س: تكلم عن الفتح العربي لمصر وعن اختلاف الآراء و تعددها لهذا الفتح
روى بعض المؤرخين أن عمرو بن العاص أشار على الخليفة عمر بن الخطاب بعد الاستيلاء على بيت المقدس بضرورة فتح مصر ، و لكن لم يكن الوقت ملائما. ثم عرض عمرو بن العاص الفكرة من جديد على الخليفة في خريف 18 هـ / 639 م عند حضوره الى الشام و ذلك للإسراع على القضاء على الارطبون البيزنطي لبين المقدس عن طريق الاستيلاء على مصر.
كما روى البعض الآخر أن فكرة فتح مثر ترجع الى الخليفة عمر بن الخطاب اذ ذكر المؤرخ ابن عبد الحكم نقلا عن الليث بن سعد أن عمر كتب الى عمرو بعد فتح الشام (ان اتدب الناس الى السير معك فنبهم عمر فاسرعوا الى الخروج معه.
و ذهب فريق ثالث الى القول بأن عمرو بن العاص سار سرا الى مصر فارسل إلية عمر بن الخطاب يؤنبه و يطلب منه اذا جاءه كتابه قبل أن يفتح مصر فليرجع و أن عمرو حبس الكتاب و لم يفتحه إلا بعد أن دخل حدود مصر و لم يعلم مسبقا بما فيه.
و لكن لا نستطيع أن نسلم بمثل هذه المزاعم لأن عملا مثل فتح مصر لا يمكن أن يتم بدون اقتناع تام من قبل الخليفة و خاصة أن العرب في ذلك الحين كانوا قد أزالوا ملك الأكاسرة في فارس و استيلائهم على عاصمتهم المدائن و نجحوا في الاستيلاء على بلاد اشام و فلسطين و كانت من الضرورة الحربية تحتم عليهم فتح مصر و ذلك لتأمين فتوحاتهم في الشام.
و أيضا يضاف الى هذا أن مصر و الشام غالبا ما خضعت في العصور المختلفة لقيادة موحدة لأن كليهما يتتم الآخر و ذلك لأن البلدين كان يقع على طريق التجارة العالمية بين الشرق و الغرب و ايضا كانت تربطهما مصالح تجارية و حربية واحدة.
و يجب أن لا نغفل أن العرب كانوا على علم تام بثراء مصر و خصوبتها و ليس من المستبعد أن يكون عمرو بن العاص هو الذي سبق الى إبداء وجهة النظر في ضرورة الاسراع بفتح مصر و لعله أيضا سعى ليكون قائدا للحملة و ذلك ...
- لعلمه التام بمصر و أحوالها من جهة.
- و محاولة للحصول على ميدان جديد يظهر فيه نشاطه من جهة أخرى.
خطوات فتح مصر:
خرج عمرو بن العاص من قيسارية بفلسطين على رأس جيش صغير يتراوح بين 4 آلاف و 350 ألف جندي و ذلكفي أواخر 639 م متخذا طريق الصحراء الشرققية للبحر الأبيض المتوسط و مبتعدا عن فروع النيل – حيث استولى على العري في 18 هـ / 939 م.
ثم سلك بعد ذلك طريق صحراوي حتى وصل الى (الفرما) شؤرقي بورسعيد و هو مفتاح مصر اشرقي و فرض حصارا لمدة شهر حتى سقطت و هدم أسوارها حتى لا يستخدمها البيزنطين ، ثم بلغ (بلبيس) وحاصرها أيضا شهر ثم تمكن من الاستيلاء عليها و ذلك بعد قتال شديد مع قوات الروم خر فيه العرب عددا ليس بالقليل.
ثم انفتح الطريق الى رأس الدلتا و حصن بابليون المعروف بقصر أو حصن الشمع ، ثم واصل عمرو السير حتى بلغ (أم دتين) و منها قام بالهجوم على حصن بابليون فتنبه الروم لخطورة الموقف فقاموا بحفر خندق حول الحصن ، و دار قتال عنيف بين الروم و المسلمين مما اضطر عمرو لطلب النجدة من الخليفة عمر بن الخطاب.
و ما أن وصلت الامدادات بقيادة الزبير بن العوام و المقداد عمرو عبادة بن الصامت تقابل عمرو مع الروم في معركة رائعة تجلت فيها عبقرية عمرو الحربية و هي معكرة عين شمس فاضطر الروم الى الفرار داخل الحصن والتحصن بداخله الأمر الذي دفع العرب الى ضرب الحصار حوله بضعة أشهر.
ضعفت خلالها الروح المعنوية للروم و لم يعد أمامهم سوى التفكير في مفاوضة العرب على فك الحصار في مقابل مبلغ من المال.
و قد ارسل قيرس الى عمرو من جزيرة الروضة و قد أمن بينهم أسقف بابليون الملكاني و طلبوا من عمرو أن يرسل إليهم رجلا لمفاوضتهم ولكن عمرو رفض هذا العرض و خيرهم بين أشياء ثلاثة ..
1 - الدخول في الدين الاسلامي
2 - دفع الجزية
3 – القتال
- فارسل بعدها قيرس الى المفاوضة من جديد مما اضطر عمرو الى أن يبعث اليه بوفد على راسه عبارة ابن الصامت الذي عرض عليه قيرس أن يبذل لكل فرد منهم دينارين و ان يبعث الى خليفتهم بألف دينار في مقابل انسحاب العرب و عودتهم الى بلادهم.
- و كان من الطبيعي أن يرفض عمرو هذا العرض و استؤنف القتال مرة أخرى بين الفريقين و استسلم الروم في النهاية صاغرين.
فقد شهدت بينهم بعد ذلك معاهدة عرفت باسم معاهدة بابليون و كانت بين العرب والمصريين. ..
شروطها : أن يكون المصريين في هذه المعاهدة أهل ذمة يؤدون الجزية و أن قيمة الجزية مقدار ارتفاع أو انخفاض ماء النيل في كل عام.
و بعد هذه المعاهدة حاول قبرس أن يوضح للامبراطور أن العرب باتت مستحيلة و أن الجزية يمكن تدبيرها عن طريق فرض ضرائب على متاجر الاسكندرية و سلعها.
كما لوح للامبراطور بأنه عرض على عمرو أن يتزوج من ابنة هرقل (ايدوسيا) أملا في اعتناق عمرو للمسيحية و لكن اتهم قيرس بالخيانة و الاهمال و الكفر و عزله من منصبه و عهد به الى حاكم القسطنطيني ة الذي أنزل به المهانة و نفاه من البلاد.
و صدرت بعد ذلك الأوامر البيزنطية بالتجمع لمحاربة العرب و ألا يرضوا كالقبط ويدفعوا الجزية للعرب و بالفعل تجمعت حاميات الروم بالاسكندري ة ، و توجه عمرو للاسكندرية و استولى في طريقه اليها على بعض المدن و المواقع الحصنية حتى بلغها في النهاية حيث كان كل العرب و الروم يدركون أهمية الاسكندرية ، فالروم يعلمون أنه اذا ضاعت الاسكندرية ضاعت مصر كلها و العرب يعرفون أنه اذا لم يتم الاستيلاء على الاسكندرية فلا فائدة من استلائهم على مصر و ذلك لما تمتاز به مو موقع حصين.و أن المدد كن يصل الى الاسكندرية في أي وقت دون مدافع. كما كانت أسوار الاسكندرية حصينةيحيط بها البحر و البحيرات و ترعة الاسكندرية ، و قد شاءت الأقدار أن يموت هرقل امبراطور البيزنطية في ربيع 20 هـ / 641 م بعد أن عزم على لخروج لمباشرة حرب الاسكندرية بنفسه مما كان له أكبر الأثر في إضعاف شوكة الروم.
