تدمير المناطق الساحلية ينذر بكارثة بيئية
ارتفاع حرارة المحيطات يؤدي إلى تشكل أمواج تهدد السواحل (أرشيف)
حذر تقرير صادر عن المعهد العالمي للموارد من أن تدمير المناطق الساحلية في العالم يتزايد تحت ضغط الزيادة السكانية مما قد يؤدي إلى تهديد خطير لتوازن أنظمة البيئة البحرية. وذكر تقرير المعهد الذي يتخذ من واشنطن مقرا له أن حوالي 30% من الأراضي الواقعة قبالة السواحل قد تعرضت لتغيرات كبيرة أو دمرت بكل بساطة بسبب التدفق السكاني والنشاط الصناعي والسياحة.
ويعيش أربعة أشخاص من كل عشرة في مناطق لا تبعد أكثر من 100 كلم عن الشواطئ. ويقول رئيس المعهد جوناثان لاش "إننا نشهد انفجارا سكانيا يزحف على المناطق الساحلية, وكلما ازداد النمو السكاني ازداد الضغط على أنظمة البيئة الساحلية أيضا".
وقال معدو التقرير إن مستقبل المناطق الساحلية والبحيرات والمستنقعات والشعب المرجانية سيكون قاتما إذا لم تتغير الأمور بسرعة. ويعتبر تراجع الثروة السمكية وارتفاع معدلات التلوث وزيادة تراجع المساحات الساحلية وتقلص التنوع البيولوجي أوضح دليل على الاستغلال السيء للسواحل.
ويرى هؤلاء أن 75% من الثروة السمكية استنفدت تماما او استثمرت بشكل تجاوز الحدود التي تتيح تجددها بشكل طبيعي. كما أن ظاهرة تقلص السواحل تعتبر مشكلة متفاقمة خصوصا في الجزر. ففي الكاريبي على سبيل المثال أثرت هذه الظاهرة على 70% من الشواطئ في السنوات العشر الماضية, وحذر معدو التقرير من خطورة ذلك على السياحة.
وحذر معدو التقرير من خطر ارتفاع حرارة المحيطات الذي من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه 95 سنتيمترا قبل نهاية القرن الحالي, لأن المناطق الساحلية ستغمر بالمياه وستدمر التجمعات السكنية، كما سيرتفع مستوى الملوحة في آبار المياه الجوفية.
ويقول المعهد إن حماية الشواطئ, خصوصا في الدول الصغيرة وفي تلك التي تملك مساحات قليلة من الأراضي الخصبة, يجب أن تصبح من الأولويات. ويذكر التقرير على سبيل المثال اليابان, إذ خصصت الحكومة 40 مليار دولار لحماية 46% من شواطئ الأرخبيل.
ويورد التقرير جملة من الحقائق المثيرة للقلق, فقد اختفت في السنوات الخمسين الماضية 85% من غابات أشجار القرم المنتشرة عند الشواطئ الاستوائية, خصوصا في تايلند والفيلبين وباكستان وبنما والمكسيك. كما أن التلوث الناجم عن رمي النفايات السامة في البحر بالقرب من الشواطئ والذي يترافق مع اختفاء العناصر القائمة على تنقية الشواطئ من هذا التلوث, يؤدي إلى اتساع المناطق البحرية الخالية من الحياة مثل خليج المكسيك.
وقد تضاعفت المساحات التي تنمو فيها الطحالب المضرة أربع مرات في العشرين عاما الماضية, وأدت منذ عام 1991 إلى خسائر بلغت 300 مليون دولار من الأسماك النافقة ومشاكل في الصحة العامة وتراجع السياحة البحرية. وتمكن العلماء من تحديد 480 نوعا دخيلا أو متكاثرا بكميات مقلقة في البحر الأبيض المتوسط و89 نوعا في بحر البلطيق و124 نوعا في المياه الأسترالية.
وغالبا ما تنتقل هذه الأنواع بواسطة سفن الشحن عابرة المحيطات لتهدد الأنظمة البيئية المحلية. وقد أدى مثلا وصول نوع من قناديل البحر عرضا من المحيط الأطلسي إلى البحر الأسود إلى تداعي صناعة صيد سمك الأنشوفة.
ويخلص التقرير إلى القول إن هذه المؤشرات تظهر أن الأنظمة البيئية الساحلية لهذا الكوكب تنقرض بسرعة كبيرة. والتحدي الذي يواجهنا يكمن في إيجاد وسيلة لتلبية متطلبات النمو السكاني, وأن نعمد في الوقت نفسه إلى حماية الأنظمة البيئية التي تعتبر أساس الحياة.