تناوله خبراء متخصصون بجامعة السلطان قابوس
البيئة ... التآكل سوس ينخر شواطئ عُمان
تشكل المناطق الساحلية في جميع دول العالم مراكز ثقل ديمجرافي متزايد، واستقطاب سكاني مستمر، ولهذه الظاهرة البشرية تأثير سلبي في السواحل وتوازنها البيئي الهش، مما يؤدي إلى تآكل الشواطئ خاصة في منطقة الباطنة من عُمان، وقد تناول خبراء ومتخصصون بجامعة السلطان قابوس هذا الموضوع من مختلف جوانبه وضمن “مشروع تآكل الشواطئ في منطقة ساحل الباطنة” بهدف وضع منهجية صحيحة وخطط واضحة تفاديا لأية عراقيل. ويسعى المشروع إلى تحقيق جملة من الأهداف منها تقييم وضع حالة تآكل الشواطئ في ساحل الباطنة بواسطة مسح المعلومات والبيانات المتوفرة.
مسقط “الخليج”:
تحديد المواقع الرئيسية المتأثرة والأسباب المسؤولة عن ذلك وأيضا المراقبة الدورية باستخدام المرئيات الفضائية والصور الجوية والقياسات الميدانية كذلك توفير صورة واضحة عن حالة التآكل في منطقة الدراسة إلى الجهات المسؤولة في الدولة، ووضع أرضية تقوم عليها الدراسات المستقبلية، ونموذج لحركة التيارات البحرية على طول خط الساحل، بالإضافة إلى مراجعة الحلول الهندسية وتقديم المقترحات المثلى للحد من ظاهرة تآكل الشواطئ.
يقول الدكتور سالم الحتروشي أستاذ بقسم الجغرافيا بالجامعة، والباحث الرئيسي في المشروع: أصبحت ظاهرة تآكل الشواطئ تمثل مشكلة جديرة بالاهتمام والبحث في العالم بشكل عام، وفي ساحل الباطنة بشكل خاص حيث يعود سبب المشكلة إلى انخفاض كمية الرمال التي تمد الشاطئ أو فقدانها لأسباب طبيعية يأتي في مقدمتها الارتفاع الكوني المستمر في مستوى سطح البحر بالنسبة لليابسة، أو لأسباب بشرية. وفي عمان بشكل عام وفي ساحل الباطنة الذي يشهد إقامة مشاريع تنموية شاملة ومستمرة بشكل خاص تكتسب هذه المشكلة صفة المحلية أي إن التدخلات البشرية هي العامل الرئيسي في حدوث الظاهرة التي انتشرت في مواقع كثيرة في ساحل الباطنة. وتظهر بوضوح في المواقع التي تقام فيها منشآت هندسية كبيرة على خط الساحل.
ويضيف: تنبهت عدة جهات حكومية لهذه المشكلة، يذكر منها على سبيل المثال لا الحصر وزارة البلديات الإقليمية والبيئة وموارد المياه، واللجنة العليا لتطوير المدن، والبحرية السلطانية العمانية، وغيرها مما استدعى الأمر إلى ضرورة وجود دراسة علمية تفضي إلى اقتراح الحلول المناسبة للظاهرة، وهذا ما دفع جامعة السلطان قابوس، لتبني دراسة هذه الظاهرة من خلال المشروع الاستراتيجي الذي يحمل عنوان “تآكل الشواطئ في ساحل الباطنة”.
ويعلق: لاحظنا أن التنسيق ضعيف بين الجهات ذات الارتباط بهذه الظاهرة من مؤسسات حكومية، أو شركات استشارية، أو مستثمرين، أو مراكز بحثية ولهذا نشأت فكرة جمع هذه الهيئات في ورشة عمل تهدف إلى تبادل الأفكار بين المختصين، تبرز فيها كل جهة الدور المنوط بها والخروج بتوصيات تقود إلى تنسيق أكثر في هذا الجانب، وحيث أن حلقات العمل تهدف عادة إلى تبادل الأفكار بين المختصين، فان إقامة هذه الحلقة تحت مظلة جامعة السلطان قابوس تهدف في الأساس إلى مناقشة ظاهرة تآكل الشواطئ من حيث أسبابها وأبعادها بهدف التوصل إلى آلية للتعاون والتنسيق بين المهتمين بدراسة هذه الظاهرة.
ويقول الدكتور عصام علي الرواس عميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية: إن المناطق الساحلية في جميع دول العالم تشكل مراكز ثقل ديمجرافي متزايد واستقطاب سكاني مستمر. ولهذه الظاهرة البشرية تأثير سلبي في المناطق الساحلية، وعلى توازنها البيئي الهش. وعلى سبيل المثال، فإن ما نسبته 18% تقريباً من اليابسة هي مناطق ساحلية يقطن بها 60% من سكان العالم، كما أن 70% من كبريات المدن العالمية تتواجد على السواحل. ولعل أكثر المناطق الساحلية تأثراً بالنشاط البشري هي السواحل الرملية المهددة بالتآكل، نتيجة تراجع تغذيتها الرملية بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر الناجمة عن ظاهرة الاحترار العالمي. والشواطئ الرملية تعتبر مورداً اقتصادياً مهماً باعتبار أنها تمثل قاعدة أساسية للعديد من المشاريع السياحية. والمتمعن في الخارطة السياحية لعُمان يلاحظ الاستغلال المتنامي لهذا المورد الطبيعي بعد أن ظل ولسنوات عديدة مهمشا اقتصاديا.
ونظرا لهذا الوزن الاقتصادي المتنامي أصبح من الضروري إعادة النظر في الكيفية التي تستغل بها هذه المناطق ذات التوازن البيئي الهش من أجل استدامة مردودها الاقتصادي. ويعد ساحل الباطنة متميزا بثقله السكاني والاقتصادي، والذي تنامى بشكل كبير خلال الثلاثة عقود الأخيرة، مما كان له أكبر الأثر في اختلال توازنه البيئي. ويعود هذا بشكل رئيسي إلى الأنشطة البشرية إضافة إلى العوامل الطبيعية لكن يبدو أن التأثير البشري هو الأشد وطأة.