كما أن الأوضاع في الاسكندرية كانت أسوأ بسبب تنازع القواد و لانقسام الرأي الاسكندري ، ساعد ذلك لكه على استيلاء عمرو عليها.
ثم عاد قيرس لمفاوضة العرب على الصلح حيث ذهب الى بابليون و التقى بعمرو بن العاص عارضا عليه الصلح و لم يكن أمام عمرو سوى الترحيب. .. فعقدت معاهدة بابليون الثانية أو معاهدة الاسكندرية ن و قد أمدنا النفيوس بشروط الصلح الثمانية :
1)أن تعقد هدنة بين الطرفين مدتها 11 شهرا.
2)أن يدفع الجزية كل من دخل هذا العقد.
3)أن لا يسعى العرب لقتال الاسكندرية .
4)ان يتم جلاء حامية الروم عن الاسكندرية بأموالهم و أمتعتهم.
5)ألا يسعى الروم الى العودة الى مصر أو محاولة استردادها.
6)الا يستولى المسلمون عل كنائس المسيحيون.
7)ان يباح لليهود الاقامة في الاسكندرية .
أن يقدم الروم للعرب 150 جنديا و 50 مدنيا كرهائن و ذلك لتنفيذ الصلح.
-و عقب سقوط الاسكندرية امتد نفوذ العرب تدريجيا الى سائر الاقاليم. وسار عمرو بن العاص لتأمين مركز العرب في مصر ، كما غزا طرابلس و سار الى بلاد المغرب للاستيلاء عليها و لكن عمر بن الخطاب نهاه عن ذلك خوفا من تفريق المسلمين في بلاد كثيرة.
-و يمكن القول أن فتح (برقة) كان بمثابة خاتمة المطاف للعمليات الحربية التي قام بها عمرو بن العاص في مصر – باستثناء تأمين حدود مصر الجنوبية لوادي النيل أذ قال أنه بعث عبد الله بن سعد على رأس حملة الى بلاد النوبة و لكنها منيت بالفشل ثم وصلت حملته الى دنقلة مرة أخرى انتهت بعقد هدنة بين مصر و النوبة عرفت (بالبقط) و هي بمعنى العقد أو الاتفاق و من أهم شروطها ...
1)ألا يتعدى أحد على الآخر
2)و أن يسمح النوبين للمسلمين بالمرور داخل اراضيهم.
3)و أن يؤدي النوبة الى مصر عددا معينا من الرقيق في كل سنة مقابل أن نرسل مصر الى النوبة قدر من القمح و العدس و الشعير والملابس و غيرها.
و قد تم تجديد هذه المعاهدة في أيام الخليفة المامون العباسي.
و الحق أن فتح مصر النهائي و استخلاصها من البيزنطين لم يكن في 25 هـ / 645 م ان حاول الروم استردادها على عهد الامبراطور قنسطانز حفيد هرقل ، اذ استطاع الاستيلاء على الاسكندرية و ذلكبقيادة مانويل و لكن استطاععمرو بن العاص مرة أخرى محاربة الروم و تمكنمن اجلائهم عن مصر و الاسكندرية و بذلك انتهى فتح العرب لمصر حيث دخلت بعدها تحت لواء الاسلام.
س: تكلم عن اسباب الفتح العربي الاسلامي لمصر
الأسباب الدينية
المشاكل الدينية قبل الفتح العربي غاية في التصعيد خاصة بعد أن تسربت المسيحية داخل البلاد في القرن 1م.
و طبيعي أن تلقى هذه الديانة الجديدة (المسيحية) العداء من أباطرة الدولة البيزنطية الوثنين الذين عمدوا الى اضطهاد مسيحي مصر اعتبارا من حكم الإمبراطور سفيروس.
قام الإمبراطور بحملة اضطهاد واسعة النطاق ضد كل من يعتنق المسيحية.
قام الامبراطور ديكسيوس الى الزام المصريين بضرورة الحصول على شهادة تثبت قيامهم بتقديم القرابين الى الآلهه الوثنية.
لذلك ظلت المسيحية منذ تسربها الى مصر تلقى اضطهاد كثير وتسامح قليل حتى ولى عرش الامبراطور دقلديانوس الذي بلغ اضطهاد المسيحين في عهده أقصاه.
الكنيسة القبطية بدأت تقويمها المعروف بتقويم الشهداء بالسنة الأولى من حكم دقلديانوس نتيجة لقسوة الاضطهاد.
بمرور الوقت استطاعت المسيحية أن تحرز بعض النصر بعد ان اعترف بها الامبراطور قسطنطين الأول كأحد الأديان المسموح بممارستها داخل الامبراطور ية البيزنطية.
أعقب هذا النصر بنصر آخر أن اتخذها الامبراطور بثوديوس الأول دين رسمي للدولة و أصدر مرسوم في فبراير و حرم أحد السنوات ممارسة العبادات الوثنية على الاطلاق.
مصر لم تكد تنعم طويلا بعبادتها سرعان ما آثار الجدل و النزاع من المسيحين أنفسهم حول صفات المسيح و طبيعته.
طبيعي أن يتدخل عصر المجامع الدينية التي بلغت أقصاها حوالي منتصف القرن 5م.
احتدم النزاع بين كنيستي الاسكندرية و القسطنطيني ة.
ذهبت الكنيسة المصرية الى المناداه بأن للمسيح طبيعة واحدة (المنوفيزت ).
على حين أشارات كنيسة القسطنطيني ة أن للمسيح طبيعتين.
دعى الامبراطور مركيان الى عقد مجمع ديني في خلقدونية بآسيا الصغرى و انتهى الى قرار مذهب الطبيعتين و اعتبر مذهب الطبيعة الواحدة كفرا و خروجا على الدين الصحيح.
أدى الى حرمان ديستورس بطرك الاسكندرية من الكنيسة مما أفضى الى قرار اتخاذ خلاف الديني في مصر شكلا قوميا اذ رفض ديستورس و مسيحيو مصر ما أقره مجمع خلقدونية و أطلقوا على أنفسهم الأرثوذكس أي أتباع الديانة الصحيحة.
سعت الحكومة البيزنطية الى اعتناق المذهب الامبراطور ي ، وجدت أحداث كبيرة كثيرة تحملها المصريون بالمقاومة الايجابية و الهرب الى المعابد و المزارع و القرى أحيانا.
تمكن هرقل من الثورة ضد الامبراطور و ساعد المصريون قائده يتكتياس الذي وكل إليه هرقل الاسكندرية مصر لقطع الغلة عن القسطنطيني ة رغم تتويج هرقل امبراطورا .عاش المصريون على أمل أن عهد هرقل سيكون أخف ونهاية لسفك الدماء الذي طالما عانوا منه ، لكن الفرس سرعان ما نجحوا .
نعم المصريون بالحرية الدينية و استطاع هرقل من طرد الفرس وإعادة أملاك الدولة البيزنطية و عمل أيضا على إنقاذ الدولة البيزنطية من الخلافات الدينية حول طبيعة المسيح.
