بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الهادى الامين .... اما بعد , فكلنا نعلم ما تمر به مصر الان من امور قاسية وظروف صعبة,
و كلنا فى هذا الوقت نطالب بالحرية واستقالة الرئيس , واسقاط النظام , وحق الشهداء , وحياة كريمة , .........الخ .ولكن كيف تحقق كل هذه المطالب ؟؟ بعد ان اصبحنا على وشك ان تقوم الساعة وبدليل ان علامات الساعة الصغرى قد تحققت وان لم تكن كلها , فنحن فى زمن لا يعرف معنى الحق والثبات على دين الله الا ما رحم ربى _واسال الله ان يجمعنا من اهل الحق وانا يتوفنا على الحق , وهو على كل شىء قدير. ولكن انظر يا اخى كيف السبيل لك بان تصل الى كل هذه المطالب وانت لم تقوم باداء واجبك تجاه ربك الذى وهب لك ما فى الحياة وسخر لك كل شىء من اجلك , وكم يراك الله عاصيا ولم تتوب وكم اذنبت فى حق الله ويسترك وكم , وكم , وكم..... فنعم الله علينا لا تعد ولا تحصى . واحب ان اقول لك شىء بان الحياة الكريمة هى التى تأتى من طريق طاعة الله . والتوسل اليه بالدعاء فهو القائل (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِى فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي وقوله - سبحانه -: {ادعوا ربكم تضرعًا وخفية} وقوله - جلا وعلا -: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} (غافر: 60) وغير ذلك من الآيات الداعية إلى الدعاء. وهذا كله عن طريق الدعاء وعن طريق اطاعتنا لرب العزة سبحانه وتعالى , واعلم ان الحق والنصر من عند الله وحده لاعن طريق الوقفات والتخريب والتدمير وسفك الدماء فهذا لا يفيد باى شىء, عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه ((قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال " يا غلام , إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك , إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله , واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك , وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك , رفعت, الأقلام وجفت الصحف " ولن يتحقق لك النصر الا برضا من الله عليك .فنحن فى الفتر الاخيرة رأينا مالم تقع عليه اعيوننا من قبل من(عدم الامان , وفقد الثقة فيما حولنا , وتضارب الاقوال , وفقد الحقيقة ,....الخ.) وذلك هو ما اشار اليه الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضةقيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ .. قال: «الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)» .
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذلك فكل ماحدث لنا فى تلك الفترة الاخيرة من اعمالنا وانفوسنا نحن , ولا يجب علينا ان نرمى كل الخطأ على رجل واحد أو مجموعة افراد ونحملهم المسؤلية كلها , كما هو الواقع بيننا الان , فنحن نعلم اننا كلنا مخطئون فى حقنا وحق ربنا سبحانه وتعالى , وذلك كما جاء فى الحديث الشريف
قال رسول الله صلي الله علية وسلم :
يأتي زمان علي أمتي يحبون خمس وينسون خمس ..
يحبون الدنيا وينسون الآخرة
يحبون المال وينسون الحساب
يحبون المخلوق وينسون الخالق
يحبون القصور وينسون القبور
يحبون المعصية وينسون التوبة
فإن كان الأمر كذلك
ابتلاهم الله بالغلاء ..... والوباء.....
والموت الفجأة..... وجور الحكام.) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم . فنظر يا اخى فى هذا الحديث فكل شىء فعلناه , وفعلا احببنا وانسينا , فلماذا نرمى التهم على بعضنا البعض ؟! ونتغاضنا أيضا عن اخطأنا ونمسك بعيوب الاخرين , أليس من السهل على المرء ان يترك عيوبه ويبحث عن عيوب الاخرين ! فنحن الان فى فترة نحتاج فيها الرجوع الى الله عز وجل وان نصلح فيها من احوالنا .عسى ان تكون هذه فرصة من الله الينا , فوالله هذه الدنيا لا تحتاج منا كل هذا التكالب عليها ,فهذه الدنيا لا تساوى شىء عند الله , فهى لا تساوى جناح بعوضة وقال تعالى في وصف الدنيا: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} سورة الحديد(20)؛ " هذه الدنيا التى نقاتل من اجلها ويقتل فيها الناس ونحن نعلم انها زائلة وفانية , ونترك الاخرة وننسى ايضا ان الدنيا دار مفر والاخر هى المقر !!!!!! فالخطأ الذي يقع فيه الكثير منا هو اعتقادنا بأن الآخرة شيء بعيد !!!!!!!!!! لا والله فلا احد يعرف متى سياتى اليوم الذى يرجع فيه الى اصله ( التراب) ونسينا ايضا قول النبى صلى الله عليه وسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبيّ فقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل ) .
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك " . رواه البخاري . لكن كل ما نفعله الان هو اننا نعمل على تخليد هذه الدنيا والتمسك بها . معللين هذا بان ( لابد ان نعيش حياة كريمة , وحرية , وحياة هادئة , وبعيدة عن الفساد . لكن اذكركم بقول الله عز وجل ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) فهي لاتستقر على حال
وفى الختام احب ان اذكركم بشىء باننا الان فى فترة نحتاج الى الوقوف بجوار بعضنا البعض والحفاظ على انفوسنا من الخطر سواء من الداخل او الخارج والتمسك بديننا الذى هو عصمة امرنا , يقول عمربن الخطاب رضى الله عنه ( نحن قوما اعزنا الله بالاسلام فاذا ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله ...) رضى الله عنه وارضاه وكما جاء فى قول رب العزة سبحانه وتعالى (ان الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كانهم بنين مرصوص ) صدق الله العظيم . فلابد ايضا أن نخلص النية فى كل اعمالنا , ويجب ان تكون خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى ونتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
واحب فى نهاية حديثى هذا أن اشير الى اية من كتاب الله عز وجل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) فهذا قول الله عز وجل لما نحن فيه الان فانه هو وحده الذى يعلم الحقيقة , لذلك جاء فى الاية(فتبينوا) , وذلك لما يقع فى كثير منا الان وهو ترك الالسنة للخوض فى اعراض الناس فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال, رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة( رواه ابن ماجة
فيجب علينا التأكد من كل كلمة نقولها فى حق غيرنا من المسلمين .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار! ) صحيح مسلم لااله الا الله .اللهم انا نسألك الصدق فى القول يارب .!! . ويروى أِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتْ الشَّمْسُ ثم قام فى الناس وقال
ايها النَّاسُ لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِم))اللهم امين ياب العالمين
من اقول سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وارضاه(من ترك التكالب على الدنيا جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي خاضعة........)).
ربي اتي نفوسنا تقواها،وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها،اللهم اغننا برحمتك عن رحمة من سواك، واجعل نعمتك علينا مزكرة بك ومعينا علي طاعتك، اللهم يارب كل شي بقدرتك ع كل شي اغفر لنا كل شئ، ولا تسالنا عن شئ وصلي الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اهله وصحبه اجمعين.
اسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يسترها علينا ,و ينصرنا عليهم وان يرحم شهداءنا وان يجمع بيننا وبينهم فى جنة النعيم اللهم امين.