البحر الميت بحيرة داخلية تقع في وادي الاردن
طولها: 72كم
عرضها:16كم
عمقها : 1300قدم
و يعد البحر الميت اغنى بقعه في العالم لان مياهه تحتوي على كميات هائله من الانلاح ( كلوريد الصوديوم و كلوريد البوتاسيوم و كلوريد الكلس و برويد المغنسيوم و كميات الهائله من الذهب )و هذه الاملاح تستعمل في الصناعات المختلفة مثل صناعة السماد و ملح البارود و العقاقير الطبية و الدهان و الزجاج و الورق و المتفجرات و الكبريت و الصابون
و استطاع اليهود ان يحصلوا على الامتيازات لاستغلال البحر الميت خاصة استخراج الاملاح و شحنها الى اوربامباشرة