صورة توفيق أن يمنع الناس عن الكلام و أن تكون لهم ارادة واحدة.
عاد الاضطهاد الديني بكل قسوة و عنف ما يقرب من 10 سنوات.
دخل العرب مصر بشكل وسائل الترغيب و الترهيب لضم المصريين الى مذهب الدولة.
مصر انفصلت تماما عن الدولة البيزنطية و تطورت المسألة الدينية الى قومية.
الأسباب الإجتماعية :
من العوامل التي عجلت بالقضاء على الحكم البيزنطي في مصر ومهدت السبيل للفتح العربي الظروف الإجتماعية التي كان يمر بها أهل البلاد من المصريين.
الاسكندرية وبقية أجزاء البلاد على طرفي نقيض.الاسكندرية كانت بمثابة مدينة يونانية أجنبية عن مصر.
سكان البلاد من المصريين كانوا يعدون التوجه اليها رحيلا عن مصر و خروجا منها اذ اشتهرت هذه البلاد بالثراء.
على العكس من بقية أجزاء البلاد التي كانت بمثابة أقاليم زراعية تتقاسم فيها أسر قوية على حين أصبح الفلاح تحت حماية الملاك الأقوياء الذين ابتزوا أموال البلاد دون أي محاولة من جانبهم لتوفير الرفاهية للرعايا أو إصلاح أمور البلاد لذلك كان الحكم حكم غرباء لا يعتمدوا إلا على القوة و لايحس بالعطف على الشعب المحكوم.
السلطات البيزنطية تفرض قبضتها القوية على الاسكندرية عاصمة البلاد و منف و حصن بابليون و بعض المدن الحصنية الأخرى.
رجال الجيش ينتشرون في كل مكان الى جانب جباة الضرائب لجمع الأموال بالقوة و لإظهار هيبة السلطة الحاكمة في الوقت الذي كان ينعم فيه تجار الروم و اليهود حيثما يحلون بحماية هؤلاء الجند منافسين التجار المصريين منافسة شديدة.
تعاونت كل هذه الأسباب على إضعاف مصر فأهملت الأرض و بارت القارة و إنتشر القحط في البلاد.
صحب هذا التدهور يقظة الروح القومية بين المصريين ، إزدهار اللغة القبطية بل و مزاحمتها باليونانية .
هيئت لفتح مصر و انتقال السلطة من البيزنطية الى العرب.
الأسباب الاقتصادية :
النواحي الاقتصادية كانت أكثر سوءا.
مصر كانت بالنسبة للدولة البيزنطية بمثابة سلة الخبز التي تمد الدولة بالمؤن اللازمة.
حرص البيزنطيون أن يكون النظام الاداري و الاقتصادي في مصر لخدمة هذا الغرض.
العلاقة بين مصر و القسطنطيني ة عاصمة الدولة البيزنطية مادية بحتة.
لم يكن يعني الدولة البيزنطية إلا ما ترسله مصر من غلال و أموال حيث ابتكروا وسائل لاستغلال موارد البلاد الى أبعد الحدود.
أثقلت الضرائب كواهل المصريين من فلاحين في الوقت الذي أعفى منها كبار الملاك مما أثار الفلاحين و تذمرهم بل و دفعتهم المظالم الكثيرة التي تعرضوا لها أثناء جباية الأموال .
السعي الى وضع أنفسهم تحت حماية أمير من الأمراء و هو ما يعرف بنظام الحماية كان أشبه بمن يلقي بنفسه في النهر هربا من الأسد فيتلقفة التمساح.
أصبحت الأرض ملك للأمير الذي وضع الفلاح نفسه تحت حمايته وتحول الفلاح من مالك الى أجير لهذا الأمير.
تكونت الإقطاعات الكبيرة الموزعة بين عدد من الأسر الغنية القوية وأصبحت البلاد تحت نظام أشبه بالنظام الإقطاعي.
عمل التقسيم الإداري لمصر على إضعاف سلطة الدولة لها فقد كانت مصر مقسمه الى 5 أقسام..
1 - الاسكندرية ترتبط بالدولة البيزنطية ارتباط وثيق يقيم فيها الحاكم البيزنطي,
2 - شرق الدلتا
3 - غرب الدلتا يسمى بليبيا
4 - مصر الوسطى – اقليم الفيوم
5 - مصر العليا تمتد آخر حدود مصر الجنوبية.
يحكم كل إقليم أمير يعرف بالبيزنطي (الدوق) يكاد يكون مستقل بإقليمه و يجمع السلطتين المدنية و العسكرية الرئيس الأعلى للإدارة و القضاء و الشرطة.
الهدف الرئيسي أو الأساسي هو إضعاف مقاومة أهل البلاد من المصريين و المحافظة على أمن البلاد مما أفدى الى خصم الوحدة الإدارية في البلاد.
الأسباب العسكرية:
ترتب على هذا التقسيم الإداري لمصر تحت حكم الدولة البيزنطية أقام جيشه الخاص الذي يخضع لسلطة الدوق.
يعني أن جيش مصر إقليم مهمته الدفاع عن الجهات التي يرابط فيها وجنوده من المقيمين به و معظمهم من المصريين المجندين.
بعد أن أقامت الدولة البيزنطية سياستها التي اتبعتها عدم تجنيد المصريين في الجيش.
معظم الجنود في هذا الجيش قبل الفتح كانوا من الذين يعينون إما بالإقتراع أو الوراثة أو بالتطوع.
لم يكن لهذا الجيش العسكري إلا حظ ضئيل بعد أن أغفل التدريب العسكري و نشر روح النظام بدليل إتخاذ أفراد الجيش لأنفسهم مهنا و حرفا الى جانب مهنة الحرب الوثائق البردية اذ كان يسمح لهم الاشتغال بالزراعة و التجارة انما بالقرب من بلادهم مهمة أفراد الجيش هي مساعد أعمالهم و القضاء على قطاع الطرق وإخماد الثورات الدينية و لم الضرائب.
من الطبيعي أن يشارك أفراد هذا الجيش أهل البلاد فيما يحسون به من ألم في كراهيتهم للبيزنطين.
لذلك عندما جاء العرب فاتحين لمصر لم يقاتلوا جيشا موحدا بل كان جيش كل إقليم ينتظر ظهور العرب في إقليمهم ليدافعوه.
س: تكلم عن الدولة الإخشيدية
عادت مصر من جديد الى بحر الدولة العباسية الحافل بالعواصف و لم يكن المأمول أن تستقر حالها أو تهدأ على يد ولاة الخلافة العباسية الذي كان الواحد منهم يعزل بعد ولايته ببضعة أشهر. إذ نا استقر محم بن سليمان شهورا حتى عزله الخليفة المكتفي بعيسى بن محمد النوشري و كان من جملة قواد محمد بن سليمان ، فبدأ يرتب أموره في مصر و جعل الحسين بن أحمد المادرئي المعروف بأبي زنبور على الخراج و جمع بقايا رجال الدولة الطولونية و أخرجهم من البلاد. و كان من بين هؤلاء العائدين شاب يدهى محمد بن على الخلنجي أو الخليجي أو ابن الخليج ن ساءه ما حل ببني طولون فجمع حوله نفر من جند الكولونيين و أسرع بمن معه نحو الرملة و قضى على الحامية العباسية بها. و خطب على منابرها للخليفة و من بعده لإبراهيم بن خماروية بن طولون بوصفه أميرا للبلاد و لنفسه بوصفه نائبا لإبراهيم. ثم كر الخلنجي الى مصر و حاول واليها عيسى النوشري التصدي له فانهزم أمامه و لم يجد بدا من الجلاء عن الفسطاط و نزل بجيشه عند الجيزة و دخل الخلنجي الفسطاط فأحسن الشعب استقباله و دعا له الامام علىالمنبر بعد الخليفة المكتفي و إبراهيم بن خماروية ن عندئذ هرب النوشري الى الاسكندرية فأرسل الخلنجي خلفه قرقة من جيشه بقيادة جندي نوبي يسمى خفيفا فهزم مما أفضى الى اضطراب امر الخلنجي وأخذ يطالب الناس بالأموال ليؤدي لجنده أرزاقهم. و تخلى عنه كثير من أتباعه مما اضطره الى الاختفاء عند أحد الأصدقاء.
و مع هذا فإن الأمور لم تستقر بمصر بعد القضاء على ثورة الخلنجي فقد ألقت الفتنة بالبلاد هوة من الفوضى و عدم الاستقرار ، كما ظهر خطر في هذه الأثناء تمثل في قيام الدولة الفاطمية. فإنحصرت مصر بين خطرينز و ما أن استقرت الأمور للفاطمين حتى قامت المحاولات لفتح مصر حلمهم الأكبر.
و لم ييأسوا من فتح مصر نهائيا, أرسصل عبيد الله المهدي جيشا كبيرا بقيادة حباسة نجح في الاستيلاء على الاسكندرية . و اقام مؤنس في مصر يدبر أمورها الى أن أرسل اليه الخليفة المقتدر واليا جديدا بدلا من تكين هو ذكاء الأعور و أوصاه بضرورة استئصال شأفة.
و لكن ذلك لم يمنع من وصول جيش فاطمي جديد نجح في الاستيلاء على الاسنكندري ة و سار الى الجيزة ، فجد ذكاء و أمر بناء حصن على الجسر الغربي بالجيزة و حفر خندقا يحيط بعسكره حتى لا يفجأه العدو و مازال ذكاء جادا في أمر الحرب حتى مرض و مات. فعهد المقتدر بولاية مصر الى تكين للمرة الثانية و لم يستطيع أن يحرز أي انتصار على الفاطمين فأمدة بجيش بيادة مؤنس الخادم واستطاع أن يهزم أبا القاسم بن المهدي .
و هكذا لم يقدر لتلك المحاولات الأولى لغزو مصر من جانب الفاطمين لأن الخلافة العباسية كانت على درجة من القوة مكنتها من مدافعة الفاطميين.
و مما لا شك فيه أن وقوع الصدام بين الفاطميين والعباسيين أكثر من مرة على أرض مصر أنزل كثيرا من الأضرار بأهلها و عرضهم لمتاعب قاسية ، فساءت أحوال البلاد و تعرضت مرافقها للإهمال. ثم عزل مؤنس الخادم تكين و خلفه هلال بن بدر و لم يكن موفقا في ولايته فزاد الاضطراب و قامت بينه و بين أولئك الثوار حروب طويلة و عم الفساد و كثر اقتل و النهب فعزله المقتدر و أقام بدلا منه أحمد بن كغلغ الذي حاول تنظيم عطاء الجند مما جعل بعضهم يثورون عليه ففر الى مدينة فاقوس و ظل في مخبئة و الحكومة المركزية في بغداد عاجزة عن تأديب الثوار بسبب شعفها و حاجتها الى جميع الجند للدفاع عن مصر. و لم يعد أمامها سوى عزل ابن كغلغ و أعاد الخليفة المقتدر تكين الى مصر للمرة الثالث حيث نجح في إعادة الهدوء والنظام اليها ن ثم مرض و مات وكادت وفاته أن تقضي على الاستقرار الذي بلغته مصر بسبب النزاع على الحكم.
و هنا ظهر على مسرح السياسة المصرية محمد بن طفج بن جف حيث نجح في تحقيق حلم قديم له و حصل من الخليفة القاهر على تقليد بولاية مثر و لكن اضطراب الأمور في مصر ، إذ لم يدع له على منابر مصر إلا نحو اثنين و ثلاثين يوما. ثم ورد كتاب القاهر بولاية أحمد بن كيغلغ للمرة الثاية ، و لكن محمد بن طغج لم ييأس حتى حصل على ولاية مصر للمرة الثانية من الخليفة الراضي بفضل المصاهرة و قيل أنه لقب بالإخشيد.
مجمل القول ان بيت محمد بن طغج اتصل بالعباسيين من أيام الخليفة المعتصم ن جده جف من بين فرسان فرغانة. و خلفه ابنه طغج بن جف من كبار الجند وأصحاب الولايات و قد دخل في خدمة الطولونيين و تولى الشام و اخلص في خدمتهم. وظل طغج واليا على دمشق و طبرية في أيام أبي العساكر جيش ابن خماروية و في أيام هارون بن خماروية .
و كان لطغج سبعة أبناء أكرهم أبو بكر محمد مؤسس الدولة الإخشيدية الذي لا نعرف شيئا عن نشأته. و شعر محمد بن طغج بدقة موقفه فسعى لدى أحد معارفه ببغداد و هو محمد بن جعفر القرطي حتى دبر له ولاية الرملة بالشام و هرب اليها، ثم حصل عن طريق نفس الصديق على تقليد الخليفة المقتدر بولاية دمشق و أخذ يمكن لنفسه فيها. و استطاع في الهاية ان يستصدر من الخليفة الراضي أمر بضم مصر الى ولايته في الشام و دخل الفسطاط .
و الحق أن الظروف التي تولى فيها محمد بن طغج مصر لم تكن مواتية ، فقد كان طمع رجال الدولة فيها عظيما و أشتد طمع الفاطميين .
ولم يكد محمد بن طغج الإخشيد يتولى مصر حتى نهض محمد بن رائق وكان هذا من فحول الجال و عتاة ذلك الزمان ، و لم يزل أمره يعلو حتى اضطر الخليفة الراضي الى تقليده جميع أمور الدولة ، كما أمر أن يخطلب له على المنابر في أنحاء العالم الاسلامي . واتسع سلطان ابن رائق في الاقاليم المتاخمة لولاية الشام فبدأ في تهديد الإخشيد و مطالبته بالمال كأنه جزية على الممتلكات الإخشيدية في الشام. وفزع الإخشيد من التفات محمد بن رائق اليه وسار لحربه والتقى الجانبان عند اللجون على مقربة من طبرية في فلسطين وألح الإخشيد في مباغته ابن رائق وانتصر عليه انتصارا كبيرا.
ثم توفى الخليفة الراضي وخلفه أخوه المتقي بالله ، كما قتل ابن رائق في العام التالي. وعرف محمد بن طغج كيف يكسب ثقة الخليفة المتقي ودعاه لترك بغداد والمجىء الى مصر مقلدا في ذلك مافعله أحمد بن طولون مع الخليفة المعتمد.
و في ذلك الحين كان أمر بني حمدان في حلب قد اشتد وبدأ الصراع بينهم وبين الإخشيد و هو صراع كتب النصر فيه للإخشيد فظلت ولايته على مصر والشام خلال بقية أيام المتقي ، ثم المستكفي ، ثم المطيع ، وفي خلافة الأخير توفى الإخشيد في دمشق وخلفه ابنه أبو القاسم أونوجور .
وقد استطاع محمد بن طغج الإخشيد أن يحتفظ بملكه خلال هذه السنوات بفضل القوة العسكرية التي استطاع أن ينشئها.
المهم أن نقول أن الله رحم المسمين بموت أبي طاهر سليمان بن سعيد الجنابي القرمطي بعد أن فعل بالشام و الحجاز و الحجاج الأفاعيل وسرق رجاله الحجر الأسود. وكلما انهزموا لم يجدوا أمامهم إلا الخلفاء المساكين يسومونهم العذاب .
وجدير بالذكر أن محمد بن طغج كان يحاول دائما التشبه بأحمد بن طولون ولكن شتان بين الرجلين من كل ناحية. محمد بن طغج وصف الشجاعة الزائدة و بعد النظر وحسن السياسة والقدرة على اصطناع اللين عند الضرورة ، ومدارة أعدائه إذ لم يستطع التغلب عليهم ، إلا أنه كان جشعا محبا للمال الى أبعد الحدود. ولكن جشع الإخشيد دفعه الى الاحتفاظ بصنية الدنانير و الإكتفاء بنثر الدراهم.
كان زوج ابنه الإخشيد فلم تسمح نفسه بأن ينزعه لتقديمة الى الأمير ، فلما أيس الإخشيد منه حرض بعض غلمانه فغصبوا الفرو منه وهو خارج. ورغم ذلك فقد كان الأخشيد شديد التقى ولكن تقاه لم يظهر إلا بعد قيامه بالأذى. فقد كانوا يظهرون الأسف والندم على ما يفعلونه بعد فوات الأوان وكانت ضراعتهم الى الله خوفا من العذاب يطلب الغفران والمغفرة.
وحاول الإخشيد أن يتشبه بأحمد بن طولون فيم يوفق لسبب بسيط أنه لم يكن في ثقافة أحمد بن طولون واتساع أفقه ، وظل الناس لا يوقرونه توقير الملوك. كما كان بلاطه مجمعا للعلماء و الدباء.
و من مظاهر الثروة والترف في بلاد الإخشيد ما جمعه من الخيل الجميلة المدربة والجوارح المهيأة للصيد من مختلف الأنواع.
مجمل القول أن الإخشيد عند وفاته ةترك دولة مستقلة وراثية تمتد حنى دمشق وولى بعده ابنه أبا القاسم أونوجور ولم يكن قد تجاوز الرابعة عشر بعد فقد خضع لوصاية كافور أي فرصة ليظهر مزاياه أو عيوبه في الحكم. ولكن كيف السبيل وكافور متحكم في كل شىء ، بدأ يظهر سخطه علانية وذلك بإيعاز من بعض أصحابه . وأخذ يدبر الخروج الى الرملة و الاستعداد لمنأواه كافور و انقسم الجند كافورية و إخشيدية.
وكانت أم اونوجور لا تثق في قوة انها وتخشى عليه من بشطش كافور لذلك أسرعت تكتب الى ابنها تخوفه من سوء العاقبة ، كما أعلمت كافور بأن بنها ينوي الرحيل عن مصر ، فكتب كافور الى أونوجور وصالحه.
مجمل القول أن كافور بقى يدير أمور الدولة الإخشيدية الى أن مات أونوجور ونقل جثمانه الى القدس حيث دفن الى جوار أبيه. ويل أن كافور دس له اسم .
وخلف أونوجور ي حكم مصر أخوه على بن الأخشيد فزاد معه نفوذ كافور وظل علي ينفق نفس المخصصات التي كانت لأخيه ، واستبعده كافور بدوره عن شئون الإدارة والحكم بالرغم أنه كان عند ولايته في الثالثة والعشرين لأنه كان ينصرف الى الهو الشراب ثم تاب بعد ذلك.
وقد حاول علي بن الإخشيد بنفس المحاولة التي سبق أن قام بها أبو القاسم أونوجور من قبل وهي تنحية كافور عن تدبير أمور الدولة إلا أنه م يفلح بدوره لضعف شخصيته وقلة أنصاره. وقيل أيضا أن كافور دس له السم كما فعل مع أخيه أونوجور.
و انتهى الأمر باستيلائه على حكم البلاد ولقب الأستاذ أبو المسك ربما لأنه لم يكن صاحب حق شرعي في ولاية مصر لأنه ليس من أسرة الإخشيد والخلافة العباسية لم تحتج على اغتصابه الحكم.
وكان كافور باللابي ، وارتفعت مكانة كافور من العبودية الى أرقى المناصب. وعلم على القضاء على الفتنة التي ثارت في هذه المدينة بقصد نهب خزائن الإخشيد. ومصر سقطت في أسدي الفاطميين بعد وفاته بعام واحد.
وكان غروره واعتزازه بنسه من مواطن الضعف فيه ، كما حرص كافور على أن يكون بلاطه مجمع العلماء والأدباء.
وبعد وفاة كافور تولى أبا الفوارس وقد أراد أن يعيد تحربة أخمد بن طولون فم يوفق وانقضت سنواتها الأربع و الثلاثون كأنها ظل على حائط دون أن يخلف أثرا وذلك لعد العناية الحقيقية بشئون المال و أرهقو الناس بالمغارم و الجبايات حتى كان الجباة يستخرجون من الناس ضرائب على الأراضي البور. و أهملوا صيانة المرافق ، كما ضحى بمعظم الشام فلم يحتفظ إلا بالرملة وهي مفتاح مصر من ناحية الشام.
أما وجه الشبه بين الدولتين ..
أو تجربتين هامتين في تاريخ مصر ، لاستقلال الذاتي و تكوين دولة لها كل مقومات الدول بعد قرون طويلة ، عمر الدولتين متقارب ، هاتين الدولتين قامتا على كتفي رجلين طموحين .
أما وجه الخلاف ..
شهدت اللاد في عهدها نهضة عمرانية ورخاء ماديا وأمنا ، لم تخلف وراءها أُثرا عمرانيا ، لم يكن ابن طغج على ثقافة واتساع ذهن أحمد بن طولون و مواهبه ، جشعه الى المال وقلة تعففه وتطلعه الى ما في أيدي الناس.
س: اكتب مقالا تاريخيا توضح فيه مظاهر وتكوين الدولــة الطولونيــ ة على يد احمد بن طولون
بالفترة التي سبقت قيام الدولة الطولونية بالتأخر في جميع نواحي الحياة بسبب سياسة العباسيين التي قامت على كثرة الولاة لئلا يطمعوا في الاستقلال بالبلاد. ولقد أساء هؤلاء الأتراك لأهل البلاد و لم يصبح لديهم من هدف سوى الإثراء السريع عن طريق استحداث الضرائب الىي أثقلت كاهل المصريين و أفضت الى خراب البلاد.
و لما زاد نفوذ الأتراك في دار الخلافة أخذ الخلفاء يقطعون بعض الأقاليم لأمراء الجند ن و كان هؤلاء الأمراء يفضلون البقاء في بغداد حتى يأمنوا قيام الدسائس ضدهم اذا ابتعدوا عن بلاط الخليفة و لا يفكروا بالانسلاخ عن الخلافة.
أحمد بن طولون الى مصر:
بعد عزل أرجوز بن أولوغ طرخان وقبل بلوغ أحمد سن العشرين توفى والده طولون في سنة 240 هـ / 854 م ، فتزوجت أمه قاسم بن بغا الأصغر ن أحد زعماء الجند الأتراك ن كما تزوجت للمرة الثالثة من بكباك الذي خلف بغا في وظيفة الأمين بالبلاط العباسيز لقى أحمد الكثير من عناية الجند الأتراك ن كما حصل على التربية العسكرية في حرس الخليفةز
ثم تزوج أحمد بن طولون من خاتون ابنة يارجوخ ، كان على علاقة كيبة بالخليفة المستعين لإنقاذه قافلة راجعة من بلاد الروم محملة بالهدايا الذي بعث الى أحمد بألف دينا سرا تقديرا لشجاعته.
و يبدو ان علاقته قد استمرت على هذا النحو بدليل أن الأخير اختاره ليصحبه الى واسط بعد عزله عن الخلافة في سنة 252 هـ / 886 م حيث أحسن أحمد معالته هناك.
وبدأت مصر منذ عهده عهدا جديدا هو عهد الاستقلال الذاتي ، و الحق أن ابن طولون كان سياسيا قديرا خبيرا باختيار الرجال ، كان بارا في انتهاز الرصص والاستفادة منها لذلك أمكنه التغلب على المصاعب الداخلية و الخارجية التي واجهته وأمكنه التخلص من أحمد بن المدبر عامل الخراج الذي ولى هذه الوظيفة.
وكان ابن لمدبر هذا قد لجأ الى ادخال ضرائب جديدة في مصر و الى اغتصاب ثروات الأغنياء ، و فرض ضريبة على الكلأ عرفت باسم الرماعي ، و أخرى على ما يستخرج من البحر عرفت باسم المصائد مما زاد في بؤس الشعب في مصر. ليس هذا فحسب بل عمد ابن المدبر أيضا الى العيش في أبهة و فخامة و مظهر جليل يفوق ما كان للولاة أنفسهم الأمر الذي لفت نظر ابن طولون ، لاستخدامه حرسا يصحبونه في غدواته و روحاته.
و قد هرع ابن المدبر الى استقبال أحمد بن طولون حاملا معه هيدة تتألف من عشرة آلاف دينار رده ابن طولون ، غير أنه فوجىء بأن ابن طولون لا يمانع في قبول الحرس المحيط به ، لأنهم ألزم اليه من المال الذي عرضه عليه. فلم يسع ابنالمدبر سوى التنازل عن هذا الحرس ، وبذا نقصت هيبته مفارقتهم مجلسه ن وزال جمالهم لهم بين يديه.
مجمل القول أمه منذ تلك الساعة بدأ النضال بين ابن طولون و ابن المدبر حتى انتهى بفوز أحمد بن طولون.
كما نجح أيضا في أن يمد نفوذه على مصر كلها بما في ذلك الاسكندرية وبرقة عندما واتته الفرصة بعد مقبتل باكباك. كذلك حانت لابن طولون فرصة إنشاء جيش خاص عندما ثار عيسى بن الشيخ والي فلسطين و الأردن وشق عصا الطاعة على الخليفة المعتمد و رفض الاتراف بسلطانه ، و أراد الاستقلال بولاية فلسطين والأردن بالاضافة الى أطماعه في ضم مصر أيضا. و استولى على سبعمائة و خمسين ألف دينار كانت مرسلة من مال مصر الى العراق. ورغم أن الخليفة المتمد قد عرض عليه أن يوليه أرمينية مقابل خضوه و انسحابه من الشام و لكنه رفض لأنه كان يصبو في الواقع الى الجمع بين الةلايتين و أن يضيف اليهما مصر اذا استطاع الى ذلك سبيلا. فارسل المعتمد الى ابن طولون طالبا منه التأهب لحرب اين الشيخ. فسارع الى تكوين جيش قوي من الأتراك و الروم و السودان بلغ مائة ألف.
خلاصة القول أن ابن طولون قد غنم من هذا الوضع إذ عاد بجيشه كاملا وصار هذا الجيش في يده أداة قام عليها سلطانه إذ تمكن أن يقضي به على كل منافسيه و الثائرين عليه في برقة و الاسكندريس ة و الصعي فيما استطاع بعد خمس سنوات من حضوره الى مصر أن يضم لنفسه الخراج في البلاد و أن يكون أميرا على مصر كلها بما في ذلك الاسكندرية و برقة.
و الواقع أن امتداد سلطان أحمد بن طولون الى حدود الروم بعد دخوله طرسوس ، ذلك الثغر الذي امضى فيه زمنا من شبابه بين العلماء و المجاهدين جعله يفكر في غزو الدولة البيزنطية.
و من أجرأ المحاولات التي قام بها أحمد بن طولون و ان لم يكتب لها لنجاح محاولته نقل مقر الخلافةالع باسية الى مصر منتهزا فرصة الخلاف بين الخليفة المعتمد و أخيه الموفق.
استمات احمد بن طولون في الدفاع عن حقوق اكتسبها حتى آخر رمق في حياته بعد أن حكم مصر زهاء ستع عشر عاما إذ ..
-عنى عناية كبيرة بالاصلاحات الداخلية
-أحسن استغلال مواردالبلا د
-أمر بإسقاط الكثير من الضرائب التي أثقلت كاهل الناس
-اهتم بعمارةالبل اد و حفر الترع و إقامة الجسور
-اهتم بأحوال الشعب فحظر الرشوة على عماله
-شدد قبضته عليهم و عاقب من يعتدي منهم على الأهالي.
-كان يشرف بنفسه على أعمال الدولة و يستطلع أحوال الرعية من أمورهم .
-كذلك أكثر ابن طولون من الاستعانة بالمصريين في إدارة شئون البلاد خصوصا المالية حتى أصبحت الإدارة المالية كلها في أيديهم.
فإذا كان عمرو بن العاص هو صاحب الخطوة الأولى في بناء مصر الإسلامية فإن أحمد بن طولون هو صاحب أول تجربة لإنشاء كيان مصري خاص داخل الكيان الاسلامي العام.
و لقد قام أحمد بن طولون في أول الأمر في مدينة العسكر و نزل دار غماراتها و أسس فيها بيمارستانا ، كما شرع في تأسيس مدينة جديدة عرفت بالقطائع لتكون مركزا لحكمه و قصرا لجنده و حاشيته الذين اقتسموها. و شيد بها مسجده المعروف الذي انتهى من بنائه في سنة 265 هـ / 879م
و على الرغم من الأموال الطائلة التي أنفقها ابن طولون على هذه الأعمال الا أنه ترك في خزائنه عند وفاته عشرة آلاف دينار من الذهب ، و من المماليك سبعة آلاف مملوك ، من الغلمان أربعة وعشرين ألف غلام و من الخيل الميدانية سبعة آلاف رأس ، و من البغال و الحمير ستة آلاف رأس. وكان يدخل الى خزائنه كل سنة بعد مصاريفه ألف ألف دينار.
وقد اختلفت الآراء بين مادح و قادح ..
فالبعض لا يرون فيه إلا الرحمة و التقوى و البر.
و أخرون لا يستشعرون فيه إلا القسوة و العنف و التجسس.
وقد خلف ابن طولون أبو الجيش خماروية الذي ملك مصر و الشام و كان عليه أن يعمل على :
توحيد الأسرة الطولونية بعد مقتل العباس الابن الأكبر لأحمد ن طولون.
طبقا لوضصية أبيه أن يتولى بلاد الشام و منطقة الثغور.
الاهتمام بالجيش بصفته عدة الدولة في نضالها من أجل البقاء و من أجل النفوذ و القوة.
تجنيد العرب و انتقاء من عرف بالشجاعة و الشدة و البأس و ضخامة الجسم.
عدم البخل على افراد الجيسش و منحهم أعطيات منتظمة.
شمل النصارى بتسامحه و ظفروا في عهده بحريات لم يفوزوا بها من قبل.
استمال قلوب المسلمين من المصريين و أشركهم في الجيش.
عمل خماروية على الحفاظ على أملاك الدولةالطو لونية في بلاد الشام لأنه اذا فد السيادة على بلاد الشام انتهى أمره في مصر حتى انبعثت الفته من مراقدها و ضاعت عروض السلام هباء في نظرة صاحب الحق الشعي أن يسير لى مصر لانتزاعها بالقوة من خماروية ، فأسرع خماروية و عقد لأبي عبد الله أحمد بن محمد الواسطة على جيش الى الشام على جيش ىخر في البحر رابطت بسواحل الشام استعدادا للطوارىء.
بيد أن خيانة الواسطي بحضة على المسير الى مثر كان سببا في الهزيمة وسهلت للواتالعرا قية الدخول الى دمشق ، إلا أن خماروية أسرع بالخروج في جيش يتألف من سبعين ألف مقاتل .
و بخينة الواسطى و قلة خبرة خماروية بأمور الحرب جعته يصاب الذعر في أول تجربة له ، فاسرع بالفرار أكثر جيشه الى مصر ، إلا أن فرقة مصرية بقيادة سعد بن الأيسر استطاعت أن ترد الأعداء المشغولين في جمع الغنائم على أعقابهم وانقلبت هزيمة خماروية الى نصر استعادة أغلب مدن الشام الى الطولونين.
وقد استخف سعد بخماروية بعد هذا النصر و أراد لانفراد ببلاد الشام مما اضطر خماروية الى الخروج اليه و تغلب عليه و قتله بسبب ما أشيع عن خيانته و من الغيرة نتيجة الشعبية التي حظى بها سعد في بلاد الشام ، وحرص خماروية على تتبع بقية العناصر المناوئة له.
و نجح خماروية أيضا في القضاء على محمد بن أبي الساج في ثنية العقاب من أرض
دمشق و متد نفوذه من برقة حتى الفرات ، و من آسيا الصغرى حتى بلاد النوبة وأرمنية بصورة لم تتوفر له من قبل.
و يفهم من المصادر المعاصرة أنه رغم هذه الانتصارات التي أحرزها خماروية فقد كان البادىء يطلب الصلح و التفاهم مع الخليفة ن إذ كتب الى الموفق طلب الصلح و هو ببلاد الشام.
و لا شك في أن هذا النجاح الذي أحرزه خماروية كان سببا في ذلك التقارب الذي تم بينه و بين يازما الخادم صاحب طرسوس الذي دعا لخماروية على منابر الثغور بعد أن اصبح خماروية أميرا شرعيا يعترف به الموفق و الخلافة العباسية. كما بعث اليه بخمسين ألف دينار ، لهلها ما يستحق على بلاده من خراج.
ثم توفى الموفق ولحق به المعتمد في السنةالتال ية ، و بويع المعتضد بالخلافة فبعث اليه خماروية بالهدايا مع الحسين. كذلك عرض خماروية أن يزوج ابنته قطر الندى لابن الخليفة المعتضد وقد بالغ خماروية في جهاز ابنته وتكلف ذلك ما يقصر دونه الوص من بناء القصور في كل مرحلة على طول الطريق ين مصر و بغداد لنزول العروس ، كما أكثر من الجواهر و التحف.
و لعل خماروية قد أراد بهذا الجهاز أن يبهر الناس بمدى تفوق مثر على حاضرة الخلافة من الحيث الثراء العريض و الذوق الجميل و الصنعة البديعة.
و مع هذا فقد ترك خماروية بصمات واضحة في مختلف النواحي السياسية والاقتصادي ة و الحضارية. إذ قدر لمدينة القطائع أن تنطلق في عهده بعد أن أضاف اليها اضافات تتم على يد فنان ذواقة ، سوف نشير اليها بالتفصيل في الفصل الخاص. و انه لم يبخل على نفسه بنعيم الحياة و لم يبخل على الناس بعطاياه. و استكثر من الجواري و الغلمان حتى شاع أمره و كثرت نفته على طعامه لدرجة أن الباقي من مطبخه من أصناف المأكول كان يزيد عن حاجة الخدم فيبيعونه.
وخلف خماروية ابنه الأكبر أبو العساطكر في يالرابعة عشرة من عمره لا يحسن من المر شسئا ، و التف حوله طائفة من أمثاله الغلمان و الملهين أمثال بندكوش و خضر فأفسدوا أمره و زينوا له قتل عمه أبي العشائر و هو نصر بن أحمد بن طولون فدس له من قتله. فنفر منه الجند و عولوا على خلع,
و كان مقتل أبي العساكر في العاشر من جمادى الآخرة بعد أن استمرت ولايته تشعة أشهر و اثنى عشر يوما.
وخلف أا العساكر أخوه أبو موسى هارون وكانت بيعته بغير عطاء للجند ، فثبت ملكه بعد أن تم التخلص من جميع حاشية اخيه جيش .ز بيد أن أحوال البلاد كانت مضطربة ولم يكن يرجى صح عل يديه. و كان جند الدولة الطولونية قد فسد أمره وتفرقت وحدته لأنه كان يتكون من فرق الترك , أخرى من السود . و جماعات من المرتزقة أهمهم الروم.
الى هذا أن ربيعة بن أحمد بن طولون هو عم هارون قد أنكر ولاية هذا الغلام وحدثته نفسه بطلب الولاية لنفسه إلا أن هارون استطاع بضل اعتماده على طوائف الجند من السود القضاء على عمه ربيعة ن وف ي ذلك الحين ورد على هارون خبر وفاة الخليفة المتضد روج أخته قطر الندى و تولى ابنه محمد الملقب بالمكتفي الخلافة. كما بدأت في الوقت نفسه حركة القرامطة ، فتصدى لها هارون و تمكن جنده من الثبات في وجهها مما كان قد بقى لجيشه من قوة. وزاد الطينة بلة تلك الوحشة التي وقعت بينه و ين الخليفةالم كتفي.
كان محمد من خدم أحمد بن طولون ن اذ استخدمه لؤلؤ الطولوني كاتبا له ، فلما انحرف لؤلؤ بنى طولون الى رجال الخلافة العباسية انحرف معه محمد بن سليمان ومازال يرقى حتى أصبح في جملة القواد حتى ندبه المكتفي للقضاء على آخر الطولونين.
و بينما كان جند العباسيين يستولي على أملاك الطولونين في الشام وثب عدي وشيبان ابنا أحمد بن طولون و انفرد شيبان بالولاية و لقب بأبي المواقيت. فصار يسرع في أموره و يجزل العطاء للجند بعد استيلائه على ودائع أم هارون التي كانت قد خبأتها في دور بعض تجار الفسطاط. و مع ذلك انضم جنده جماعة بعد جماعة الى جند الخليفة المكتفي. و وصل محمد بن سليمان الى العباسية بمديرية الشرقية بعد أن تخلى الناس عن الطولونين ، و تم عزل الفسطاط عن الصعيد و أقبل القائد محمد بن سليمان و من معه و وقف دون الفسطاط.
و بذا انتهت ولاية شيبان التي لم تستمر سوى تسعة أيام ، بل انتهت الدولة الطولونية و اجتهد محمد بن سليمان في إزالة آثارها جملة حتى لم يبق منها شىء و استصفى أموالهم و نهبهاز و حمل جزء اى بغداد و سرق الباقي.
و يقال أن الخليفة المكتفي حاسبه على ذلك و لم يطل مقام محمد بن سليمان بمصر واستبدله الخليفة المكتفي بعيسى النوشري. و عادت مصر من جديد ولاية عباسية كما كانت من قبل بعد أن حكمها بنو طولون ثمانية و ثلاثين عاما.
فرغم كل شىء كان بنو طولون أبر الناس بها و أنفعهم لها ، فهم لم يخرجوا على الطاعة. و يكفي أن نتذكر هنا أنه في أثناء السنوات المظلمة التي عبث فيها الزنج بمصائر الخلافةالع باسية وهبت عيها رييح القرامطة م يكن للخلافة من عماد حقيقي إلا ما يرد من مصر من دنانير الذهب ، ثم إن الطولونيين حملوا عنهم عبء الحرب مع البيزنطين المر الذي يدفعنا الى التساءؤل عن السر الذي جعل محمد بن سليمان الكاتب و جنده يفعلون ببقايا بني طولون .. إذ حملوهم الى بغداد مصفدين في الحديد كأنهم أسرى حرب ثم عاثوا في بلاد مصر و أحرقوا و نهبوا كأنهم يقتحمون بلدا معاديا.
الواقع أننا لانجد تفسيرا لكل ما حدث سوى الانحطاط الخلقي العام لرجال الدولة العباسية. و قاسى الخلفاء منهم قدر ما قاسى بنو طولون ، فقد كانت لاد الخلافة العباسية بأجمعها فريسة لأولئك الطغاة ، و لو تأمل الانسان أفعالهم لأدرك للوهلة الأولى أن حمدان قرمط لم يكن أسوأ من هؤلاء الرجال بحال الذين كانت فوضاهم قد قضت على كل مفهوم الدولة و الحق و النظام.
س: اكتب مقالا تاريخيا توضح فيه مظاهر وتكوين الدولة الفاطمية
ينسب الفاطميون الى فاطمة الزهراء بنت الرسول (ص) وزوجة علي بن أبي طالب و هم من الشيعة. ولقد اختلف المؤرخون في وقت ظهور الشيعة كفرقة دينية سياسية. ولقد كان عليا يطمع في الخلافة منذ اللحظة الأولى التي تلت وفاة الرسول عليه السلام ولكن المنصب فاته بإختيار أبي بكر الصديق لمنصب الخلافة لما له من مميزات.
وكان من الطبيعي ألا يرضى علي بذلك وشايعه في موقفه كثيرون مما أفضى الى حدوث الانقسام بين المسلمين ، ولكن بفضل سياسة أبي بكر وحزم عمر ظلت بذور الانقسام مكبوته لا تقوى على الانطلاق الا في عصر عثمان ن عفان . وتولى معاوية زعامة المعارضة تحت زعم المطالبة بثأر عثمان والانتقام من قتلته و من حماة هؤلاء القتلة. إلا أن الحجة كانت ليثير بها شعور المسلمين على علي واتباعه ولم تكن إلا شعارا وهميا اختفى.
و بعد عثمان رضى الله عنه استيقظت عوامل الخلاف من جديد والتف رجال بني أمية حوله يوجهون سياسته حتى ثارت الفتنة التي أودت بحياته ولم يرضى معاوية بن أبي سفيان عن اختيار على بن أي طالب خليفة عقب مقتل عثمان ، وقاد النضال في عنف و اصرار شديدن مستعملا كل ما أوتي من مكر و دهاء ، فظهر في الدولة حزبان .. حزب عثمان على رأسه قريبه معاوية و هم يمثلون بني أمية وحزب علي بن أبي طالب رأس بني هاشم .
ولقد انتهى الصراع بين الحزبين في موقعة صفين بالتحكيم عند أذرع بين الشام والعراق وظهر الخوارج بزعامة عبد الله بن وهب الراسبي الذين قتلوا عليا رضى الله عنه في رمضان.
و لاشك أن تلك النهاية المؤلمة التي انتهت بها حياة علي بن أبي طالب و نجاح خصمه و تاسيس الدولة الأموية زاد من شعور العطف على أهل البيت ووقف أتباع الشيعة الى جانب أولاد علي يحرضونهم بحقهم في الخلافة.
فرشحوا أولا الحسن ين علي ولك الحسن كا ن رجلا بعيد النظر ورأى أن أهل الشام و مصر و الحجاز و اليمن قلوبهم مع معاوية ، و رأى كذلك أن أهل العراق لا يمكن أن يعاونوه ضد معاوية، لذلك قنع بمسألة معاوية و نمازل عن حقه في الخلافة.
و نجح معاوية في أن يستميل الناس و يصطفيهم لنفسه و لأسرته حتى تمكن من أن يخمد دعوة الشيعة مؤقتا و أخذ البيعة لابنه يزيد قبل موته.و تجددت الفتنة بمجرد ولاية يزيد الخلافة و ثارت أهم المدن الاسلامية يطالبون حضور الحسين بن علي إليهم و يحرضونه على المطالبة بالخلافة فهو أحق بها من يزيد بن معاوية ، وأحسن الحسين الظن بأهل الكوفة و سارع بالسير إليهم ، غير انهم تخلفوا عن نصرته و تقدم عبيد بن زياد ، عامل يزيد على العراق لمقاتلته و لم يستطع الحسين أن يصمد أمامه بجيشه القليل فهزم هزيمة نكراء و قتل قتله شنيعة في موقعة كربلاء.
و جاءت كارثة كربلاء لتزيد من مضاعفة شعور العطف على آل البيت وهب الشيعة في كل مكان يطالبون بثأر الحسين ، فاشتد النزاع بين الأمويين و العلويين واحتدم بعد مقتل الحسين ، و زاد اضظهاد الخلافة الأموية للشيعة.
وقد استفاد بنو العباس و هم فرع آخر من البيت الهاشمي من هذه الحالة و مكروا بالشيعة العلوية و جعلوا الدعوة للخلافة عامة و شاملة و هم أيضا من أبناء ابيت النبوي. و نجح العباسيون في الدعوة لأنفسهم سرا تحت شعار الدعوة للرضا من آل محمد ، و اشتد ساعد الدعوة السرية للعباسيين عندما نهض بها أبو مسلم الخراساني حتى انتهى الأمر بسقوط الخلافة الأموية.
, أخيرا أفاق العلوييون و أدركوا أن بتي العباس قد خدعوهم عندما جعلوا الدعوة للرضا من آل محمد دون تحديد لاسم أو فرع و لم يرض العلويون عن تلك النتيجة الفاشلة و يدوءا صفحة جديدة من النضال لانتزاع حقهم في الخلافة ، فقد اعتمدوا أساسا على الحيلة و الدعوة السرية و لم يتركوا فرصة إلا اغتنموها ضد العباسيين حينا في الحارز و أحيانا في جنوب العراق و في هذه الثورات المسلحة سقط شهداء حد